الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العشر الأوائل من ذي الحجة| أزهريون: أيام معلومات يستحب فيها كثرة الذكر.. وأمين كبار العلماء: مواسم الخير لصلاح الإنسان في الدنيا والآخرة

موسم الحج
موسم الحج

العشر الأوائل من ذي الحجة

أزهريون:

هي أيام معلومات يستحب فيها الإكثار من ذكر الله

مواسم الخير «أزمنة» جعلها الله مضاميرًا لعبادته وصلاحا للإنسان في دنياه وأخراه

الحج من أهم مواسم الخير وإعجاز للشرع الحكيم وفيه طاعات وبركات لمن وفقه الله لأدائها

 

اجتمعت كلمة خطباء الأزهر والأوقاف، حول الحديث عن فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة، حيث خصصت الأوقاف خطبة اليوم، للحديث عن "مفهوم العمل الصالح وفضل العشر"، فيما خصص الأزهر الحديث حول “مواسم الخيرات خير في الأولى والآخرة”. 

وقال الدكتور حسن الصغير، الأمين العام لهيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن من جمال ما فرض الله علينا ، وسنّه لنا من عبادات جعلها في مواسم للخير، أنه- سبحانه وتعالى- وازن في مواسم الخير بين تيسير عبادته والتقرب إليه، وبين صلاح الكون وإصلاحه في نسق عظيم لا يصدر إلا من لدن حكيم خبير.

وأوضح الدكتور حسن الصغير، خلال خطبة الجمعة اليوم من الجامع الأزهر، ودار موضوعها ، أن مواسم الخير هي أزمنة جعلها - سبحانه وتعالى - مضاميرا لعبادته وصلاحا للإنسان في دنياه وأخراه، وموسم الحج واحد من أهم هذه المواسم فإذا تدبرنا هذه المواسم وقفنا على أنها إعجاز للشرع الحكيم، فهي مواسم للطاعات والبركات لمن وفقه الله لأدائها.

وطاف الأمين العام لكبار العلماء، حول آيات سورة المزمل؛ قال تعالى{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (٢) نِّصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤)}، مضيفا: ففي السورة الكريمة موسم يومي للطاعة وهو الصلاة المفروضة، إضافة إلى نافلة قيام الليل في قوله تعالى {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَىٰ مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ ۚ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ ..٢٠)}.

وأوضح أن الطاعة في قيام الليل تتفاوت بحسب ما وفق الله العباد لطاعته، وهناك مواسم أسبوعية للطاعة؛ مثل: صلاة الجمعة التي فرضها الله على كل من توفرت فيه الشروط، فمن مِنَحِهِ - جل في علاه- أن جعل اليوم كله موسما للطاعة والعبادة ينهل منه جميع العباد، ففي فضل يوم الجمعة قال تعالى{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}.

وبّين الدكتور حسن الصغير، أن هناك مواسم كثيرة للخيرات على المسلم أن يغتنمها فإلى جانب الصلاة المفروضة والنوافل، وهناك الزكاة المفروضة على كل مسلم، والصدقات التي يتقرب بها المسلم إلى الله، فعن أبي هريرة  رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: من تصدق بعَدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلُوَّه حتى تكون مثل الجبل"، وكذا صيام النوافل وغيرها من الأعمال الصالحات التي ينبغي على العبد أن يكتسب ثوابها ويقدمها لحياته الآخرة قال تعالى "وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"

وختم الأمين العام لهيئة كبار العلماء، خطبته، بأننا قاب قوسين أو أدنى من خير أيام العام التي يكثر فيها الخير، قال المعصوم ﷺ في فضل عشر ذي الحجة؛ "ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ . قالوا : يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجل خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ"، فيجب علينا أن نجاهد أنفسنا لاغتنام فضل هذه الأيام حتى نظفر بثوابها وفضلها.

وفي إطار التعاون المشترك والتنسيق المستمر بين وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، وبرعاية كريمة من فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، ووزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، انطلقت  قافلة دعوية مشتركة بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف إلى  محافظة المنوفية ، . 

وضمت عشرة  علماء: خمسة من علماء الأزهر الشريف، وخمسة من علماء وزارة الأوقاف، ليتحدثوا جميعًا بصوت واحد حول موضوع: "مفهوم العمل الصالح وفضائل العشر"، مؤكدا أن مفهوم العمل الصالح في الإسلام عام واسع، يشمل ما فرضه الله تعالى على عباده من الطاعات  والعبادات، كما يشمل طيِّب الأخلاق وجميل القِيَم التي تُسهم في بناء مجتمع مترابط، يسوده التسامح والتآخي والتكافل والتراحم.

ويقول الحق- سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، ويقول- سبحانه-: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ويقول- (صلى الله عليه وسلم)-: :إِنَّ أَحبَّكم إليَّ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ"، ويقول- (صلى الله عليه وسلم)-: "إِنَّ أَبْوَابَ الْخَيْرِ لَكَثِيرَةٌ: التَّسْبِيحُ، وَالتَّحْمِيدُ، وَالتَّكْبِيرُ، وَالتَّهْلِيلُ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَتُسْمِعُ الْأَصَمَّ، وَتَهْدِي الْأَعْمَى، وَتَدُلُّ الْمُسْتَدِلَّ عَلَى حَاجَتِهِ، وَتَسْعَى بِشِدَّةِ سَاقَيْكَ مَعَ اللَّهْفَانِ الْمُسْتَغِيثِ، وَتَحْمِلُ بِشِدَّةِ ذِرَاعَيْكَ مَعَ الضَّعِيفِ ، فَهَذَا كُلُّهُ صَدَقَةٌ مِنْكَ عَلَى نَفْسِكَ".

كما أن مفهوم العمل الصالح يعمُّ كل ما يسهم في عمارة الأرض، وتنمية الأوطان، ونفع الإنسان، حيث يقول الحق سبحانه: "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا، فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ، إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ". 

وامتن الحق- تبارك وتعالى- علينا بمواسم للخيرات، يضاعف فيها ثواب العمل الصالح، ويُجزِل فيها لعباده العطاء، ومن أعظم هذه المواسم العشر الأُول من ذي الحجة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشْرِ".

ويقول- (عليه الصلاة والسلام)-: "مَا مِنْ أيَّامٍ العَمَلُ الصَّالحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إلى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأيَّامِ العَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، ولا الجهادُ في سَبِيلِ اللهِ؟ فقال (صلَّى اللهُ عليه وسلَّم): ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ، إلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ"، ويقول ابن رجب (رحمه الله): "لَمَّا وضع اللهُ سبحانه وتعالى في نفوس عباده المؤمنين حنينًا إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كلُّ أحد قادرًا على مشاهدته كل عام؛ فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسمَ العشر مشتركًا بين السائرين والقاعدين".

كما أوضحوا أن العشر الأول من ذي الحجة هي الأيام المعلومات التي يستحب فيها الإكثار من ذكر الله تعالى، حيث يقول الحق سبحانه: "وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ"، والذكر حياة القلوب وسكينتها وطمأنينتها، يقول سبحانه: "الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ"، ويقول تعالى: "وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "فأكثروا فيهنَّ – أي: في أيام العشر- من التهليل والتكبير والتحميد"؛ لذلك كان سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يكبِّر في قبته بِمِنًى في أيام العشر، فيسمعه أهل المسجد فيكبِّرون، ويكبِّر أهل الأسواق حتى ترتج منًى تكبيرًا، كما كان ابن عمر (رضي الله عنهما) يكبِّر بِمِنًى تلك الأيام خلف الصلوات وعلى فراشه، وفي مجلسه وممشاه، وأن من الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة الإكثار من الصيام، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ الله بَاَعَدَ اللهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ؛ جَعَلَ اللهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ خَنْدَقًا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ"، وكان (صلى الله عليه وسلم) يَصومُ تِسعَ ذي الحجّةِ، ويَومَ عاشوراء، وثلاثةَ أيّام مِن كلّ شهرٍ.

ومما لا شك أن تفقُّد أحوال الفقراء والمساكين واليتامى والمُحتاجين وسد حاجتهم من أحب الأعمال وأفضلها في هذه الأيام المباركة، لا سيما مع قرب عيد الأضحى،  حيث تُدخل الصدقاتُ البشرَ والسرورَ في قلوب الناس، يقول الحق سبحانه: "مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ"، ويقول سبحانه: "وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ}، ويقول تعالى: "الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "أَحَبُّ الناسِ إلى اللهِ أنفعُهم للناسِ، وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ؛ تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تقضِي عنه دَيْنًا، أو تَطرُدُ عنه جوعًا، ولأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ؛ أَحَبُّ إليَّ من أن اعتكِفَ في هذا المسجدِ- يعني: مسجدَ المدينةِ- شهرًا".