تعد الزراعة واحدة من أهم القطاعات الحيوية في أي دولة من دول العالم، ونموها يعد مؤشرًا مهمًا على تقدم الدولة وتطورها، وذلك لأنّها المعنية بتأمين الطّعام، والاكتفاء الغذائي الذاتي للسكان فيها، ولسنوات طويلة عانى الوطن العربي من مشاكل تراكمية تراجع معها قطاع الزراعة مهددًا القطاعات الأخرى حيث تواجه الزراعة تحديات هائلة في ظل التغيرات المناخية وزيادة الطلب على الموارد الغذائية.
فالزراعة تقوم على كثافة المعرفة فهي تعتمد على كميات كبيرة من البيانات التي يجب جمعها، والمعلومات التي يجب معالجتها، والمعرفة التي ينبغي تقاسمها. ولقد سرّعت التقنيات الرقمية هذه العمليات ووسعتها بشكل هائل في الآونة الأخيرة.
فمصر تعتبر من الدول الرائدة في مجال الزراعة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تمتلك مساحات زراعية علي نطاق واسع وكذلك مناخ مناسب لزراعة عدد كبير من المحاصيل المختلفة. وبالرغم من ذلك لا تزال الزراعة تواجه التحديات والصعوبات المختلفة من بينها تقنين الري وضآلة المياه المستخدمة في الري، وكذلك تحديات الإنتاجية والجودة والمحافظة على البيئة، فالزراعة قطاع حيوي في مصر، حيث تعتمد عليها الكثير من الصناعات الأخرى وتعمل بها نسبة كبيرة من العمالة.
وإذا بحثنا في المشكلات التي تواجه القطاع الزراعي سنجد أنها كثيرة ومختلفة وذلك بمعظم الدول العربية ومصر ونذكر أهمها وهي:
ضعف التخطيط الاستراتيجي وتكاملية العمل بين الجهات الحكومية والمزارع والقطاع الخاص وغيرها .
عدم الاستفادة من الميزة النسبية لمناطق محددة.
المخاطرة العالية وضعف تأمين المزارعين عن أية خسائر خارجه عن الارادة.
الرسوم والضرائب العالية على مستلزمات الانتاج الزراعي (بذور ، أسمدة ، مبيدات، ..الخ).
ارتفاع تكاليف البنية التحتية الضرورية للمزارع من مياه وكهرباء ونقل.
اعتماد الطرق الزراعية التقليدية ومحدودية الطرق الزراعية الحديثة.
محدودية المصادر المائية في بعض الدول واستنزاف المياه الجوفية وتذبذب كمية الامطار.
تفتت الملكية الزراعية وتناقصها خاصة الاراضي ذات التصنيف بالجودة العالية وزيادة الزحف العمراني.
التغير المناخي وزيادة مساحات الجفاف مما يقلل من الانتاج الزراعي.
تداخل الانتاج المحلي وإغراق الاسواق بالمنتجات تفوق الحاجة وعدم دعم الصادرات المحلية.
ضعف التسويق الزراعي محليا وعالميا.
ضعف التشريعات الناظمة للقطاع الزراعي.
لذا تعد مصر واحدة من الدول التي تولي اهتمامًا كبيرًا بالتحول الرقمي في القطاع الزراعي بهدف إيجاد حلول للعديد من المشكلات بالقطاع الزراعي وتعزيز التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، فإن استخدام التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في مجال الزراعة بمصر يعتبر ضرورة مُلّحة لتحسين الإنتاجية وزيادة الصادرات الزراعية، ودعم الاقتصاد المصري بشكل عام.
فالتحول الرقمي وممارسة الإدارة الإلكترونية من أهم التوجهات العالمية المعاصرة، التي يتجه اليها أنظار العالم لتطوير منظومته الإدارية في شتي المجالات والتي يجب علينا الآن السير نحوها بخطى سريعة من أجل مزيد من السرعة في انجاز المهام والمعاملات ، ومن أجل توفير الوقت والجهد وخفض التكاليف، ومن أجل تحقيق كفاءة وفاعلية أكثر في كل المهام والأعمال المطلوب انجازها. وهذا التحول الرقمي هو من دعامات تطبيق ونجاح الإدارة الالكترونية ، لما يقدمه من نظم وإجراءات تكنولوجية تسهل ممارسة هذا النمط الإداري الحديث نسبيا. فالإدارة الالكترونية تعكس البُعد الحضاري الذي تعيشه حاليا مصر الجديدة ، وكيفية تطويع المنظومة الإلكترونية لخدمة المهام الإدارية في ظل وجود العاصمة الإدارية الجديدة ؛ فلقد أصبح العالم الافتراضي الرقمي مُتداخلًا في كل شيء، وينبغي الاستفادة من ذلك في سبيل تحقيق انطلاقة في الشركات والمؤسسات. حيث تعد الإدارة الإلكترونية إحدى الممارسات الحديثة نسبيا المطروحة على الساحة الإدارية، والتي يسعى كثير من الشركات والمؤسسات والمنظمات وأجهزة الحكومة المختلفة لتبنيها وتطبيقها.
ففي عصر التكنولوجيا الرقمية، أصبحت الادارة الالكترونية ضرورة لا غنى عنها في جميع قطاعات الزراعة فهي فرصة لتحسين الكفاءة وزيادة الإنتاجية وتحقيق الاستدامة. باستخدام استراتيجيات مدروسة وتقنيات التكنولوجيا الرقمية المناسبة، يمكن للمزارعين والشركات الزراعية تحقيق تقدم كبير والاستفادة الكاملة من العصر الرقمي.
وإذا نظرنا الى معظم المشاكل الزراعية نجد انها مرتبطة ارتباطا وثيقا بالإدارة مثل مشكلة ضعف التخطيط الاستراتيجي وتكاملية العمل بين الجهات الحكومية والمزارع والقطاع الخاص وغيرها، فأغلب المشكلات ناتجة عن سوء ادارة وتواصل وتفاعل مع المزارعين. من هنا تأتي أهمية الإدارة التقنية التي تهدف إلى زيادة تنافسية المنظمة أو المؤسسة، وتخفيض تكاليف الإنتاج والهدر وضبط المخزونات، ورفع جودة العمل الإداري ودعم اتخاذ القرار، ورفع مستوى التخطيط الإداري، وتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين والمتعاملين، واستخدام التجارة الالكترونية والمصارف المؤتمتة.
أصبحت التقنية اليوم هي الأساس في عمل كل إدارة وكل مدير، فالمعلومات هي التي تبني مستقبل المؤسسة وأوضاعها ومواقفها وعلى أساسها يتم العمل والإنتاج والتسويق والنجاح، وعلى كل مدير أن يتعرف على احدث تقنيات المعلومات وكيفية إدخالها واستخدامها في ميدان ونطاق عمله الإداري، وأن يستعمل التقنية الحديثة لتحقيق أهداف الإدارة وبرامجها التي هي بالأساس أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تنعكس على مستوى معيشة وحياة الناس.
تأتي الإدارة الالكترونية مـن ثمار المنجزات التقنية فـي العصر الحديث ، حيـث أدت التطـورات فـي مجال الاتصالات ، وابتكار تقنيات اتصال متطورة إلى التفكير الجـدي مـن قبـل الـدول والحكومـات فـي الاستفادة مـن منجـزات الثـورة التقنيـة ، باستخـدام الحاســوب وشبكـات الانترنت فـي انجـاز الأعمــال ، وتقديـم الخدمـات للمواطنين بطريقـة الكترونيـة ، تسهـم بفاعلية فـي حـل العديـد مـن المشكلات التي من أهمها التزاحم والوقوف لطوابير طويلة أمام الموظفين في المصالح والدوائـر الحكومية ، فضلا عن تجنب الروتين والوساطة وغيرها من العوامل التـي تقف حائـلا دون تطـور النظم الإدارية الحالية ،بالإضافة إلى ما تتميز به الإدارة الالكترونية من سرعة فـي انجاز الأعمال وتوفير الوقت والجهد ، وهي أيضا إحدى ثمار التطور التقني في مجال الاتصالات.
جاءت الإدارة الالكترونية كرد فعل واقعي لاستخدام تطبيقات التكنولوجيا الرقمية في مجال الخدمات العامة لتطوير طرق العمل التقليدية على طرق أكثر مرونة والاستفادة من منجزات الثورة التقنية في توفير الوقت والجهد والتكلفة، واستخدام التكنولوجيا في دعم التواصل بين الإدارة الحكومية وفروعها وبينها وبين المواطنين .
فالإدارة الإلكترونية تشمل جميع مكونات الإدارة من تخطيط وتنفيذ ومتابعة وتقييم وتحفيز، وتتميز بقدرتها على صنع المعرفة وتوظيفها من أجل تحقيق فالتكامل والمشاركة وتوظيف المعلومات أصبحت أحد محددات النجاح وتطوير الإدارة في المشروعات الزراعية، فالإدارة الإلكترونية تعني تحويل كافة العمليات الإدارية إلى عمليات إلكترونية باستخدام مختلف التقنيات الإلكترونية في الإدارة .
وتتعدى فكرة الإدارة الالكترونية مفهوم الميكنة الخاصة بإدارات العمل داخل المشروعات الزراعية، إلى مفهوم تكامل البيانات والمعلومات بين الإدارات المختلفة، واستخدامها في توجيه سياسة وإجراءات عمل المشروعات الزراعية نحو تحقيق أهدافها، واستغلال التقنية للتواصل مع مختلف القطاعات والجهات الزراعية الحكومية والخاصة.
ولأن الادارة الإلكترونية بمسمياتها المختلفة تعد احدى القفزات الهامة لمصر لتطوير المنظومة الادارية ككل حيث تعد من الاتجاهات الحديثة في الإدارة، وذلك لاستخدامها التقنيات الإلكترونية المتقدمة ذات التأثير الفعال في المنظومة الادارية في أنجاز مصالح المواطنين ، وهي تمثل إحدى مفاهيم الثورة الرقمية التي تتيح للجميع المعرفة والخدمات الإدارية في أقل وقت ممكن وبأقل تكلفة ممكنة.
وقد فرضت هذه الثورة المعلوماتية بكافة أشكالها أمام الحكومات و المنظمات على اختلاف أشكالها تحديات وعقبات كثيرة. لذلك لا بد من تنسيق الجهود المختلفة لمناقشة تلك التحديات والعقبات، وإيجاد الحلول المناسبة لها، مع ضرورة مواكبة لتطورات التي يشهدها العالم في هذا المجال.
لذا نري أن الإدارة التقنية (الإلكترونية ) تتغلب على هذه المشكلات والمعوقات وهذا ما رأيناه في دراسة أجريناها حول الادارة التقنية (الالكترونية ) للمرافق العامة وتأثيرها في تنمية المجتمع والتي أجريت على مركز بحوث الصحراء وهو أحد اهم اذرع وزارة الزراعة ومن اقدم المراكز البحثية المسئولة عن تنمية الصحراء بشتي نواحي التنمية وتقديم الدعم والإرشاد للمجتمع الصحراوي.
فكان من أهم التوصيات التي توصلنا لها بهذه الدراسة ما يلي :-
1- وضع خطط استراتيجية لتطبيق الإدارة التقنية (الإلكترونية) مناسبة بحيث لا تعارض السياسات والقوانين والتشريعات السائدة في المجتمع المصري لأن ذلك قد يعد أحد أهم المعوقات التي تعيق نجاح تطبيق بالإدارة التقنية (الإلكترونية).
٣- زيادة الدعم المالي المخصص للبحوث والدراسات في مجال تقنيات المعلومات.
٤- استخدام شبكات الاتصالات الإلكترونية المتقدمة (شبكة الإنترنت /الإنترانت /الإكسترانت) مما يساعد على ذلك الوعي بمفهوم الإدارة التقنية (الإلكترونية) وأهميتها.
٥-إعادة صياغة البنية التحتية لمركز بحوث الصحراء لتكون قابلة لتطبيق الإدارة التقنية (الإلكترونية) ومواكبة التطورات.
لذا نؤكد على أن استخدام الادارة التقنية ( الإلكترونية ) لها دور هام وفعال في دفع عجلة التنمية بقاطرة القطاع الزراعي وحل العديد من المشكلات الزراعية وتسهيل التواصل بالمزارعين وتقديم الدعم والإرشاد وتفعيل دور المؤسسات والشركات الزراعية والمراكز البحثية الزراعية المسئولة عن تقديم هذه الخدمات والتي لم يفعل دورها بالشكل المرجو منها حتى الان نظرا لغياب دور الإدارة التقنية (الإلكترونية ) غير المفعل والذي نأمل تفعيله قريبا .