الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى أحمد تكتب: لغة الجمال.. وعلم البيان

صدى البلد

منذ أيام شاهدت علي شاشة  قناة ماسبيرو زمان مسرحية شمس النهار عن عمل أدبي  لتوفيق الحكيم ، وفي نفس اليوم عرضت أحد حفلات كوكب الشرق أم كلثوم  وكانت قصيدة الأطلال للشاعر إبراهيم ناجي ، وإبداع  لغوي مبهر وتركيب لفظي خلاق.


هكذا كان حال اللغة وهكذا كان مستمعو ومتذوقو الفن علي اختلاف طبقاتهم الاجتماعية ودرجاتهم العلمية في هذة الحقبة الزمنية ، وشجون أثاره هذا الوعي اللغوي الثري ، الذي كان الفن أحد أعمدته الرئيسية التي يرتكز عليها في جعل اللغة العربية  لغة الحكي داخل الوعي الجمعي للمصريين.


ماض تغير اليوم فقد تغيرت وتبدلت ملامح اللغة ،سواء فى التناول الإعلامي أوالثقافي أوالفني ،ووصلنا لحالة قبح لفظي  نال من قيمة اللغة وهيبتها ، ولم يعد التعامل باللغة العربية  يليق بمكانتها ومقامها الرفيع. 


وواقع  يبرهن علي التحديات الصعبة التي تواجهها لغتنا العربية ، حيث تعاني عقوق أهلها وتنكرهم لها وأستحيائهم من نطقها ، فالبعض هجرها إلى اللغات الأجنبية من باب الوجاهة الاجتماعية والبعض الأخر أنتهج العامية بديلا عنها ، وآخرون أدخلوا عليها كلمات ومصطلحات أجنبية ، لتظهر لنا لغة ثالثة لاعلاقة لها بالعربية.


ساهم في هذا الظرف الراهن عوامل كثيرة ، منها  فقدان النوافذ التعليمية دورها في تعزيز وتعميق أهمية اللغة العربية في حياتنا ، التي أهملها حراسها فلم تمتد إليها أيديهم لتطويرأساليب تعليمها  ، فظلت مادة جامدة  لاتتماشي مع الواقع المعاصرعكس طرق تدريس اللغات الأجنبية.


وازدادت أحوالها سوءا بانتشار وسائل التواصل الاجتماعي أحد أكثر التحديات التي تواجه لغة الضاد ، ودور أخر ساهم في تهميشها  وتجريفها  وقلب موازينها عند قطاع كبير من روادها من الشباب، بسبب التداول الإلكتروني الخاطئ الذي يتسم بالتساهل ويحمل ركاكة وأخطاء  وانتهاكات لغوية فادحة ، قضت علي الباقية البقية منها. 


أما الإعلام والفن فقد حدث تحول لمستوي ممارسة اللغة الأم ، ويكفي ما تعرضه قناة ماسبيرو زمان أحد حراس الهوية المصرية والشاهدة علي زمن الفن الجميل بجميع مكوناته ، وأهمها اللغة لنري كيف كان الإعلام والفن أرقي سفير للغة الضاد التي صاغت وجدان الأمة ، فتعضدت مكانتها بالمحبين والداعمين وحينما أخلص لها أبناؤها حافظت علي مكانتها وبريقها وجمالياتها.


فاللغة حاضنة التاريخ  والهوية ، ولكي تكتشف عظمة الأمم أنظر إلى لغتها ورغم أن اللغة العربية هى التى حملت النور إلى ظلمات العصور الوسطى في أوروبا ، وكانت ذات يوم الأولى في التسيد الحضاري والإنساني ، إلا أنه بتراجع تلك الحضارة تراجع التعامل بالعربية حتى في البلدان الناطقة بها ، وانفصل مواطنوها عن لغتهم الأم ، فتشوهت الكلمات وتدنت المفردات وبات تصحيح أوضاع اللغة العربية  وحمايتها ضرورة حتمية .