الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تكفير تنظيم الدولة.. وتجديد الخطاب الديني


كان من المأمول أن تكون قضية الحكم على (تنظيم الدولة) فرصة لإبراز الجهود في مجال تجديد الخطاب الإسلامي بصورة علمية وأن تتم دعوة العلماء لإعادة النظر في حكم هذه الطائفة التي مزقت العالم العربي والإسلامي بصورة لم يقدر على فعلها اليهود في أوج مجدهم والنظر في مدى صلتهم بالإسلام بعد تغير الزمان والمكان والاحوال بصورة يتغير معها الحكم الشرعي نظرا لاختلاف واقعه لا سيما بعد حدوث تطورات ادت الى تغير مناط الحكم ومن أهمها:
1. إجماع اهل السياسة على حضور البعد التآمري في نشوء واستمرار وتمويل (تنظيم الدولة) من عدة جهات كإيران من جهة وبعض الجهات الغربية من جهة اخرى، أفلا يكون لذلك ظل في تجديد النظر في الحكم عليهم من باب مظاهرة غير المسلمين على المسلمين مثلا؟
2.تطور مفهوم (الانتساب إلى الإسلام) لقد كانت قضية تكفير شخص ما او جماعة من عدمها سابقا تفهم في إطار فقهي بين نخبة علمية تدور رحاها حول تمتعه ببعض الحقوق والواجبات كالميراث والدفن والتغسيل والتكفين في مقابر المسلمين وهي في النهاية حالة فردية تعنيه هو فقط، اما الآن فقد تغير الواقع وأصبح عدم التكفير يعني عند غير المسلمين منح الغطاء الانتمائي وإقرار الأفعال وتفهم الدوافع لا سيما إذا كانت أفعاله متعلقة بمصائر غير المسلمين وحياتهم ..ثم إن عقلية غير المسلم لا تعرف دقة المفاصلة المستقرة في أذهان علماء المسلمين التي تفرق بين حالة ( الكفر) وحالة (الفسق) وحالة (البغي) ومقتضيات كل حكم هو سيأخذ رأس الكلام ويمضي وهي انك لم تكفره اي ما زال منتسبا الى الدين ويتمتع بحقوقه وواجباته أفلا يكون كل ذلك دافعا لإعادة النظر في حكم تنظيم الدولة من باب الصد عن سبيل الله؟ لا سيما مع اعتبار الشارع لمآل نظرة غير المسلمين إلى تصرفات المسلمين كما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عدم قتله لعبد الله بن ابي بن سلول (مخافة ان يقال ان محمدا يقتل اصحابه).
3.أمر آخر... ماذا يعني أن نرى امام اعيننا تدمير دول مسلمة، والعمل على انهيار جيوش لها تاريخ طويل وخبرة عريقة في مقاتلة إسرائيل، وحماية المجتمعات الإسلامية، في الوقت الذي يقتل فيه اسرائيلي واحد ولم يفجر داعشي نفسه في اي مدينة إسرائيلية وما سيبنى على ذلك من سيطرة جيوش غير مسلمة على ديار الاسلام والتحكم في قرارها كما في حدث في سوريا والعراق وليبيا ثم نقول بعد كل ذلك ...هؤلاء مسلمون...فأي اسلام بقي؟ وهل من يفعل كل ذلك مسلم؟ صحيح أن الخوارج لم يكفرهم اكثر العلماء ، غير ان الخوارج كانت حالة اسلامية داخلية تختلف عن حالة تنظيم الدولة لا سيما في مآل أفعالهم وتصرفاتهم التي تؤول وتنتهي قطعا إلى ضياع الدول وهتك الأعراض وتمكن غير المسلمين من ديار المسلمين تحت دعاوى التدخلات الدولية أفلا يكون ذلك دافعا لإعادة النظر في مدى انتسابهم إلى الإسلام؟
من هنا كان من المأمول ان تتم إعادة النظر في حكم هؤلاء في ظل ما يأتي:
4. إن قضية تكفير الخوارج – أقرب نموذج تاريخي لتنظيم الدولة - ليست من مواطن الاحكام المستقرة او القضايا القطعية حتى يقال لا علاقة لها بالتجديد وإنما هي من موارد الخلاف بين الامة فمن العلماء من كفرهم ومنهم من لم يقطع بتكفيرهم.
5.تكفير أعيان تنظيم الدولة لا يكون من جهة التكفير بارتكاب الكبيرة وإنما من جهة خصوصية احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم عن قوم مخصوصين وصفهم بقوله (حدثاء الأسنان الذين يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).
6. إن تكفير الخوارج – النموذج التاريخي لتنظيم الدولة- قول قوي وله حججه القوية وهي أحاديث المروق المشهورة عند علماء الفرق؛ رادين الخوارج إلى سلفهم القديم ذي الخويصرة وموقفه الخاطئ من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي أقرب إلى الدلالة القطعية (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) فشبه خروجهم من الدين بخروج السهم المصاد به الحيوان منه وفى احاديث اخرى (شر قتلى تحت اديم السماء) ومعلوم ان شر القتلى وشرار خلق الله هم الكفار وايضا (لأقتلنهم قتل عاد وثمود) ومعلوم ضرورة كفر عاد وثمود.
7. إن قضية تكفير تنظيم الدولة ليست لها علاقة بالمستقر في اعتقاد اهل السنة والجماعة من عدم تكفيرهم لمرتكب الكبيرة ما لم يستحلها وإنما هي من باب خصوصية ورود احاديث الفرق خاصة متعلقة بحال فريق من المسلمين حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام.
8.يتلبس تنظيم الدولة بممارسات هي إلى الكفر أقرب منها إلى الفسق او البغي كاستحلال دماء المخالفين والعاملين في نظام الدولة كالجيش والشرطة والقضاء وصارف الكفر هنا شبهة التأويل، وفي ظل الواقع المعاش ينتفي التأويل المستساغ أو المقبول الذي زال بانتشار العلم وذيوعه.
9.جهات تكفير الاعيان هي ساحات القضاء التي تستوفي إجراءات إقامة الحجة بصورة تبرأ معها الذمة ويتحقق بها الإعذار إلى الله تعالى وليست الجهات العلمية او الفكرية.