الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ريمونتادا سورية| دمشق تعود لأشقائها في الجامعة العربية.. و3 ملفات تنتظر الحسم|خاص

مقعد سوريا في جامعة
مقعد سوريا في جامعة الدول العربية

في حدث تاريخي وعرس عربي، عادت سوريا إلى بيتها في 7 مايو الماضي بعد أن تبنت الدول العربية، في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري برئاسة مصر، قرارا يفيد بعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة بعد انقطاع دام لـ 12 عاما، وهو القرار الذي الفتح الباب لمشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية التي تم إنعقادها في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.

أقرت الجامعة العربية خلال اجتماعها مايو الماضي، 6 بنود رئيسية أوضحت من خلالهم موقفها الداعم للدولة السورية ورفضها لأي تدخلات أجنبية عسكرية أو سياسية في سوريا، كما اعترفت بوحدة الأراضي السورية مع ضرورة خروج القوات الأجنبية من البلاد، وجاءت البنود كالتالي:

تضامن عربي

أعربت الجامعة عن تضامنها التام مع الشعب السوري إزاء ما يواجهه من تحديات تطال أمنه واستقراره، وما يتعرض له من انتهاكات خطيرة تهدد وجوده، وحياة المواطنين الأبرياء، ووحدة وسلامة الأراضي السورية.

ورحبت الجامعة بالجهود المبذولة من أجل تهيئة الظروف الملائمة الرامية إلى تحريك مسار التسوية السياسية الشاملة في سوريا، والحرص على تفعيل الدور العربي القيادي في جهود حل الأزمة السورية لمعالجة جميع تبعاتها الإنسانية والأمنية والسياسية مع وضع الآليات الالزمة لهذا الدور.

كما قررت تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها وسلامتها الإقليمية، وذلك استنادا إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومبادئه، والتأكيد على أهمية مواصلة وتكثيف الجهود العربية الرامية إلى مساعدة سوريا على الخروج من أزمتها.

وتم التأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ الخطوة مقابل الخطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم ،2254 بدءا بمواصلة الخطوات التي تتيح إيصال المساعدات الإنسانية لكل محتاجيها في سوريا، وبما في ذلك وفق الآليات المعتمدة في قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

كما قررت الجامعة العربية تشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر والأمين العام، لمتابعة تنفيذ بيان عمّان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها، وفق منهجية الخطوة مقابل خطوة، وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 وتقدم اللجنة تقارير دورية لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري.

وفي ختام المحادثات تم إقرار استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها.

وبعد هذه القرارات والمواقف الداعمة التي اتفقت عليها الدول العربية وفتحت صحفة جديدة في العلاقات مع الدولة السورية، يأتي السؤال كيف سيكون للتقارب العربي السوري التأثير اللازم لعودة الدولة السورية كدولة متكاملة الأركان وبسط نفوذها على كامل أرضيها؟

خطوة في طريق طي صفحات الماضي

يجيب على هذا السؤال المتحدث باسم المصالحة السورية، عمر رحمون، قائلا إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية تعتبر خطوة في طريق طي صفحات الماضي وتصحيح لخطأ سابق، خاصة أن إخراج سوريا من الجامعة العربية عاد بالضرر على الجانبين.

وأضاف رحمون، أن عودة سوريا تفتح مجالات كثيرة لحلحة الأزمة السورية، كما أن وجود الدول العربية بجانب سوريا يقلل من التدخل الإقليمي والدولي في حل الأزمة، لافتا إلى أن الغياب العربي في سوريا السنوات الماضية فتح المجال أمام دول إقليمية ودولية أن تكون موجودة بالداخل السوري ويكون لها دور في المساهمة في حل الأزمة بدون الوجود العربي مثل مؤتمر سويتشي ومؤتمر آستانا وهما المؤتمران الذان كانا يحضران بهما تركيا وروسيا وإيران مع غياب كامل للدول العربية.

وأشار إلى أن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية سيعزز الدور العربية في حل الأزمة السورية، ويكون للدول العربية دور فعال وداعم لـ سوريا ومساعد في حل مشاكلها، بالإضافة إلى إخراج الاحتلال التركي والأمريكي، وعقد مصالحة مع أطياف الشعب السوري لحل الأزمة.

وعن عودة اللاجئين، وأوضح رحمون أن الأزمة السورية أصبحت أزمة دولية وليست إقليمية أو عربية فقط، لأن هناك قرارات لمجلس الأمن دولي والدول العالمية لا يمكن إغفال النظر عنها، لافتا إلى أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية سيساهم في عودة اللاجئين المتواجدين في الدول العربية.

وتابع المتحدث باسم المصالحة السورية: "ستكون هناك مساعدات وتعاون بين سوريا والدول العربية المجاورة لها لضبط العديد من القضايا المشتركة مثل التعاون في وقف أعمال تجارة المخدرات والسلاح وإعمال التهريب المختلفة عبر الحدود المشتركة التي كانت تحدث بسبب ضعف الكوادر المسؤولة عن ضبط الحدود في السابق".

ولفت إلى أن قضية عودة اللاجئين السوريين بحاجة إلى تعاون دولي، موضحا أنه إذا قولنا إن عودة سوريا إلى الجامعة العربية هي مقدمة لتشكيل فريق عربي لبحث الأزمة دوليا وإقليمية وإيجاد حل لها، فبذلك يكون هناك فرصة لعودة اللاجئين من البلاد المجاورة.

وأضاف رحمون أن اللاجئين الذين نزحوا من سوريا هم نتيجة وليسوا سببا، لأن السبب الأول في الأزمة السورية هي الحرب التي شنت على سوريا، والسبب الثاني هي العقوبات الغربية المفروضة عليها.

وأشار إلى أن توقف الحرب الآن في سوريا هو شئ جيد، ولكن عودة اللاجئين إلى البلاد بحاجة إلى رفع العقوبات المفروضة عليها حتي تتمكن الدول السورية من تفعيل مؤسساتها وإحتواء اللاجئين.

وتابع: "نحن أمام عدة خطوات وعودة اللاجئين مسئلة لا يتم الحديث عنها منفصلة عن باقي باقي القضايا"، لافتا إلى أنه لا بد من رفع العقوبات الغربية "الأوروبية والأمريكية" ومنها قانون قيصر، وإعطاء الدولة السورية أنفاسها حتي تستعيد إمكاناتها وتعود وتقف علي رجليها وتستطيع استقبال اللاجئين وتسكينهم.

وبخصوص إعادة الإعمار في سوريا، قال المتحدث باسم المصالحة السورية، إن قضية إعادة الإعمار شأنها شأن قضية اللاجئين، وهما قضيتان يرتبطان برفع العقوبات الغربية عن سوريا.

وشدد على أنه بعدم رفع العقوبات لن تتمكن أي دولة بمساعدة سوريا في إعادة الإعمار ولن يتمكن اللاجئين من العودة، أما إذا تم رفع العقوبات ستستطيع سوريا القيام بإعادة الإعمار وسيكون للدول العربية أولوية في ذلك.

عمر رحمون المتحدث باسم المصالحة السورية

تقوية الموقف السوري لاستعادة أرضيها

وقال غسان يوسف، الكاتب والباحث السياسي السوري، إن العودة إلى جامعة الدول العربية نقلت سوريا من محور المحادثات بين الدول العربية بغيابها، إلى دولة مشاركة في المحادثات المشتركة وصناعة القرارات معهم.

وأضاف يوسف أن تواجد سوريا في الجامعة العربية كان ضروريا حتي لا يتم أخذ قرارات خالية من الاجماع العربي، خاصة أن دمشق من الدول المؤسسة للجامعة وذلك يعطي ثقل وقوة أكبر للقرارات المتخذه.

وعن وجود أرضي غير خاضعة للإدارة السورية، أشار يوسف إلى أنه بعودة سوريا إلى الجامعة العربية سيكون موقفها أقوي ضد الدول التي تحتل أراضيها، باعتبار أن الدول العربية ترفض الوجود التركي والأمريكي في سوريا والاحتلال الإسرائيلي في الجولان.

ولفت إلى أن العودة السورية إلى البيت العربي سيساهم في عودة اللاجئين، خاصة إذا كان هناك إرادة حقيقية لذلك من دول الجوار ، وهناك تعاون مثمر في هذا الشأن مع كلا من العراق ولبنان.

وبالنسبة لتحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد، قال الباحث السياسي، إن هذا هو الهدف المنشود ولكن تعاني سوريا من قانون قيصر الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية والذي يعاقب كل من يتعامل مع الشركات السورية والبنك المركزي والحكومة السورية، لذلك لا بد من الدول العربية المطالبة برفع العقوبات المفروضة على سوريا من قبل الدول الغربية.

وأضاف أنه بالرغم من عدم وجود عقوبات من قبل الأمم المتحدة على سوريا إلا أن الولايات المتحدة بالشراكة مع الدول الأوروبية هي التي أشعلت الحرب في سوريا وقدمت السلاح للمجموعات المسلحة، كما دعمت الجماعات الراديكالية.

كما علق يوسف على ملف إعادة الإعمار، موضحا أن سوريا كانت تقول إن إعادة الإعمار سيكون للدول الصديقة وتعني روسيا والصين وإيران، ولكن مع التقارب العربي السوري سيكون بالطبع للدول العربية نصيب كبير به خاصة دول الخليج.

غسان يوسف الكاتب والباحث السياسي السوري

عودة المسار العربي العربي الطبيعي

وعلى جانب آخر، قال محمد هويدي، المحلل السياسي السوري، إن المسار الطبيعي للعلاقات العربية العربية كان عودة سوريا إلى جامعة الدول كون سوريا من الأعضاء المؤسسين لها، لذلك كان لابد من عودتها ليستمر النصاب ويكون للجماعة العربية دورا فاعلا وعمليا لمعالجة كافة القضايا الإقليمية والعربية.

وأوضح هويدي أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية والتنسيق المشترك لمواجهة الأزمة التي تعاني منها دمشق، سيمهد لعود الدولة السورية للسيطرة على كافة أرضيها، وهذا ما كان ينض عليه البيان الثنائي بين وزيري الخارجية السعودي والسعوري في جدة، حيث تدعم المملكة العربية السورية جهود الدولة السورية للسيطرة واستعادة كافة أراضيها، وأيضا للقضاء على كافة الجماعات الإرهابية.

وتابع: "الجامعة العربية أيضا كان موقفها واضح تجاه الأزمة السورية، فهى ترفض تقسيم الأراضي السورية وترفض كافة المشاريع التي ترسم لها وتدعم وحدة أراضيها، والإشارة هنا إلى المشروع التركي في شمال غرب سوريا والمشروع الأمريكي في الجزيرة السورية، وهما المشروعان الذان يمهدان لتقسيم البلاد"، لافتا إلى أن عودة سوريا وانفتاحها على دول العربية سيفشل هذين المشروعين.

وأضاف هويدي أن عودة سوريا للجامعة العربية سيمنحها الكثير من القوة في التفاوض إن كان مع تركيا في مفاوضاتها التي تنعقد الآن، أو مع الولايات المتحدة الأمريكية خاصة أن هناك تقارير تفيد بوجود مفاوضات جارية بين الجانبين برعاية سلطنة عمان، بالتالي فأن عودة سوريا سينعكس بإجابية على الملف السياسي والاقتصادي وسيدفعها نحو استعادة أرضيها ووجود حلول ومقاربات مع الدول الآخري.

كما علق المحلل السياسي السوري على إمكانية عودة اللاجئين السوريين، قائلا إن هناك 3 ملفات رئيسية في سوريا وهم الملف الإنساني والملف الأمني والملف السياسي، لافتا إلى أن هناك دول تضررت من الازمة السورية ونزوح اللاجئين بالأخص الأردن ولبنان، لذلك هذه الدول تبحث عن حلول لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم بالتنسيق مع الحكومة السورية.

وأضاف أن ملف عودة اللاجئين السوريين يسير بشكل جيد ولكنه يحتاج إلى وقت طويل لأنه يتعلق بإعادة ترميم البنية التحتية في إعادة الإعمار والاستقرار الاقتصادي، مشيرا إلى أن سوريا تعرضت للعديد من الأزمات بدأت من الحرب ثم أزمة جائحة كورونا تلتها كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد، بالتالي فأن الأوضاع بحاجة إلى معالجة اقتصادية ضخمة حتي تنعكس على الحياة المعيشية للمواطن السوري.

وأوضح هويدي أنه بالرغم من الأزمات التي تعرضت لها سوريا مازالت المؤسسات الأمنية والسياسية والاقتصادية قائمة، ووجود هذه المؤسسات سيمهد ويسهل عودة اللاجئين.

وأشار إلى أن الأمر الإيجابي الذي حدث في سوريا أن مؤسسات الدولة لم تسقط ولم تفكك، لذلك وحتي هذا الوقت مازالت مؤسسات الدولة قائمة، وبالتالي من خلال عودة سوريا إلى الجامعة العربية وعودة العلاقات العربية العربية وتفعيل الاتفاقيات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعلقة بميثاق الجامعة العربية، بالتأكيد سينعكس الوضع بشكل إيجابي على الداخل السوري وعلى مؤسسات الدولة التي ستتمكن من تحسين الوضع المعيشي للشعب بدعم عربي روسي صيني.

وعن إعادة الإعمار، قال هويدي إن سوريا بحاجة إلى إعادة الإعمار ولكنها تصطدم بقانون قيصر الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية والذي يعرقل أي عملية لإعادة الإعمار، لذلك وقبل عودة اللاجئين لابد من تجميد قانون العقوبات الأمريكي للسماح للدول العربية والصين وروسيا والشركات الدولية بالدخول إلى سوريا وإعادة ترميم البنية التحتية والعمل بداخلها.

ولكن تسائل هويدي: "هل بالإمكان تجميد قانون قصير الأمريكي المفروض على سوريا؟"، مضيفا أن هذا الأمر يحتاج إلى جهود عربية وضغوطات ومحاولات لإيجاد مقاربة مع الولايات المتحدة من خلال استخدام ما يسمي بـ "دبلوماسية الزلزال"، وهو المصطلح الذي أطلق خلال حدوث الزلزال المدمر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية للاماكن المتضررة، والذي من الممكن أن يساعد في تجميد قانون العقوبات لفترة زمنية في الوقت الذي يتم فيه التقدم في الملف الأمني والسياسي، وربما تنجح الدول العربية في تجميد هذا القانون بهذه الطريقة.

محمد هويدي المحلل السياسي السوري