الشيخ معوض عوض إبراهيم أكبر معمر أزهري يروي لــ"صدى البلد":
الأزهر الكعبة الثانية وعلى الناس أن يؤازروه
وقفنا على الضفة بحرب أكتوبر مع شيخ الأزهر وكنا واثقين في النصر
محمد الأودن والزنكلونى وأبو زهرة.. أبرز من نهلت من علمهم
أيام قليلة وينهى عامه الرابع بعد المائة مواصلا مسيرته الدينية في
نشر العلم، إنه الشيخ العلامة معوض عوض ابراهيم، أكبر معمر أزهري، بدأ حياته واعظا
بالأزهر الشريف وسافر مبعوثا له في عدة دول إسلامية وله ذكريات عديدة في حرب
السادس من أكتوبر مع الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وقتها.
ربى أولاده على حب العلم واحترام الناس، وشهد له جيرانه بالعلم
والخلق، ويقبل عليه طلاب العلم من شتى بقاع الأرض ليتزودوا من علمه وينهلوا من
خبرته.
حاور "صدى البلد" الشيخ معوض إبراهيم أكبر معمر أزهري، ليحكي
لنا قصة حياته ورؤيته في دور الأزهر لمواجهة الفكر المتطرف.
إلى نص الحوار.
حدثنا عن قصة حياتكم المليئة بالأحداث بكونكم شاهدا على عدة عصور
مختلفة
ولدت في 20 أغسطس عام 1912 في قرية كفر الترعة بمركز شربين بمحافظة
الدقهلية، التحقت بالأزهر عام 1926 بعدما أتممت حفظ القرآن بكتاب القرية وحصلت على
الابتدائية عام 1930، والكفاءة عام 1933، والثانوية 1935، ثم التحقت بكلية أصول
الدين بالقاهرة وحصلت على التخصص في الدعوة عام 1941، وحصلت على إجازة الماجستير في
التربية وعلم النفس، وأحمد الله أن جعلني محبا لعلوم الدين.
اشتغلت مبعوثا للأزهر الشريف في عدة دول، وعملت محاضرا للدراسات
العليا بقسم الحديث بكلية أصول اديم عام 1973، ومدرس بكلية الشريعة بالرياض وباحث
علم في رئاسة البحوث والإفتاء إلى عام 1976، ثم مدرس بكليتي أصول الدين والحديث النبوي
في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وعملت رئيسا لقسم الدعوة بوزارة الأوقاف
الكويتية حتى عام 1985.
ماذا عن علاقتك بوالديك؟
أشعر بأن الله لا يقبل صلاتي إلا وأنا أختمها بالدعاء لأبى وأمي في
جنح الليل، حيث يقول النبي "ركعتان في جوف الليل خير من الدنيا وما
فيها" وعندما تتيح الفرصة لي أزور قبرهما، ولما توفيت أمي كنت مبعوثا للأزهر في
دولة اليمن الشقيقة ولما رجعت علمت أنها أفضت إلى رحمة الله تعالى.
حدثنا عن علاقاتك الاجتماعية مع الناس؟
أحمد الله عز وجل أننى أعرف الناس وأحرص أن تكون طباعي فيها من الرقة
واللطف ما تعني قريبا منهم أبادرهم حبا بحب وإخاءً بإخاء بذلك تصلح الدنيا وتطيب الحياة
ويرضى الله ونجد أنفسنا عند الله في الجنة إخوانا على سرر متقابلين، وعشت بين
أبناء قريتي وأنا ما زلت دون العاشرة أتردد بين بيتي والكتاب والمدرسة الأولية حتى
صرت مؤهلا لأن أنتسب إلى معهد دمياط الابتدائي وفى كل ذلك كنت أعرف الناس وأحرص
على ودهم وأصرف نظري عن إساءة من أساء إلى وقد أكون أسأت بعض الشيء فالكمال لله
وحده.
كيف كانت تربيتك لأبنائك؟
لدى من الأبناء ثلاث بنات و6 من الذكور وهم طارق، صلاح، محمود،
يحيى، عدنان، أحمد، ربيتهم على الأساس الذى تربيت عليه في بيت والدى وحرصت على أن
يكون أولادي على غرار تربيتي، وعاملتهم بكل لطف وحب، وأحمد الله على أنهم أعطوا كل
عنايتهم بالتعليم، فمنهم من كان أول دفعة في الدفاع الجوي بالإسكندرية ومنهم من
تخرج من الطب والهندسة، أما البنات فاكتفين بعد التعليم بالمكوث في البيت ليرعين
أولادهن بعد الزواج.
كيف تقضى شهر رمضان؟
أنا رجل جاوزت المائة عام وحركتي بطيئة واقضي معظم الأوقات في البيت
وأنزل فقط لصلاة الجمعة، وأصل من وصل وأما اللى جفا فلا أسوء، فالجنة أعدها الله للمتقين
وهم من كانوا في الدنيا على تناجى بالبر والتقوى والنبي يقول: "من أحب في
الله وأبغض لله وأعطى لله فقد استكمل الإيمان"، وشهر رمضان يجمع منا ما تفرق
وفيه تصوم ألسنتنا وقلوبنا، ولابد من الإقبال فيها على الله بصوم وقيام وأعمال
صالحة، وأن شهر رمضان سمى بهذا الاسم لأن الذنوب فيه ترمض وتغفر.
وكنت في ذات المرات في صنعاء خلال شهر رمضان وكنت مع زملائي وبعد
الإفطار يأوي كل واحد منا إلى مصحفه للقراءة، وفى ذات ليلة طلبوا منى إعداد ملابسي
للقيام برحلة في صنعاء وكنت مريضا وأثناء الرحلة كتبت قصيدة تقول:
غادرت صنعاء لا الدنيا على بالى.. ولا صغارى ولا زوجى ولا آلى
ولا زكام كوى أنفى وهاج به صدرى.. ورأسى ولم يرفق بأوصالى
أسلمت لله قلبى مز دعيت إلى.. عمران والفجر لم يؤذن بأطلالى
كيف ترى دور الأزهر الشريف في مواجهة الفكر المتطرف؟
الأزهر يقوى بوظيفته ويقوم للدين والدنيا بما يناسبه فالأزهر هو
الكعبة الثانية، فإذا كان الناس يأتون إلى مكة والمدينة حاجين، فهم يأتون إلى
الأزهر لتحصيل العلم والتزود منه، بعيدا عن التسلف الزائد والتمزق الذى لا يقوم
عليه بناء، وعلى الناس أن يحبوه وأن يعطوه من المؤازرة والتوقير لمن يقومون على رأسه
من شيوخه وعلمائه، وحسنا الله ونعم الوكيل على كل من يرمون الأزهر بغير ما فيه وكفى
بالشمس أن يكون شعاعها دالا على سطوعها، هذا هو الأزهر فكما عرفتم من حق لله في
صيام رمضان، اعرفوا حق هذا البحر بهذا الأزهر حقه حتى يواصل رى العالم وسقيا الناس
وأن تجود الأرض بالزرع والثمر وهو بذلك قدير بمشيئة الله.
كم دولة سافرت إليها؟
سافرت إلى كثير من دول العالم ومنهم الكويت والسعودية واليمن وإسلام
أباد ولاهور وبيشاور.
كيف ترى نفسك بعد المائة العام؟
أحمد الله عز وجل أننى أشعر أننى أديت وما زلت أؤدى في هذا النطاق
الضيق الذى يأتينى الناس فيه من أندونيسيا ومن الصين ومن شتى بلاد الله ليتلقوا العلم
ويقرأون على ما يريدون قراءته من العلم الذى يقول الله فيه: "يرفع الله الذين
ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات".
حدثنا عن ذكرى العاشر من رمضان؟
كان قدرا لطيفا أن يأتى حرب أكتوبر في هذا الشهر الكريم وقد كتب الله
للمسلمين ما كتب لهم في غزوة بدر التى كانت في رمضان وكان المسلمون فيها لا يملكون
إلا فرسين اثنين ولكن الله نادى ملائكته فقال: "إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ
أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ۚ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ
كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ
بَنَانٍ"، ورأى المسلمون في آخر المعركة أن هناك ناسا يطيحون بضرب الرقاب
والبنان وعلموا بعد ذلك أن هؤلاء الملائكة.
ما هى ذكرياتك مع الشيخ عبد الحليم محمود في الحرب؟
رافقت الشيخ عبد الحليم محمود في زيارة للإسماعيلية وكان معنا أحد
مسئولى التوجيه المعنوى بالقوات المسلحة ووقفنا على ضفة القناة وكنا واثقين يقينا من
أن الله ناصرنا على عدونا.
نعم الشيخ عبد الحليم محمود كان رجلا من رجال الله وكان لا يدع فرصة
من الفرص إلا ذكر بالله عزوجل، وأرى منه القدوة الطيبة، وكان مسمعا ويتمنى أن يكون
للأزهر مكان في كل قرية من قرى مصر، وبالفعل أعانه الله على إنشاء الكثير من
المعاهد والكليات.
أبرز الشيوخ الذين أثروا فيك؟
أبرزهم الشيخ محمد الأودن والشيخ الزنكلونى والشيخ محمد أبو زهرة،
ولكن مرة قدموا لأحد الناس أنواعا من الحلوى وقالوا أيهم أحسن، فرد عليهم أنه
لايستطيع أن يحكم لأنه كلما أراد أن يحكم على واحدا بأنه الأحسن تبين أن هناك أحسن
منه، فشيوخنا في الواقع جميعهم أثروا فينا، ونسال الله أن يباكر في أعمارهم إن
كانوا أحياء ويسكنهم جنته إن كانوا أمواتا.