تحركات متواصلة من الدولة المصرية لتأمين الاحتياطات الاستراتيجية اللازمة من القمح نتيجة حجم الاستهلاك الكبير الذي يقدر سنويا بحوالي 20 مليون طن، فلا توجد حبوب أخرى أهم من القمح في التغذية العالمية إذ يؤمن قمح الخبز وحده 20 % من السعرات الحرارية المستهلكة في العالم.

استهلاك الفرد 183 كليو سنويا
اعتبر مساعد وزير التموين والتجارة الداخلية، الدكتور إبراهيم عشماوي، أن التنبؤ بمدى تأثر مصر بوقف صفقة الحبوب سابق لأوانه، لكنه لفت إلى الارتفاع الملحوظ في أسعار الحبوب عالميا.
وقال عشماوي ـ إن من السابق لأوانه الآن تحديد تداعيات وقف اتفاق صفقة الحبوب بين روسيا وأوكرانيا بمشاركة تركيا وبرعاية أممية، وما هو مدى تأثير ذلك على مصر".
ونبه مساعد الوزير إلى أن "أسعار الحبوب شهدت زيادة ملحوظة عالميا بعد الإعلان عن وقف الاتفاق"، موضحا أن أسعار القمح قفزت بـ 10 دولارات دفعة واحدة".
وأكد أن "مصر تراقب عن كثب ما يحدث في الأسواق العالمية، وبعدها سنتمكن من معرفة مدى تأثر مصر بوقف إمداد الصفقة".
وأشار إلى أن مصر تعتبر الدولة الأكبر استيرادا للقمح، حيث تقدر نسبة وارداتها من القمح الروسي بـ 80%، فيما أكد أن "مصر تستطيع إبرام صفقات متكافئة ذات شروط خاصة وميزات تنافسية".
ولفت المتحدث إلى أن "المواطن المصري يستهلك سنويا قرابة 183 كليوغراما من القمح، مقابل 69 كيلوغراما لاستهلاك الفرد العالمي سنويًا، بما يعادل 3 أضعاف المعدل العالمي".
واختتم مؤكدا أن "مصر لديها أرصدة آمنة من السلع الاستراتيجية، ودائما نسعى إلى أن تكون لدينا احتياطيات لمدة ستة أشهر من السلع الاساسية، وتحديدا القمح"، مستطردا: "استطعنا أن نحصل ما يتعدى 3.6 مليون طن من الأقماح المحلية، غير الأقماح التي تذهب للقطاع الخاص، وسعرنا إردب القمح بـ 1500 جنيه، ما يجعل قيمته وسعره أعلى من المستورد".

ارتفاع الاستهلاك ودعم الدولة
وفي هذا الصدد، قال الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن هناك تفاوت كبير بين استهلاك الفرد في دول العالم المختلفة، فنمط غذائي يختلف عن نمط غذائي آخر.
وأوضح صيام ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن النمط الغذائي في الدول المتقدمة التي بها دخل عالي المأكل الخاص به "متوازن"، بعني انه يوجد تنوع في الطعام إذا كان نشويات أو بروتين لان الدخل عالي فيستطيع المواطن أن ينوع مصادر المأكل في الوجبات بجانب أن الدول الغنية لا يستهلكون نشويات مثل مصر.
وتابع: ولكن لجوء الدول النامية للقمح والنشويات نتيجة الدخل المنخفض ونسب الفقر التي وصلت الي 27% فهذه الفئة لا تملك الا أن تشتري كل ما هو رخيص هو رغيف الخبز.
وأكد أن من العوامل التي تسبب ارتفاع استهلاك الفرد في مصر من القمح هو دعم الدولة له، ويعتبر هذا من العوامل الأساسية لارتفاع استهلاك القمح والخبز في مصر.
وأضاف أن ارتفاع أسعار اللحوم والفاكهة وغيره هو سبب في ارتفاع استهلاك الفرد من القمح، لأن معدل التضخم التي وصل الي 40% هو يفقد القوة الشرائية فكلما انخفض الدخل كلما التجئ الفرد الي استهلاك الأغذية الرخيصة أو المدعومة، وهذا سبب ارتفاع استهلاك الفرد من القمح بنسبة 183 كليوغراما.
وواصل: يوجد بعض الأشخاص يأخذون القمح ويستخدموه للأعلاف باعتباره رخيصا وهو بند من بنود ارتفاع استهلاك الفرد من القمح، فـ 183 من الاستهلاك ليس فقط استهلاك الفرد الفعلي من القمح وانما جزء منها للأعلاف لان الاعلاف ثمنها عالي، معقبا: أن نمط الغذائي مربوط بمستوي الدخل بجانب سياسات الدعم.
وأشار الي أن التزام الفرد بمستوي الاستهلاك القمح مرتبط ببدائل أخرى رخيصة لبعض الغذاء الأساسي للمواطن مثل الدواجن وغيرها ليلجئ المواطن لها بدلا من القمح والنشويات رخيصة الثمن والتكلفة.

وقد أخطرت روسيا يوم الاثنين الماضي، تركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، بأنها تعارض تمديد اتفاق الحبوب، وهذا يعني سحب الضمانات الروسية لسلامة الملاحة ووقف العمل بالممر الإنساني البحري في شمال غرب البحر الأسود، وتوقفت مبادرة حبوب البحر الأسود عن العمل اعتبارا من 18 يوليو الجاري.
وأوضحت موسكو أن الغرب صدر معظم الحبوب الأوكرانية إلى بلدانه بدلا من البلدان الإفريقية المحتاجة، منتهكا بذلك الشرط اللازم من الجانب الروسي لمواصلة الصفقة، كما وأكدت على عدم وفاء الأطراف بالالتزامات التي تمت بموجبها "صفقة الحبوب"، خصوصا البنود التي تصب في مصلحة روسيا.