كشف المستشار الدكتور محمد بهاء أبو شقة، واحدة من أغرب القضايا التي تعامل معها خلال مسيرته المهنية كمحامٍ، مؤكدًا أن ما جرى فيها مثّل بالنسبة له نموذجًا فريدًا لـ"العدالة الإلهية فوق العدالة البشرية".
وقال أبو شقة، خلال استضافته في برنامج واحد من الناس مع الإعلامي الدكتور عمرو الليثي على شاشة قناة الحياة، إن تفاصيل القضية بدأت عندما حضر إلى مكتبه رجل بسيط من الأرياف دون موعد مسبق، وأصر على مقابلته.
وأوضح الرجل أن زوجته صدر ضدها حكم بالإعدام بتهمة قتل ولديه، لكنه رغم ذلك جاء ليطلب من المحامي أن يتولى الدفاع عنها، مؤكدًا براءتها.
وأضاف أبو شقة أن الرجل روى له أنه كان متزوجًا سابقًا من والدة الطفلين، إلا أنه انفصل عنها بسبب سلوكيات غير سوية، ثم تزوج من السيدة التي اتُهمت لاحقًا بالقتل، مشيرًا إلى أنها كانت تحسن معاملة الأولاد وترعاهم بشكل لافت، ومع ذلك وُجهت إليها أصابع الاتهام في جريمة مأساوية أودت بحياة الطفلين.
وأوضح أبو شقة أنه حين اطلع على ملف القضية وجد به عوارًا قانونيًا وبطلانًا في بعض إجراءات المحاكمة، فقرر كتابة طعن قُبل بالفعل، ليستمر في الدفاع عن المتهمة.
وتابع أنه خلال جلسات التحضير، اعتاد الأب إحضار قصاصات أوراق مرتبطة بأولاده، وبينها كراسة العربي الخاصة بالابن الثاني الذي قُتل بعد شهرين من شقيقه الأكبر.
وبمراجعة كراسة المدرسة، اكتشف أبو شقة أن الطفل كتب موضوع تعبير بمناسبة عيد الأم، تحدث فيه عن حنان زوجة الأب، وقسوة أمه الحقيقية. وبعد أيام قليلة من كتابة الموضوع، لقي مصرعه، ما أثار شكوك الدفاع ودفعه للتواصل مع معلمته، التي أكدت أن خط التلميذ هو المكتوب في الكراسة.
وأشار أبو شقة إلى أن التحقيقات أُعيد فتحها في ضوء هذه الأدلة، ليتبين في النهاية أن الأم البيولوجية هي القاتلة، إذ وضعت السم في حلوى كانت تستهدف بها زوجة الأب، إلا أن الطفل الأكبر تناولها وفارق الحياة، وبعدها أقدمت على قتل الابن الثاني خوفًا من افتضاح أمرها. وصدر بحقها حكم بالإعدام ونُفذ.
وختم أبو شقة القصة بالتأكيد على أن "الرحمة تسمو فوق الحق والعدل"، موجّهًا نصائح لشباب المحامين بضرورة إتقان العمل والتحلي بالصدق والدقة والانضباط، مع التحذير من الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في المجال القانوني، مؤكدًا أن العقل البشري يظل جوهر المهنة ولا يمكن استبداله.