اقترب نادي برشلونة من استعادة نبض ملعبه التاريخي "سبوتيفاي كامب نو" بعد أشهر طويلة من أعمال الترميم والتحديث، حيث ينتظر النادي الحصول على ترخيص "الإشغال الأولي" من مجلس بلدية الإقليم، وهو الإذن الرسمي الذي سيتيح إعادة فتح جزء من المدرجات أمام الجماهير بسعة أولية تصل إلى 27 ألف متفرج، تشمل المنصة الرئيسية وجزءًا من منطقة "جول سود"، ضمن المرحلة الأولى من خطة العودة التدريجية.
بلدية برشلونة تطلب فحصًا إنشائيًا دقيقًا قبل منح الترخيص
ووفقًا لصحيفة "موندو ديبورتيفو" الإسبانية، فقد طلبت بلدية برشلونة من إدارة النادي إجراء فحص إنشائي شامل في بعض مناطق الملعب، يشمل وقف الأعمال مؤقتًا في الجزء الذي تشرف عليه شركة "ليماك كونستركشن"، تمهيدًا لتفقد الموقع ميدانيًا.
ورغم عدم إتمام الزيارة حتى الآن، من المتوقع أن يباشر الفنيون التابعون للبلدية الفحص خلال الأيام المقبلة، وسط شعور داخل النادي بأن هناك "مبالغة في الحرص" من جانب السلطات المحلية.
الأعمال مستمرة في المدرجات الجانبية ضمن المراحل التالية
على الرغم من الطلب البلدي، لم تتوقف أعمال البناء كليًا داخل "سبوتيفاي كامب نو"، إذ ما تزال الأشغال جارية في المدرج الجانبي ضمن المرحلة الثانية، بينما يستمر العمل بوتيرة أبطأ في منطقة "جول نورد" المدرجة ضمن المرحلة الثالثة من المشروع.
بارقة أمل قبل مواجهة جيرونا.. والعودة الكاملة مؤجلة
وخلال الأشهر الأخيرة، سعى برشلونة لمعالجة جميع الملاحظات الفنية والأمنية التي سجلها مجلس البلدية وجهاز الإطفاء، أملاً في الحصول على الضوء الأخضر لإعادة فتح جزء من الملعب أمام الجماهير استعدادًا لمباراة جيرونا المقررة يوم السبت 18 أكتوبر الجاري في تمام الساعة 16:15.
أما مباراة دوري أبطال أوروبا أمام أولمبياكوس في 21 أكتوبر، فستُقام في ملعب "لويس كومبانيس الأولمبي" الذي يتسع لأكثر من 50 ألف متفرج، نظراً لعدم اكتمال أعمال المرحلة الثانية في "كامب نو".
خطة تدريجية لعودة السعة الكاملة واستقبال 62 ألف متفرج
يأمل برشلونة أن تسفر نتائج الفحص الإنشائي والموافقات النهائية عن استئناف سريع لخطة العودة التدريجية، بحيث يتمكن لاحقًا من فتح المدرجين الأول والثاني بشكل كامل، ليستقبل نحو 62 ألف متفرج في المرحلة المقبلة قبل الوصول إلى السعة النهائية للمشروع بعد اكتمال أعمال التطوير.
كامب نو.. ذاكرة التاريخ الكتالوني ومهد الإنجازات
يُعد ملعب "كامب نو" أيقونة رياضية وثقافية لمدينة برشلونة، وواحدًا من أعظم ملاعب كرة القدم في العالم، إذ افتُتح رسميًا في 24 سبتمبر عام 1957 بمباراة ودية بين برشلونة وليجا وارسو البولندي، بحضور جماهيري ضخم شكل بداية لعقود من المجد والإنجازات.
من "ليس كورتس" إلى أعظم ملعب في أوروبا
جاءت فكرة إنشاء "كامب نو" في خمسينيات القرن الماضي بعد أن أصبح ملعب "ليس كورتس" غير قادر على استيعاب الجماهير المتزايدة.
واستغرق بناء المشروع ثلاثة أعوام بتكلفة تجاوزت 288 مليون بيزيتا، ليصبح أكبر ملاعب أوروبا بسعة تجاوزت 120 ألف متفرج آنذاك قبل أن تُخفض لاحقًا إلى نحو 99 ألفًا لأسباب تتعلق بالسلامة.
ذكريات خالدة.. من ريمونتادا 1999 إلى أمجاد جوارديولا
احتضن "كامب نو" أبرز لحظات كرة القدم العالمية، مثل نهائي دوري أبطال أوروبا 1999 بين مانشستر يونايتد وبايرن ميونخ، إضافة إلى مباريات كأس العالم 1982 وأولمبياد برشلونة 1992.
وعلى صعيد النادي، كان مسرحًا لتألق نجوم خلدوا أسماءهم في ذاكرة الجماهير مثل يوهان كرويف ودييجو مارادونا ورونالدينيو وليونيل ميسي، إلى جانب حقبة بيب جوارديولا التاريخية التي شهدت تتويج الفريق بثلاثية عام 2009.
رمز الهوية الكتالونية وأيقونة الانتماء
لم يكن "كامب نو" مجرد ملعب لكرة القدم، بل تحول إلى رمز للهوية الكتالونية ومنبر للتعبير عن الانتماء الشعبي، خاصة في فترات التوتر السياسي. وكان المدرج الجنوبي "جول سود" مسرحًا لأهازيج الجماهير التي لا تهدأ دعمًا للنادي.
مشروع التحديث.. مزيج من التاريخ والحداثة
يسعى برشلونة اليوم، من خلال مشروع إعادة تطوير "سبوتيفاي كامب نو"، إلى المزج بين عبق التاريخ وروح الحداثة، عبر تحويله إلى تحفة معمارية متكاملة تلبي معايير كرة القدم العالمية، وتوفر تجربة جماهيرية استثنائية تليق باسم النادي وتاريخه.