قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

نعم للنظام

0|عبد الفتاح بدوي

نهدر في اليوم أوقاتا طويلة دون جدوى، ونأكل فوق حاجتنا مرات ومرات بمقدار قد يتسبب في ضرر بالغ، ومع ذلك لا نتعلم أو نحذر في المرات المقبلة، وعندما نشتري فإننا نشتري كمية قد تفيض على متطلباتنا الضرورية، وربما نعجز عن التصرف في هذا الفائض وفي النهاية قد يكون مصيره سلة المهملات.. نتكلم في وقت ليس مطلوبا فيه الكلام، ونصمت حين يكون الكلام موقفا إيجابيًا، حياة فوضوية ينقصها الهدوء أو لنقل "ينقصها النظام".
النظام في كل شيء هو الأساس، فلا يمكن أن نشيد مبنى عملاقا دون نظام هندسي مدروس، ولا يمكن أن نصل إلى اكتشاف مهم دون بحث وتقييم ثم دراسة متأنية حتى نصل إلى الهدف المنشود، وهكذا الحياة التي نعيشها يجب تنظيمها بشكل جيد، فنستمتع بالحياة التي وهبنا الله إياها، فمن الحكمة أن يبحث الإنسان عما كرمه الله به على غيره من المخلوقات، "ولقد كرمنا بني آدم".
أحيانا تتحدث إلى بعض الأشخاص بتلقائية فتقول كلاما غير محسوب قد يتسبب في خصام بينك وبينهم، مع أنك لا تقصد التجريح أو إثارة المشاعر أو التطرق إلى شيء قد يكون ذا خصوصية لدى من تحدثه، لا بد أن تدرب نفسك على أن تفكر فيما يقال قبل النطق به، وهل هذا القول مناسب للموقف أم لا، هناك حكمة تقول: "فكر كثيرا وتحدث قليلا، فالحكيم يقول ما يعرف، والمجنون لا يعرف ما يقول".
أيضًا من الأشياء التي نصادفها أن يتحدث أحد فنستهين بعقليته أو ربما نسخر منه، لا لشيء إلا لمجرد اختلافنا معه، وإن لم يظهر ذلك في الردود ففي نبرة الصوت أو في نظراتنا إليه، وبالتأكيد في هذه الحالة تتأثر العلاقة بيننا وبينه إلى أن تصير جفوة، ثم نخسره في النهاية.
إن الخلاف بين الناس شيء قديم وسيبقى قائما إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولكن علينا أن ننظم طريقتنا في التعبير عن هذا الخلاف، لا بد عندما نتناقش مع أحد أن نجيد السؤال؛ لأن السؤال السليم نصف الإجابة، في الوقت الذي يكون فيه السؤال المغرض أو الأحمق "كارثة من الكوارث غير الطبيعية".
شيء آخر يحتاج إلى تنظيم، وهو أننا كثيرا ما نتكلم في وقت غير مناسب وكثيرا أيضا ما نسكت في وقت يستدعي الكلام، فهناك فرق بين السكوت الإيجابي والسكوت السلبي، فعندما تتكلم مع أحد الأشخاص فهناك طريقان يسلكهما المستمع إليك، فإما أن يسكت ليستمع إليك فيستفيد من نقاشك معه، وهو في هذه الحالة سكوت إيجابي، وإما أن يسكت ليسمع بشكل سلبي، بمعنى أن تراه مثلا في حالة كسل وضيق أو أن يتثاءب أو ينظر في جواله أو ينظر إلى ساعته، أو أن يتصفح كتابا أو جريدة أثناء كلامك معه وبعد فترة قليلة تراه يندهش من كلمة قلتها فيقول فقط "معقول؟" أو يهز رأسه، هذا الرجل اعلم أنه شخص فوضوي وغير مستعد لتنظيم حواره أو كلامه أو ترتيب ردوده، فينطبق عليه قول سليمان عليه السلام: "الأحمق الساكت تحسبه مع الحكماء"، إن الآخرين يهتمون بنا بقدر ما نهتم نحن بهم.
قليلون هم الذين ينعمون بلذة العيش المنظم ويستمتعون بحياة هادئة، ينامون بحساب ويستيقظون بحساب، ويستغلون أوقاتهم بما يفيد، ينظمون زياراتهم وأعمالهم وأجازاتهم وعباداتهم.. وغير ذلك، وفي الوقت المخصص للترفيه أو التسلية نراهم - حتى لو كانت إمكاناتهم المادية ضعيفة - يستمتعون بكل ساعة بل بكل لحظة تمر.