ارتفاع أسعار الغاز عالميًا بفعل زيادة الطلب وتقلّص الإمدادات
أوروبا ترفع وارداتها من الغاز المسال وسط مساعٍ لتأمين الطاقة
تباطؤ نمو الطلب في آسيا يعكس ضغوط الاقتصاد الكلي وارتفاع التكاليف
استقرار نسبي في الإنتاج العالمي مع نمو معتدل في أمريكا الشمالية
شهدت أسعار الغاز الطبيعي العالمية ارتفاعًا معتدلًا خلال الربع الثاني من عام 2025، مدفوعة بعدة عوامل أبرزها التوترات الجيوسياسية والطقس البارد. ووفقًا لتقرير البنك الدولي، ارتفع متوسط الأسعار الشهرية للغاز الطبيعي في الولايات المتحدة بنسبة 20.3% على أساس سنوي في يونيو 2025، ليبلغ 3.02 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، فيما سجلت أوروبا زيادة بنسبة 13.8% لتبلغ 12.37 دولار. أما في اليابان، فقد ارتفعت الأسعار بشكل طفيف بنسبة 1.1% لتصل إلى 12.26 دولار. وأفاد منتدى الدول المصدرة للغاز (GECF) أن متوسط أسعار العقود الفورية بلغ 12.3 دولار في يونيو 2025، بنمو سنوي نسبته 14%.
نمو الواردات العالمية للمسـال..
تعود الزيادة العالمية في الأسعار إلى ارتفاع الطلب في أمريكا الشمالية وآسيا والمحيط الهادئ، إلى جانب التوترات المستمرة في الشرق الأوسط. وسجلت واردات الغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم نموًا ملحوظًا بين أبريل ويونيو 2025، حيث ارتفعت بنسبة 9.4% في يونيو لتصل إلى 34.8 مليون طن متري، وهي أقوى وتيرة منذ نوفمبر 2022، بحسب GECF. وقادت الدول الأوروبية هذا النمو، حيث سعت إلى ملء المخزونات استعدادًا للشتاء، في ظل تراجع الاعتماد على الغاز الروسي عبر الأنابيب وانخفاض الإنتاج المحلي النرويجي بسبب الصيانة.
تحركات أوروبا الشتوية...
أحد المحركات الأساسية لهذا النمو تمثل في تسارع مشتريات الغاز المسال من جانب الدول الأوروبية تحسبًا لموسم الشتاء. وتُقدر مخزونات الغاز في الاتحاد الأوروبي حاليًا بنسبة 65.1% من السعة، مع استهداف بلوغ 90% بحلول نوفمبر 2025. كما أسهم التوجه نحو مصادر منخفضة الانبعاثات وتقليص الاعتماد على روسيا في تعزيز الطلب. في المقابل، واجهت بعض دول آسيا ارتفاعات تكلفة أدت إلى خفض الواردات.
الصين ومرونة الإمدادات..
تُظهر الصين مرونة أكبر في إدارة واردات الغاز، حيث قلصت مشترياتها من الغاز المسال مقابل تعزيز الإمدادات من روسيا وآسيا الوسطى عبر الأنابيب. ويُتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على الغاز بنسبة 2% خلال 2025، بدعم من آسيا وأمريكا الشمالية، فيما يُتوقع أن ينمو الإنتاج بنفس النسبة مدفوعًا بزيادة الإنتاج في الشرق الأوسط. أما في أوروبا، فزاد الاستهلاك بنسبة 2.5% في الربع الثاني ليبلغ 57.5 مليار متر مكعب، وارتفع الاستهلاك الأمريكي بنسبة 0.9% ليصل إلى 202.5 مليار متر مكعب، في حين سجلت الصين نموًا طفيفًا بنسبة 0.1% في استهلاكها.
زيادة معتدلة في الإنتاج..
على صعيد الإنتاج، ارتفع إنتاج الغاز في الولايات المتحدة بنسبة 0.6% على أساس سنوي ليصل إلى 271.6 مليار متر مكعب. وتتوقع وكالة الطاقة الدولية تباطؤ الطلب العالمي في 2025 إلى 1.3% بعد أن كان 2.8% في 2024، مع أضعف نمو متوقع في آسيا والمحيط الهادئ منذ ثلاث سنوات.
تباطؤ في الاستهلاك الآسيوي..
وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، تراجع الطلب الآسيوي في النصف الأول من 2025 بنسبة 1.5%، بعد أن كان قد نما بنسبة 5.5% في 2024. ويُعزى التراجع إلى ضعف الأداء الاقتصادي وارتفاع أسعار المسال والطقس المعتدل. في الصين، تراجع الاستهلاك رغم النمو المسجل في الربع الأول، بينما انخفض الطلب في اليابان وكوريا الجنوبية بنسبة 1.2% و2.5% على التوالي خلال الربع الثاني، بسبب تراجع استهلاك قطاعي الطاقة والغاز.
ارتفاع الاستهلاك الأوروبي..
في المقابل، ارتفع استهلاك الغاز في الدول الأوروبية التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بنسبة 6.5%، أو ما يعادل 15 مليار متر مكعب، خلال النصف الأول من 2025، خاصة في الربع الأول بسبب الطقس البارد وانخفاض إنتاج الطاقة المتجددة. وساهم قطاع الطاقة بنسبة 80% من هذا النمو، مع ارتفاع الطلب بنسبة 20%، بينما تراجع الاستهلاك الصناعي بنسبة 2% بسبب ارتفاع الأسعار.
استمرار نمو الاستهلاك الأوروبي..
من المتوقع أن ينمو استهلاك الدول الأوروبية في منظمة التعاون بنسبة 3% على أساس سنوي خلال العام 2025، مستفيدًا من استمرار الأداء القوي في قطاع الطاقة.
تقديرات أميركية للإنتاج والاستهلاك..
تشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية إلى أن الإنتاج المسوق في الولايات المتحدة سيبلغ 106 مليار قدم مكعب يوميًا في 2025، مقابل 103 مليار في 2024. أما الاستهلاك، فيتوقع أن يستقر عند 91 مليار قدم مكعب، فيما سترتفع صادرات الغاز المسال إلى 15 مليار قدم مكعب يوميًا.
النمو مدفوع بالطقس البارد..
في أمريكا الشمالية، ارتفع الاستهلاك بنسبة 2.5% خلال النصف الأول من 2025 نتيجة الطقس البارد في الربع الأول. وفي الولايات المتحدة، سجل الاستهلاك 479.5 مليار متر مكعب بنمو 2.8%، بينما بلغ في كندا أكثر من 3 مليارات متر مكعب بنمو 5%، مدعومًا بزيادة الاستهلاك في القطاعين السكني والتجاري. أما المكسيك، فقد تراجع الاستهلاك بنسبة 4% نتيجة لانخفاض إنتاج الكهرباء باستخدام الغاز.
زيادة إنتاج أمريكا الشمالية..
ارتفع الإنتاج الأميركي بنسبة 2.4% خلال النصف الأول من 2025 ليصل إلى 542 مليار متر مكعب، مدفوعًا بأداء قوي في الربع الثاني. وبلغ عدد منصات الحفر في الولايات المتحدة 112 منصة في يونيو، نصفها في حوض بيرميان، في حين بلغ عدد الآبار غير المكتملة 5,291 بئراً. وسجلت كندا إنتاجًا بلغ 82.5 مليار متر مكعب خلال الفترة من يناير إلى مايو، بنمو سنوي 1.5%.