قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

بلال قنديل يكتب: حياة بلا عنوان

بلال قنديل
بلال قنديل

ليس أصعب على الانسان من ان يستيقظ كل صباح وهو لا يعرف لماذا يفعل ما يفعل. 

يمضي يومه بين العمل والمهام العادية وكأن الحياة مجرد واجب روتيني لا روح فيه. 

حين نفتقد الغاية الحقيقية يصبح كل ما نعيشه مجرد خطوات ميكانيكية بلا شعور، ونكتشف بعد مرور سنوات اننا لم نتقدم حقا، بل كنا ندور في دائرة مغلقة.

كثيرون يعيشون حياة بلا عنوان حين ينغمسون في الروتين اليومي من عمل وضغوط واحتياجات مادية دون ان يسألوا انفسهم لماذا يفعلون ذلك. تمر الايام وتتشابه الصباحات والليالي حتى يصبح العمر سلسلة من التكرار الخالي من الروح. 

يصبح النجاح مجرد ارقام في حساب مصرفي او ترقيات وظيفية لا تعني شيئا للقلب.

الحياة بلا عنوان تشبه سفينة بلا وجهة. قد تتحرك بسرعة وقد تبحر في محيط واسع لكنها في النهاية تظل عالقة بين الامواج بلا ميناء. وفي لحظة ما حين يتوقف المرء ليتأمل ما مضى يدرك انه عاش كثيرا لكنه لم يعش حقا. عاش ليناسب توقعات الاخرين او ليتفادى الخسارات لكنه لم يمنح نفسه فرصة لاختيار الطريق الذي يؤمن به.

لكي نخرج من هذه الدائرة نحتاج الى لحظة صدق مع الذات. لحظة نسأل فيها بجرأة: ما الذي يجعل حياتي ذات قيمة حقيقية. قد يكون الهدف هو السعي نحو العلم او خدمة الاخرين او بناء اسرة صالحة او تطوير المجتمع او حتى اكتشاف الذات. المهم ان نجد خيطا واضحا يربط بين كل ما نفعل ويمنح الاحداث المتفرقة انسجاما ومعنى.

لا احد يولد ومعه عنوان جاهز للحياة. العنوان يتشكل من التجارب والاخطاء والقرارات الصغيرة التي نأخذها كل يوم. 

يتشكل حين نتعلم كيف ننهض بعد السقوط وحين نتمسك بما نؤمن به رغم الصعاب. العنوان الحقيقي لا يمنح لنا من الخارج بل ينبع من الداخل من رغبتنا في ان نترك اثرا طيبا في هذا العالم.

من يعيش بلا عنوان يظل مشتتا بين رغبات متغيرة واهداف سطحية. اما من يضع لحياته عنوانا فيعرف متى يقول نعم ومتى يقول لا. 

يعرف ما يستحق التضحية وما يمكن تجاوزه. العنوان يجعل الانسان اكثر تماسكا وثباتا امام تقلبات الايام.

قد يظن البعض ان العنوان يجب ان يكون عظيما وضخما مثل انقاذ العالم او تحقيق انجازات خارقة. لكن الحقيقة ان العنوان قد يكون بسيطا مثل ان تكون انسانا صالحا يسعى لنشر الخير في محيطه الصغير. البساطة لا تقلل من القيمة بل تمنحها صدقا وواقعية.

في النهاية تبقى الحياة بلا عنوان حياة ناقصة مهما كانت مليئة بالاحداث. والاحداث مهما تنوعت تبقى مجرد فصول متفرقة ان لم يجمعها هدف واضح وروح تسعى الى معنى اكبر. العنوان ليس ترفا فكريا بل هو حاجة انسانية تمنحنا القوة على الاستمرار وتجعلنا نعيش بدلا من ان نمضي فقط.