صدى البلد تنشر "رقصة اللبلاب" .. رواية بطلتها صحفية متسلقة تصعد بالكذب والجنس وكتابة التقارير للأمن

"شيء ما كان يذكرها دائما بواقع ترفضه، وأيام تريد أن تنساها.. شيء ما كان يشدها باستمرار الى الماضي الذي لا تستطيع الفرار منه .. صوت من بعيد يأتيها وينشب مخالبه في أحشائها .. رغم الشهرة والمال والمكانة الاجتماعية.. شئ يفضحها ويعريها أمام نفسها .. وحلم يتكرر كل ليلة بنفس التفاصيل .. أمها تشدها من شعرها وتجرها على سلالم العمارة الفاخرة، في الحي الراقي الذي انتقلت إليه مؤخرا لتستكمل متطلبات الوجاهة الاجتماعية .. والجيران يخرجون من شققهم ليتابعوا هذا المشهد الفريد .. والام تصرخ..ساقطة..ساقطة.. تقوم "عفاف" من النوم مفزوعة والصداع يكاد يدمر رأسها .. وتتناول بسرعة حبة مهدئة من نوع دواء تعودت عليه، وأدمنته منذ أن كانت لا تزال طالبة في ثانوي .. لكن الصوت يعود من جديد .. والحلم يتكرر كل يوم .. إحساس فظيع يلازمها ويفسد عليها حياتها، ويحول كل نجاحاتها الى وهم وسراب .. وشبح الأم يلاحقها في اليقظة والمنام .. ويذكرها في كل لحظة بأنها، رغم كل ما تقدمه من مبررات نفسية وأخلاقية ليست في النهاية سوى ساقطة".
هكذا تبدأ رواية "رقصة اللبلاب" للكاتب الصحفي محمد رفعت ، التي يكشف من خلالها كواليس صاحبة الجلالة، وما يجري في بعض الأحزاب السياسية من خلال صحفية متسلقة استخدمت جمالها وأنوثتها وعلاقاتها بالأمن، وعضويتها في الحزب العائلي، في الوصول الى قمة العمل الصحفي، وتولي رئاسة تحرير مجلة نسائية، والفوز بعضوية نقابة الصحفيين.
وتستعرض الرواية محطات عديدة في حياة الصحفية الشهيرة، بداية من نشأتها في مدينة صغيرة في وسط الدلتا، ومرورا بمغامراتها العاطفية والجنسية في مرحلة التي بدأت مبكرة جدا ، ونشاطها السياسي والمخابراتي في فترة الجامعة، وزواجها الفاشل، وخروجها بفضيحة من بلدتها، واستقرارها في القاهرة، وعملها بإحدى الجرائد القومية، وخبطاتها الصحفية المتعددة، وعلاقتها برئيس التحرير، حتى أصبحت واحدة من أشهر الصحفيات في مصر، قبل أن يبدأ منحناها المهني والحياتي في التراجع، بسبب التغييرات الصحفية، وهجر حبيبها الجديد لها، بالسفر الى أمريكا، بعد أن أجبرها على التخلص من جنينها من علاقته المحرمة بها.
ويقول الكاتب الراوي عن هذه المرحلة من حياة البطلة: " الصدمة كانت كبيرة هذه المرة على عفاف .. والضربة كانت قاصمة، أفقدتها توازنها ، بل وأفقدتها الرغبة في الحياة وعادت الى التدخين بشراهة، وتعلمت أن تدفن أحزانها في كأس الخمر .. وارتدت الى قواعدها غير سالمة .. فلا سكينة ولا صلاة .. فقط خواء روحي .. ورغبة متجددة في الانتقام من الحياة والناس والظروف التي صنعت منها هذه الشخصية شديدة التناقض والتعقيد .. لا سند ولا ولد .. ولا حب حقيقي ينير روحها وينزع السواد من قلبها..كل من عرفتهم غدروا بها .. وكل من استغلتهم، استغلوها هم الآخرون .. لم ينظر أحد سوى الى جسدها .. كانوا يتعاملون معها في السرير كمصاصي الدماء.. ولا يتذكرون وهم معها سوى رغبتهم المستعرة في نهش لحمها الطري.. وكانت هي الأخرى تبادلهم شهوة بشهوة .. فلا دفء ولا مشاعر .. لم تفهم معنى الحياة بحلوها ومرها ولم تستمتع بجسد رجل كما تمتعت بعز، لكنه كان جبانا وعديم الطموح، وأرادها دائما عشيقة وليس زوجة.. ولم تذق طعم الحب الحقيقي سوى مع حاتم، لكنه باعها في أول الطريق، وأجبرها على أن تقتل جنينها وهو لا يزال في بطنها..ولم تفهم معنى البيت والسكن والأسرة سوى مع كنعان ، لكنه فضل حياته المستقرة ومنصبه وابنة بلده عليها وعلى ولدها.. فهل تستطيع أن تقف مرة أخرى على قدميها، بعد أن مات أعز ما لديها في الحياة.. وبعد أن عادت شجرة مزيفة بلا أصل ولا فروع ولا جذور.. ولكنها عادت.. غرقت في الحزن أسابيع وشهور، عاشت خلالها نصف حية ونصف ميتة .. لكنها عادت أقوى وأشرس مما كانت .. فلا شئ تبكي عليه .. ولا أمل تتعلق به سوى نجاحها وتألقها .. وليكن تركيزها كله في عملها ووضعها النقابي الجديد".
ومؤلف الرواية هو الكاتب الصحفي محمد رفعت، مساعد رئيس تحرير مجلة أكتوبر، وصدر له من قبل ديوان شعر بعنوان"جرب أن تفقد ذاكرتك"، وكتاب "محاورات المصريين عن دار شرقيات للنشر والتوزيع.