أكد اللواء نبيل السيد، الخبير الاستراتيجي، أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة البلجيكية بروكسل لحضور القمة المصرية الأوروبية الأولى تمثل حدثًا استراتيجيًا بالغ الأهمية، يعكس الدور الإقليمي المتصاعد لمصر في ظل التغيرات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.
وأشار اللواء نبيل السيد إلى أن الزيارة تحمل أبعادًا سياسية واقتصادية وأمنية متشابكة، موضحًا أن الرئيس السيسي يذهب إلى أوروبا هذه المرة ليس فقط بصفته رئيس دولة محورية في الشرق الأوسط، بل كصوت يعبر عن مصالح المنطقة العربية والإفريقية أمام الاتحاد الأوروبي.
رسالة سياسية قوية للعالم
وأوضح الخبير الاستراتيجي أن بدء الزيارة بلقاء الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس يعكس اهتمام الجانب الأوروبي بتعزيز الشراكة الأمنية مع مصر، خصوصًا في ظل الأزمات المتلاحقة في الشرق الأوسط، وقضايا الهجرة غير الشرعية، ومكافحة الإرهاب، وحماية الحدود.
وأضاف أن استقبال 21 من قادة الاتحاد الأوروبي في مأدبة العشاء الرسمية التي يقيمها الجانب الأوروبي على شرف الرئيس السيسي، يُعد إشارة دبلوماسية قوية على مكانة مصر واحترام الاتحاد الأوروبي لقيادتها السياسية.
دعم أوروبي لرؤية مصر في الأمن الإقليمي
وأشار اللواء نبيل السيد إلى أن القمة تأتي في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة للأمن الإقليمي والدولي، حيث تلعب مصر دورًا محوريًا في ملفات السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما في القضية الفلسطينية وأمن البحر الأحمر وشرق المتوسط.
وأكد أن الأوروبيين ينظرون إلى مصر باعتبارها ركيزة الاستقرار الأساسية في جنوب المتوسط، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتمد على القاهرة في ضبط مسارات الهجرة ومكافحة التنظيمات المتطرفة، فضلًا عن دورها البارز في إدارة الأزمات الإقليمية.
الاقتصاد والاستثمار.. محور اهتمام القمة
ولفت الخبير الاستراتيجي إلى أن مشاركة الرئيس السيسي في الحدث الاقتصادي المقام على هامش القمة، وإلقاءه كلمة أمام ممثلي الشركات الأوروبية الكبرى، يعد خطوة مهمة لتوسيع فرص الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر، خاصة في مجالات الطاقة الخضراء والهيدروجين واللوجستيات.
وأضاف أن هذه التحركات تأتي في إطار رؤية مصر 2030 التي تركز على بناء اقتصاد مستدام وجذب الشراكات الاستراتيجية مع أوروبا، خصوصًا مع التحول الأوروبي نحو الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية.
تعزيز العلاقات المؤسسية مع الاتحاد الأوروبي
وقال اللواء نبيل السيد إن لقاءات الرئيس السيسي مع رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، تعكس حرص الجانبين على تحويل العلاقات الثنائية إلى شراكة مؤسسية متكاملة تشمل مجالات الدفاع والطاقة والتجارة وحقوق الإنسان.
وأكد أن هذه اللقاءات تمثل دفعة قوية لتنسيق المواقف بين الجانبين، خصوصًا في القضايا التي تتعلق بالتعاون في البحر المتوسط، وأمن الممرات المائية، والتبادل التجاري، وتخفيف أعباء الديون عن الدول النامية.
مصر شريك لا غنى عنه لأوروبا
وشدد اللواء نبيل السيد على أن مصر أصبحت اليوم شريكًا لا غنى عنه لأوروبا، سواء في القضايا الأمنية أو الاقتصادية أو الطاقة، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يدرك أن استقرار مصر يعني استقرارًا لمنطقة المتوسط بأكملها.
وأوضح أن مشاركة هذا العدد الكبير من القادة الأوروبيين في القمة يعكس تقديرهم الكبير لدور الرئيس السيسي في تحقيق التوازن الإقليمي وإدارة الأزمات بحكمة، لافتًا إلى أن القاهرة باتت مركزًا للحوار بين الشرق والغرب.
دلالات رمزية وعسكرية
وفي ختام حديثه، أشار اللواء نبيل السيد إلى أن الاستقبال الملكي للرئيس السيسي في القصر البلجيكي واصطفاف الحرس الملكي يعد تكريمًا رسميًا على أعلى مستوى، ويرمز إلى الاحترام الأوروبي لمكانة مصر الدولية.
وأضاف أن هذه الزيارة تمثل نقطة تحول في العلاقات المصرية الأوروبية، حيث تنتقل من مرحلة التعاون التقليدي إلى مرحلة التحالف الاستراتيجي المتبادل، في مواجهة التحديات المشتركة في البحر المتوسط والعالم العربي وأفريقيا.
وختم الخبير الاستراتيجي تصريحه مؤكدًا أن زيارة الرئيس السيسي لبروكسل ترسم ملامح مرحلة جديدة في السياسة الخارجية المصرية، تقوم على التوازن، والندية، والمصالح المشتركة، وتؤكد أن مصر عادت لتقود المشهد الإقليمي والدولي بثقة وحنكة سياسية رفيعة.