قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

رأفت الهجان.. غصة في حلق إسرائيل


ستظل أسطورة رفعت الجمال المعروف برأفت الهجان في المسلسل الشهير باسمه وبالرواية المعجزة للكاتب الراحل صالح مرسي بعنوان "كنت جاسوسا في إسرائيل"، تظل أسطورة الرجل "حرقان" يلهب مؤخرة جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد، فحتى هذه اللحظة والإسرائيليون يدعون أن الجمال كان جاسوسا مزدوجا لهم، أي أنه كان يتعاون معهم ومع المخابرات المصرية.
والادعاءات الأخيرة لعراب المخابرات الإسرائيلية يوسي ميلمان مليئة بالمغالطات التاريخية، فالجمال سافر إلى إسرائيل بعد الكشف عن عملية "سوزانا" والمعروفة بـ"فضيحة لافون"، والتي حاولت فيها المخابرات الإسرائيلية ضرب "إسفين" بين الدولة الوليدة في مصر بعد ثورة يوليو 1952 وبين الأمريكان والبريطانيين بنسف عدد من القنصليات ودور السينما الأجنبية، ولكن الصدفة كشفت عن أحد أعضاء الخليتين الإسرائيليتين وقبض عليهم جميعا.
وتقول المصادر إن هذه العملية كانت باكورة عمل جهاز المخابرات المصري الوليد على أيدي الرعيل الأول أمثال السيد عبد المحسن فائق الذي التقط الجمال وقام بتدريبه وزرعه داخل الجالية اليهودية في القاهرة ثم سافر الأخير إلى إسرائيل ليمد مصر بآلاف من المعلومات والوثائق التي نتحدى أن يكشف عنها جهاز المخابرات الإسرائيلي المدعي أن الجمال كان يتعامل معه.
فالهجان أمد مصر بمعلومات حول الهجوم كاملا في حرب العدوان الثلاثي وخطته والتدخلات العسكرية من قبل فرنسا وبريطانيا عقب تأميم الزعيم الراحل جمال عبد الناصر لقناة السويس، ليس هذا فحسب بل سيل من المعلومات طوال الفترة من 56 وحتى 67 وبعد حرب أكتوبر 1973، جعلت القادة في إسرائيل سواء على المستوى العسكري أو السياسي يتأكدوا أن هناك تسريبات معلوماتية ولكنهم غير قادرين على كشف مصدر التسرب وهذا باعتراف العديد منهم بالفعل.
يوسي ميلمان لم يقرأ رواية صالح مرسي، حيث تجاهلت العمل الدرامي العديد من المعلومات التي ذكرت في الرواية المأخوذة حتما من ملفات المخابرات المصرية، وفي الرواية يكشف صالح مرسي عن الكثير جدا من المعلومات التي قام الجمال بتوصيلها إلى مصر، ومنها الإنشاءات الخاصة بخط بارليف كاملا، والتي خرج بها من إسرائيل أمام أعين وأنوف كل الإسرائيليين وهو يضعها في أنبوب الأوراق الذي يستخدمه طلبة كلية الهندسة، خرج به من مطار بن جوريون إلى إيطاليا دون حتى لا يلفت نظر أي من جهابذة الموساد الذين يدعون أنه كان عميلا مزدوجا، هذه واحدة فقط من العمليات التي قام بها الجمال وذكرت في الرواية، فما بالكم بما لم يذكر ومدون في ملفه بأضابير المخابرات العامة.
ومن يحلل حرب أكتوبر يجد أن المصريين تعاملوا مع خط بارليف وكأنهم دخلوه قبل ذلك فقد كنا نعرف كل نقطة ضعف فيه بل النقاط الحصينة وتسيلحها، فليس غريبا أن يسقط خط بارليف بتلك السرعة بالرغم من كل "البروباجندا" الإسرائيلية، وهذا دليل على أن الجمال لم يكن عميلا مزدوجا، فلو كان الطرح صحيحا لكانت الرسومات لخط بارليف مزيفة وكنا خسرنا الحرب أو خسرنا الكثير من الجنود.
المخابرات المصرية لا تعلن عن عملية إلا إذا كانت متأكدة تمام التأكد أنها عملية كاملة ناجحة وأن ملفها تم غلقه تماما، بل وتعلم أن عملية رفعت الجمال أو رأفت الهجان ستظل غصة في حلق إسرائيل كلها، وتظل عملية رفعت الجمال دليلا قويا على أننا نمتلك عقولا ورجالا من ذهب.