قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن التوكل على الله خلق كريم أمر الله به في كتابه، وأمر به رسوله، وهو عمل قلبي لا يراه الناس، ولا يصلح فيه الادعاء، لكن تظهر آثاره في سلوك المسلم، فيبتعد عن التحايل على الرزق أو طلبه بالمحرم، ويتجنب النفاق والتملق، لأنه يعتمد على الله وحده.
وأضاف علي جمعة، في منشور له، أن التوكل يعني الثقة بالله والاعتماد عليه في كل الأمور، وقد ورد الأمر به في مواضع كثيرة، منها قوله تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ﴾ ، وقوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ ، وقول موسى عليه السلام لقومه: ﴿فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ﴾.
وأوضح علي جمعة، أن من السنة قوله: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله؛ لرزقكم كما يرزق الطير» (الترمذي)، وقوله: «من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ،ومن كانت الآخرة همه جمع الله أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة» (ابن ماجه).
وأجمع العلماء على أن التوكل لا ينافي السعي والأخذ بالأسباب، بل لابد من العمل والاحتراف، مع اعتقاد أن الأسباب لا تنفع ولا تضر إلا بإذن الله؛ فالسبب والمسبب كلاهما من الله تعالى وبمشيئته. وقد قال سهل: « من طعن فى الحركة -يعنى فى السعى والكسب- فقد طعن فى السنة، من طعن فى التوكل فقد طعن فى الإيمان، فالتوكل حال النبى -ﷺ- والكسبُ سنته، فمن عمل على حاله فلا يتركن سننه».
وأشار إلى أن التوكل الصحيح يجمع بين مراعاة الأسباب الظاهرة، وعدم الاعتماد القلبي عليها، بل الاعتماد على الله وحده.
وتابع: وللتوكل آثار عظيمة في محبة الله ومحبة رسوله، وفي حسن السلوك إلى الله، وزيادة الإيمان، وغفران الذنوب، والترقي في درجات الجنان. وله أيضًا آثار إيجابية على الفرد في حب الوطن والمجتمع، والنفع حيث حلَّ؛ فإذا دخل التوكل الصحيح قلب العبد المؤمن، لم يؤذِ الناس، ولم يحسدهم، ولم يحقد على أحد، بل يكون متعاونًا معهم على الخير، راضيًا بما يقضيه الله سبحانه من الأمور.