الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اقرأ أول أربع صفحات من سورة الصافات .. فضلها عظيم فلا تهملها

قراءة القرآن
قراءة القرآن

يغفل الكثيرون عن فضل قراءة القرآن ليلاً، ومن ذلك قراءة سورة الصافات وأول أربع صفحات منها، خاصة في الثلث الأخير من الليل أو ما بعد العشاء وقبل النوم.

قراءة سورة الصافات 

سورة الصافات واحدة من السور المكية التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة، ويبلغ عدد آياتها مائة واثنان وثمانون آية، وتقع في الجزء الثالث والعشرون من المصحف الشريف.

نزلت سورة الصافات توضيحاً لبعض الأمور التي كان العرب قديماً ينشرونها وهي أن الله عز وجل يتزوج من الجان وأن الملائكة نتيجة هذا الزواج، كما أنها نفت وصف الملائكة بالإناث، وأكدت على وحدانية الله تبارك وتعالى.

وسورة الصافات هي سورة الرحمة كونها اشتملت على آيات قرآنية تشفي المريض عند قراءتها عليه، وهي سورة الصاعقة كونها احتوت على آيات تسبب الصعق الشياطين والجن عند قراءتها، مما يسبب لهم النفور والابتعاد عن البيت، وهي سورة الناطقة، لأن من يقرأها له القدرة على انطلاق الجن الذي يتلبس بالشخص فيخرجه منه.

وسُمّيت سورة الصافات بهذا الاسم؛ لأن الله -تعالى- أقسم في بدايتها بالصافات، في قوله: (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)، وكلمة الصافات أي الملائكة، وقد وصف الله تبارك وتعالى الملائكة بالصافات؛ لأنهم يكونون مُتراصين صُفوفاً بجانب بعضهم البعض في طاعتهم لربهم، وقيل: لأنهم يصفون أجنحتهم في السماء لتنفيذ أوامر الله، وممن ذهب إلى هذا القول ابن عباس، وابن مسعود، وعكرمة، وغيرهم.

ذكر ابن كثير في تفسير سورة الصافات، قول النسائي: أخبرنا إسماعيل بن مسعود ، حدثنا خالد - يعني ابن الحارث - عن ابن أبي ذئب قال: أخبرني الحارث بن عبد الرحمن ، عن سالم بن عبد الله ، عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بالتخفيف، ويؤمنا بالصافات. تفرد به النسائي .

وقال سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه أنه قال: (والصافات صفا) وهي: الملائكة، (فالزاجرات زجرا) وهي: الملائكة، ( فالتاليات ذكرا) هي : الملائكة . قال قتادة : الملائكة صفوف في السماء .

وقال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن أبي مالك الأشجعي ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - “ فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض كلها مسجدا وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم نجد الماء ”.

وقد ذهب بعض المُفسرين إلى أن المقصود بالصافات هي الطيور التي تصف أجنحتها في الهواء، ويرى آخرون: إنهم جماعات المُسلمين التي تصف في المساجد للصلاة، ووجه التسمية بالصافات لأن اللفظ وقع فيها بالمعنى الذي أُريد به الملائكة، مع أن اللفظ قد ورد في غيرها من السور مثل سورة الملك، ولكن كان المقصود بها في سورة الملك الطيور وصفتها، فأقسم الله -تعالى- في بداية السورة بالملائكة التي تصف عند عبادتها صُفوفاً، أو لأنها تصف أجنحتها في الهواء، لتنفيذ أوامر الله، وأطلق بعض العُلماء عليها اسم الذبيح؛لأن قصة الذبيح لم ترد إلا فيها، وقسم الله -تعالى- في بدايتها بمخلوقٍ عظيمٍ من مخلوقاته وهو الملائكة؛ فيه دلالةٌ على عِظم القرُآن واستثارته للسماع، ودلالة على عظم الملائكة، وعظيم صفاتها في طاعتها لله.

أعمال تعدل قيام الليل

ومن الأعمال التي تعدل قيام الليل ما يلي:

 1) أداء صلاة العشاء والفجر في جماعة، ورد عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : قال رَسُول  اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ) رواه مالك  ومسلم.

2)  أداء أربع ركعات قبل صلاة الظهر، ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ يَعْدِلْنَ بِصَلاَةِ السَّحَرِ) رواه ابن أبي شيبة، فمن مزايا هذه الركعات الأربع أنها تُفتح لها أبواب السماء، لما رواه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أربع قبل الظهر تفتح لهن أبواب السماء). رواه أبو داود

3)  أداء صلاة التراويح كلها مع الإمام، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الغفاري رضي الله عنه قَالَ : صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَمَضَانَ ، فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ، فَلَمَّا كَانَتْ السَّادِسَةُ لَمْ يَقُمْ بِنَا ، فَلَمَّا كَانَتْ الْخَامِسَةُ قَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا قِيَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، قَالَ : فَقَالَ : (إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا صَلَّى مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ). رواه الإمام أحمد 

4)  قراءة مئة آية في الليل، جاء عَنْ تَمِيمٍ الداريّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَرَأَ بِمِئَةِ آيَةٍ فِي لَيْلَةٍ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ) رواه الإمام أحمد، وقراءة مئة آية أمر سهل لن يقتطع من وقتك أكثر من عشر دقائق ، ويمكن أن تدرك هذا الفضل إن كان وقتك ضيقا بقراءة أول أربع صفحات من سورة الصافات مثلا، أو قراءة سورة القلم والحاقة .

وإذا فاتك قراءتها بالليل فاقضها ما بين صلاة الفجر إلى صلاة الظهر ، ولا تكسل عنها ، تدرك ثوابها بإذن الله تعالى ؛ لما رواه عمر بْنُ الْخَطَّابِ t قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ ، فَقَرَأَهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ ، كُتِبَ لَهُ كَأَنَّمَا قَرَأَهُ مِنْ اللَّيْلِ) رواه مسلم

قال المباركفوري رحمه الله تعالى معلقا على حديث عمر بن الخطاب: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ اِتِّخَاذِ وِرْدٍ فِي اللَّيْلِ ، وَعَلَى مَشْرُوعِيَّةِ قَضَائِهِ إِذَا فَاتَ لِنَوْمٍ أَوْ لِعُذْرٍ مِنْ الأَعْذَارِ , وَأَنَّ مَنْ فَعَلَهُ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ إِلَى صَلاةِ الظُّهْرِ ، كَانَ كَمَنْ فَعَلَهُ فِي اللَّيْلِ ، وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ النَّبِيَّ r كَانَ إِذَا مَنَعَهُ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً اهـ تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري ( 3/185  ح 581) . .

(5)  قراءة الآيتين من آخر سورة البقرة في الليل، عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَرَأَ بِالآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ) رواه البخاري.

قال النووي رحمه الله تعالى : قِيل : مَعْنَاهُ كَفَتَاهُ مِنْ قِيَام اللَّيْل، وَقِيلَ: مِنْ الشَّيْطَان, وَقِيلَ : مِنْ الآفَات, وَيَحْتَمِل مِنْ الْجَمِيع اهـ صحيح مسلم بشرح النووي (6/340  ح 807) .

وأيَّد ابن حجر رحمه الله تعالى هذا الرأي قائلا : وَعَلَى هَذَا فَأَقُول : يَجُوز أَنْ يُرَاد جَمِيع مَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَم ، وَالْوَجْه الأَوَّل ورد صَرِيحًا مِنْ طَرِيق عَاصِم عَنْ عَلْقَمَة عَنْ أَبِي مَسْعُود رَفَعَهُ : “مَنْ قَرَأَ خَاتِمَة الْبَقَرَة أَجْزَأَتْ عَنْهُ قِيَام لَيْلَة” اهـ فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني (8/673  ح 5010) . .

إن قراءة هاتين الآيتين أمر سهل جدا ومعظم الناس يحفظونهما ولله الحمد ، فحري بالمسلم المحافظة على قراءتها كل ليلة ، ولا ينبغي الاقتصار على ذلك لسهولته وترك بقية الأعمال الأخرى التي ثوابها كقيام الليل ؛ لأن المؤمن هدفه جمع أكبر قدر ممكن من الحسنات ، كما أنه لا يدري أي العمل سيُقبل منه .

6)  حسن الخلق عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيُدْرِكُ بِحُسْنِ خُلُقِهِ دَرَجَاتِ قَائِمِ اللَّيْلِ صَائِمِ النَّهَارِ) رواه أحمد 

7)  السعي في خدمة الأرملة والمسكين، جاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: (السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ ؛ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ) رواه الإمام أحمد ومسلم .

8)  المحافظة على بعض آداب الجمعة، ورد عن أوْس بْن أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ، ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ ، وَدَنَا مِنْ الإِمَامِ ، فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ ؛ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا) رواه الإمام أحمد.

وهذه الآداب تتمثل في الاغتسال ليوم الجمعة والتبكير والمشي إليها، والدنو من الإمام، وعدم الابتعاد إلى الصفوف الأخيرة، وحسن الاستماع للخطبة، وعدم العبث واللغو .

9) رباط يوم وليلة في سبيل الله عز وجل، روى سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله ، وأُجري عليه رزقه ، وأمِنَ الفتَّان) رواه الإمام البخاري ، ومسلم واللفظ له ، والفتَّان هو فتنة القبر .

10)  أن تنوي قيام الليل قبل النوم، جاء عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه ، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ : (مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ، فَغَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ حَتَّى أَصْبَحَ ، كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى، وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ).