الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بالصور.. زفتى والمحلة وبورسعيد جمهوريات أذهلت العالم قبل «ليبرلاند».. والمصريون أول من أعلن العصيان المدني على الحكام

صدى البلد

زفتى أول جمهورية استقلت عن حكم الإنجليز ويوسف الجندي بطل شعبي
المحلة تعلن الانفصال عن حكم الإخوان.. والثوار يستولون على مجلس المدينة
بورسعيد تعلن إنشاء دولة وتختار علما جديدا وتُغير لوحات السيارات
على مر التاريخ أثبتت المدن والمحافظات المصرية حضورها الدائم، وخاصة في وقت الأحداث الضخمة التي تسيطر على الوضع السياسي في مصر، فكانت المحافظات المصرية والمدن المصرية سباقة فى إعلان استقلالها وتمردها على الوضع القائم منذ قديم الزمان، وقبل أن تظهر إلى الوجود جمهورية ليبر لاند فى أوربا قبل عدة أيام. ولعل أهم هذه المحاولات كانت إعلان استقلال جمهورية زفتى خلال أحداث ثورة 1919 .
هذا الكلام بمناسبة إعلان مواطن تشيكي إقامة دولته الخاصة على منطقة غير مأهولة بين كرواتيا وصربيا، وأطلق عليها اسم "ليبرلاند"، حيث نصب فيت جيدليكا، العضو بأحد الأحزاب التشيكية، نفسه رئيسا على الدولة الجديدة، التي تقع على نهر الدانوب وتبلغ مساحتها 7 كيلومترات.
وأكد جيدليكا أنه استمد فكرة دولته من الدول الصغيرة مثل موناكو وليختنشتاين، مشيرا إلى "ليبرلاند" ترفع شعارا عاما أمام "مواطنيها" وهو "عش ودع الآخرين يعيشون"، حيث لا يخضع المواطنون فيها للتصنيف وفقا للجنس أو الدين أو العرق، بحسب ما جاء على موقع "إنترناشونال بيزنس تايمز".
وكشف رئيس "ليبرلاند" عن علم دولته، داعيا الأشخاص حول العالم للتقدم بطلبات المواطنة، حيث ورد حتى الآن أكثر من 20 ألف طلب مواطنة حتى الآن، بحسب صفحة الدولة الوليدة على فيس بوك، علما أنه سيتم منح الجنسية لنحو 3 إلى 5 آلاف شخص سيتم اختيارهم لاحقا.
وأشار موقعها الإلكتروني إلى أن "ليبيرلاند" بصدد الإعلان قريبا عن دستورها وقوانينها الخاصة، علما أنها لا تفكر في تأسيس جيش ولن تفرض الضرائب على مواطنيها.
وأكد جيدليكا أنه سيواصل جهوده للتعريف بدولته خلال الأيام المقبلة، مشيرًا إلى أنه ما زال بانتظار رد فعل جيرانه، الذين لم يعلنوا حتى الآن عن موقفهم من جارتهم الجديدة "ليبرلاند"، وفقا لتصريحاته لمجلة "تايم" الأميركية.
وأعلن رئيس الدولة الجديدة حاجة بلده إلى مواطنين تتوفر فيهم الشروط التالية: (احترام الآخرين وآرائهم على اختلاف أصولهم وأعراقهم ودياناتهم. احترام الملكية الخاصة وعدم المساس بها. ألا يكون له تاريخ نازي أو شيوعي أو تبنى في الماضي أي فكر متطرف. لم يعاقب أو يصدر ضده أحكام بشأن جرائم ارتكبها في الماضي).
وقال إن "من تتوافر لديه الشروط ويرغب في التقدم للحصول على حق المواطنة والحياة على أرض الجمهورية الجديدة، بإمكانه ملء استمارة الطلب التي ستكون متاحة على الموقع الخاص بالجمهورية الجديدة في غضون الساعات القليلة المقبلة".
مصر كانت سباقة فى إبهار العالم بمثل هذه المحاولات للانفصال عن النظام السائد اعتراضا سياسته ضد الدولة ككل بشكل عام، ولعل حكاية جمهورية زفتى هى الأفضل والأكثر واقعية، ومر عليها حوالى 95 سنة وهى حكاية مدينة مصرية سطر التاريخ اسمها بحروف من نور وحكاية ثائر صغير نال احترام كل من عرفه.
وتعد القصة من أهم فصول ثوره 1919 حيث كان البطل محامى شاب من النوع الذى تقوى الصدمات عزائمهم وتحفز ما فى نفوسهم من قوى اختار أن يشارك فى الثورة على طريقته إنه يوسف الجندى الذى وصف بالأدب الجم وكرم العشرة مع ضبط النفس وحسن تقدير الأمور، وكان محل إعجاب وتقدير الجميع وهو الذى جعل للمعارضة موقفا كريما يحترمه خصومه قبل مناصريه.
ولد الجندي فى فبراير 1893 بمدينه زفتي وأتم دراسته الابتدائية ثم التحق بمدرسه رأس التين الثانوية بالإسكندرية ومنها إلى كلية الحقوق التى فصل منها عام 1914 لأنه حرض الطلبة على الإضراب احتجاجا على إعلان الحماية الإنجليزية عقب ابتداء الحرب.
ومنذ أن بدأت حركة الوفد وهو يتردد بين القاهرة والريف ولمع يوسف الجندى فى جلسات ثائرة فى محلات (جروبي) ومجادلات فى حديقة بيت الأمة، وفي خطبة عنيفة على منبر الأزهر الذي كان قاعدة الثورة عرفة سعد باشا وكبار أعضاء الوفد ثائرا لا يهدأ.
وفي يوم 8 مارس1919 اعتقل سعد ورفاقه وتم نفيهم إلى جزيرة سيشل، وخرج المصريون مسيحيين ومسلمين فى مظاهرات صاخبة لتسجيل غضبهم ضد هذا الإجراء التعسفى ولأول مرة فى تاريخ مصر خرجت سيدات وانفجرت الثورة على هذه الشاكلة، ويوسف الجندى فى قريته زفتى واتجهت إليه أنظار القرويين ينتظرون منه أن يصنع شيئا.
وقام الفلاحون بقطع السكك الحديدية، رأى الناس أنه لا بد من عمل شيء خطير ينطوى على معنى الثورة فقرر الثائر الشاب الاشتراك فى الثورة على طريقته.
•جمهوريه زفتى
رأى يوسف أن تنفصل زفتى عن المملكة المصرية وتعلن استقلالها وقيام جمهورية بها، وكان المقصود من هذا العمل هو لفت أنظار العالم لمدى التأييد الشعبى لسعد زغلول ورفاقه، وبعد أن تبلورت الفكرة بدأوا فى التحضير لإعلان الاستقلال صباح يوم 18 مارس 1919 حيث تجاوب معهم جميع أهالي البلدة من فلاحين وأعيان وشباب.
ووصل الأمر لتوسل رجل من الخارجين على القانون للانضمام لهم وكان يدعى (سبع الليل)، وكان يتزعم عصابة مسلحة تروع أهل البلد والقرى المجاورة وطلب من أهل البلد المشاركة معهم وإعلان توبته لرغبته فى قتال الإنجليز، فإن مات فسيصبح بطلا وأوصى منشد البلد أن يتغنى ببطولاته لو قتله الانجليز.
وبدأ الجندى الثائر يعمل فأعلن عن تشكيل لجنه للثورة من بعض الأعيان والأفندية المتعلمين والتجار الصغار، واتخذوا مقرا لهم قاعة واسعة فى الدور الثانى من مقهى يملكه يونانى عجوز اسمه (مستوكلى ).
واجتمعت لجنه الثورة وقررت أن تبدأ بوضع يدها على السلطة الفعلية بالاستيلاء على مركز البوليس وزحف يوسف الجندى إلى المركز على رأس مظاهرة ضخمة، ضمت كل رجال القرية منهم من حمل أسلحته القديمة ومنهم من تسلح بالعصى وفروع الأشجار والفئوس.
وشاءت الظروف إن تجنبت الدولة إراقة الدماء إذ كان مأمور المركز رجلا وطنيا اسمه (إسماعيل محمد) ومعه معاون بوليس اسمه (أحمد جمعة) وخرج المأمور إلى المظاهرة وسلم يوسف المركز والسلاح وقيادة الجنود والخفراء وانضم هو الآخر إلى المظاهرة، ثم عرض عليه الجندى أن يكون مستشارا للدولة الجديدة بوصفه خبيرا بأحوال الإدارة فيها.
وفي صباح يوم 18 مارس كونوا المجلس البلدى الحاكم برئاسة يوسف الجندى وأعلنوا الاستقلال. وذهب عوض الجندى المحامي ابن عم يوسف الجندى إلى القاهرة وابلغ الصحف بما حدث لنشر الخبر.
واتجهت المظاهرات إلى محطة السكك الحديدية والتلغراف فسيطرت على التلغرافات واستولت على عربات القطار التى كانت مشحونة بالقمح لإرسالها إلى السلطات الإنجليزية.
وكان على الدولة الجديدة أن تحل مشاكلها الداخلية فجمع يوسف أعيان القرية وطلب منهم التبرع ليصبح للدولة خزانة، وبالفعل تمت التبرعات وكان مقصد يوسف من ذلك أن يجد المال الذى يشغل به الأيدى التى تعطلت نتيجة لظروف الثورة فلا تتحول هذه الأيدى للسرقة والنهب.
وطارت الأنباء إلى القاهرة ومنها عبرت البحار إلى لندن ونشرت صحيفة (التيمس) أن قرية زفتى قد أعلنت استقلالها ورفعت على مبنى المركز علماً جديداً.
وعندما وصل الخبر للإنجليز فى يوم 18مارس قرروا إرسال قوة كبيرة من الأستراليين للاستيلاء على البلدة عن طريق كوبرى ميت غمر.
وأدرك رجال الوفد مدى الخطر الذى يتعرض له يوسف فأرسلوا له الرسل والرسائل ليعود إلى القاهرة، وتصدى الأهالى لتلك القوة فرجعت وتمركزت فى ميت غمر، وفى الصباح علم الأهالى أن هناك قطارا قادما إلى البلدة محمل بمئات الجنود والعتاد، فما كان من سبع الليل ورجاله إلا أن قطعوا قضبان السكة الحديد من خارج البلدة فعجز الإنجليز عن دخول البلدة للمرة الثانية ولخطورة الموقف أعلنت إنجلترا عن تغيير المعتمد البريطانى وتعيين الجنرال (اللنبى) معتمداً لبريطانيا فى مصر، واستمرت حالة عدم الاستقرار سارية فى البلاد، حيث لجأ المصريون فى مختلف المحافظات إلى تخريب الطرق وقطع خطوط الاتصالات وأسلاك التلغراف وأعمدتها كما فعل أهالى زفتى.
وتريث الإنجليز حتى تهدأ الأمور فى أنحاء مصر وفى فجر يوم 29 مارس1919 فوجئ أهالى زفتى بعشرات المراكب التى تحمل الإرسالية الأسترالية تقوم بعملية إنزال الجنود على شاطئ النيل بالبلدة وقيامهم بإطلاق النار فى الهواء على كل من يحاول عرقلة استيلائهم على البلدة.
وقاموا بالتفتيش عن يوسف وأعلنوا عن مكافأة مالية لمن يرشد عنه، إلا أنه تحت جنح الليل تسلل إلى قرية (دماص) ومكث فيها حوالى أسبوعين.
وأفرج عن سعد ورفاقه يوم 17 أبريل 1919، أما يوسف فقد ظهر بعد ذلك يخطب فى جروبى بالقاهرة ويحرض على استمرار النضال شيئا فشيئا استقرت الأوضاع ورشح يوسف نفسه لمجلس النواب فى أول انتخابات عام 1924 عن حزب الوفد وأنتخب نائباً ثم وكيلاً برلمانياً وعندما أعيد تشكيل وزارة الوفد عام 1937 أختاره النحاس ليكون وزيراً للمعارف إلا أن الملك فاروق رفض عقاباً له على تصويته ضد المخصصات الملكية إلا أن السراي حاولت استرضاءه فى وقت لاحق وعينته عضواً فى مجلس الشيوخ.
وناضل يوسف الجندى فى جلسات مجلس الشيوخ فى مواضع كثيرة مثل نضاله من أجل دعم بنك مصر وإنقاذ هذه المؤسسة الوطنية من عثرتها وفى عام 1936 عين وكيلاً لوزارة الداخلية، إلى جانب عضويته فى مجلس الشيوخ وفى هذه الفترة أعد مشروعات قوانين للعمد والمشايخ والخفراء والمشبوهين وقوانين للمحال العامة والأندية الخاصة، وكان يوسف أحد الذين ساهموا فى إعداد قانون المحاماة عام 1937 حيث مات فى هذا العام وكرمته الدولة بأن أطلقت أسمه فيما بعد على أحد شوارع القاهرة.
وفى العصر الحديث جددت محافظة بورسعيد ما فعله يوسف الجندى فى جمهورية زفتى اعتراضا على حكم الإخوان وما ترتب عليه من قرارات كارثية فأعلنت المحافظة الاستقلال عن مصر وحكم الإخوان، ردًا على قرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة بفرض حالة الطوارئ وحظر التجوال.
وشكل شباب المحافظة حكومة لإدارة شؤون المحافظة، هذا وقد شهدت مصر خلال الفترة الماضية إعلان بعض المدن الاستقلال، من بينها المحلة الكبرى ومدينة طنطا.
•المحلة
وخلال فترة حكم مرسى أيضا أعلن عدد من القوى السياسية بالمحلة الكبرى باستقلالها عن محافظة الغربية واسقاط شرعية النظام الإخوانى فى إطار فاعليات ما أطلق عليه جمعة الكارت الأحمر.
وأعلن «التحالف الثورى» فى المحلة وقتها أن المدينة لا تعترف بشرعية الرئيس الإخوانى محمد مرسى كحاكم للبلاد.
وحينها قال محمود حنتيرة، مسئول حركة 6 أبريل بالمحلة، إن الرئيس فقد شرعيته عقب الاشتباكات الجسيمة التى حدثت بمحيط قصر الاتحادية منذ يومين، معلنين استقلالها عن محافظة الغربية، وأنها غير تابعه لها حيث قام المئات من المتظاهرين اليوم بمحاصرة مقر مجلس مدينة المحلة الكبرى للمطالبة باستقلال مدينة المحلة.
وتجمع المئات من حركة 6 ابريل الجبهة الديمقراطية والدستور والمصري الديمقراطي الاجتماعي، والمصريين الأحرار، والتحالف الشعبي الاشتراكي، والجبهة الديمقراطية، ومصر الحرية، والتيار الشعبي، والجمعية الوطنية للتغيير، وذلك بميدان الشون اعتراضا على الإعلان الدستور الذى أصدره الرئيس محمد مرسى لتحصين قراراته.
المحلة مستقلة
وقبل الذكرى الثانية للثورة، أقامت منظمة ''استقلال مدينة المحلة'' مؤتمرًا تحضيريًا للإضرابات والاعتصامات المُقرر تنظيمها يوم25 يناير، والتي جاءت بهدف ''إسقاط النظام وعدم أخونة الأجهزة الحكومية بالدولة''.
وطالبت المنظمة بـ''ضرورة وضع مدينة المحلة كمدنية ذات طابع خاص، وتحويلها لمحافظة، وأن تكون لها ميزانية مخصصة'' وعللت ذلك بأنها مدينة تجارية عمالية صناعية من الطراز الأول على مستوي الجمهورية.
وأصدرت قوى وطنية بمدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية بيانًا من ''مجلس إنقاذ الثورة'' أكدت فيه على ضرورة استقلال المحلة عن مصر، وتأسيس نموذج لسيادة القانون المستند إلى شرعية الجماهير، التي أوضحت أنها ''طالبت، وما زالت تطالب بالحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة''.
وأعرب عمال من المحلة عن رغبتهم في السيطرة على إدارة الحكم المحلي، موجهين رسالة إلى النظام الحاكم بأن الأمر في استطاعتهم،

•فوضى بورسعيد
وفي بورسعيد، شهدت المحافظة عقب النطق بالحكم في القضية المعروفة إعلاميا بـ''مذبحة بورسعيد'' حالة من الفوضى الناجمة، ظهرت في محاولات اقتحام للأقسام وتهديدات بإغلاق قناة السويس، الأمر الذي أدى لسقوط عدد من القتلى والمصابين.
وتخوف البعض من أن تصل حالة الغضب لإعلان استقلال بورسعيد عن مصر، حتى جاء يوم الجمعة الموافق 1 فبراير، وسُميت بـ''جمعة الخلاص'' وهتف أهالي بورسعيد شعار ''دولة مستقلة'' وسط دعاوى عديدة بضرورة انفصالها، وقاموا برفع أعلام مكونة من ثلاثة ألوان، الأبيض والأخضر والأسود، تتوسطها كلمة بورسعيد، تعبيرًا عن رغبتهم في الاستقلال عن الدولة.