الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أوقفوا هجرة شبابنا .. للموت


إستكمالاً لما طرحته الأسبوع الماضي حول الحالة المخيفة من تهريب الشباب الحالم لشواطئ أوروبا عبر البحر ومن خلال سواحل ليبيا وتونس !! وكما كنت أعتقد ... ولكني فوجئت بإتصالات حول ما كتبت الاسبوع الماضي من شباب أعرفهم شخصياً ولم أكن أعرف إنهم وصلوا الي باريس بعد أن خاضوا رحلة الموت هذه ووصل منهم العديد وقبض علي آخرين وفقد بالفعل منهم من لا يعلموا عنهم اي شئ حتي الآن.
وبصراحة صدمت مما ألقي علي مسامعي من سبعة شباب خاضوا تلك التجربة كل منهم يحمل قصة رحلة الموت التي مر بها ومع إختلاف دوافع كل منهم لخوض تلك المخاطرة الكبري التي إنطوي أغلبها علي الرغبة في الهجرة كمبدأ قبل أن يكون الدافع إقتصاديا بحتا، فجميعهم كانوا بالفعل يعملون بل وكانوا عمالا مهرة وصيادين وكسيبة علي حد أقوالهم.
وكانت الصدمة لي عندما إكتشفت أن تلك العينة من الشباب كلهم تم تهريبهم من مصر مباشرة وعبر شواطئ لبحار وبحيرات مصرية وبتغاضي تام من الجهات الأمنية التي وحسب أقوالهم بيقبضوا من مافيا التهريب . والفاجعة لي كانت عندما ذكرت أسماء كبار المهربين الذين يعملون في تلك التجارة بالأرواح والتي يعتلي هرمها في الاسكندرية المدعو ( إ . أل ) وهو أحد المحكوم عليهم بالسجن لعشر سنوات سابقة قضاها بالفعل ومعه آخرون ( ح . ف ) وآخر ( م . ش ) وجميعهم مسجلين لدي السلطات المصرية ، وهم جزء من شبكة عنكبوتية بها العشرات من السوريين اللاجئين والذين أصبحوا محركا رئيسيا في تلك العمليات التهريبية من مصر وآخرين من بنجلاديش.
وهؤلاء السوريون كذلك معروفون للسلطات ، وتملك تلك الشبكة قرابة ال ٢٠٠ مركب من حجم ال ٢٧ مترا ومعهم ٢٠ رخصة قيادة بحرية فقط لصعوبة الحصول عليها . ويتراوح ثمن المركب من مليونين لثلاثة بالرخصة وكل مركب مجهز بأجهزة بحرية متقدمة وكذلك بتليفون ( الثريا ) الذي أقروا بأنه متداول بوفرة لدي تلك الشبكة الإجرامية !!
ويتراوح عائد الرحلة ما بين المليون والمليون ونصف دولار تصب في جيب المدعو ( إ . ال ) الذي يقوم بتوزيعها علي مشاركيه ومن سهلوا لهم ، وكل الرحلات التي خاضها هؤلاء الشباب كان علي متن كل رحلة ما لا يقل عن قرابة الثلاثمائة شاب ، منهم من هم دون الثامنة عشرة وتسعيرته ب ٥ آلاف دولار لأنهم يستطيعوا الحصول علي الإقامة بشكل اسرع ممن هم فوق الثامنة عشرة والذي سعر رحلتهم فقط ألفين دولار.
وبالطبع وكما فهمت فإن موسم تلك الرحلات القاتلة يبدأ من مايو وحتي اكتوبر ويقل في الشتاء لبرودة سواحل اوروبا . ويتم تسقيع ! الطلبات وتخزينها كما قالوا لموسم الربيع والصيف . وإكتشفت عبر هؤلاء الشباب أن هناك رحلات تخرج من الاسكندرية من شاطئ بحر البرلس وأخري من منطقة الطرح البحرية بدمياط وأخري عبر مزرعة سمكية تتصل مباشرة بالبحر في مدينة إدكو ويملكها أحد فروع تلك الشبكة الإجرامية المتاجرة بأرواح شبابنا.
وعندما سألت هؤلاء الشباب متفرقين عن نهاية رحلتهم والطريق الذي سلكوه . أجمعوا بأنهم عبروا البحر الي المياه الدولية في طريق البوابير ؟ متوجهين علي بوصلة ٢٧٠ درجة مروراً بالمياه الإقليمية لبنغازي ثم ٣٤٠ درجة وصولاً لشواطئ إيطاليا . وثلاثة منهم أرسي المركب علي شواطئ إيطاليا دون أي كمين بحري يعترضهم والأربعة الآخرين مروا بتجربة القبض علي المركب وتسليم كل من فيه للصليب الأحمر الذي يقوم بعمل ملفات لكل فرد وفق البيانات المعطاة والتي يبدلوها خوفاً من الترحيل لمصر.
ويتم القبض علي قائد المركب ومساعديه ويقدموا للمحاكمة ليقضوا علي أقصي تقدير ثلاث سنوات او أربع في السجن .. وللعجب المستمر من جانبي أقر هؤلاء الشباب كلاً منهم علي حدة بأنه يعرف العشرات والعشرات من المصريين السجناء في قضايا مشابهة في كل من إيطاليا واليونان ومالطة ؟
وبالطبع توقفت علي بعض أسماء من الضباط المرتشين والموزعين في مراكز عديدة منها البحري ومنها الاداري حتي المخابرات، والذين يمثلون الشبكة الحامية المساعدة والمسهلة لحالات القتل مع سبق الإصرار التي تمارسها تلك الشبكة الإجرامية من عمليات تهريب تبدأ بأرواح الشباب وتعود أدراجها لشواطئنا المصرية وهي محملة بالممنوعات علي تنوعها من المخدر للسلاح.
بل والمدهش أن رد فعل الشباب جميعاً وعلي إختلافهم عندما أبديت إستنكاري لوجود تلك الشبكة المساعدة في بعض مؤسسات الدولة الحساسة . كان رد فعل ساخر من سذاجتي وعدم إلمامي بالوضع الحقيقي المتردي في منظومة الفساد المستشرية والتي إستباحت التجارة بأرواح شباب في عمر الزهور ، وقبل أن أنهي تلك الكلمات التي روت علي مسامعي بالأسماء والتواريخ والأماكن والمبالغ وبمنتهي الدقة بل وبعناوين رؤس تلك الشبكة التي جلبت لأوروبا فقط علي مدار أعوام ثلاث مضت أكثر من مائة الف مصري . هم تعداد من وصل . ونظيرهم بالعدد ما بين مفقود وسجين !
دعونا نتساءل . هل يوجد في مؤسساتنا السيادية من هم شرفاء يستطيعوا التدخل الفوري لإيقاف تلك العمليات التهريبية التي يخاطر فيها بأرواح أبرياء حالمين . أم أن ...؟