- - الدولة أزالت الحارة بداعي ترميم وترسيم سر مصر القديم من ميدان رمسيس للجمالية
- - "طارق الشيخ" إشتهر في حارة العوالم باسم "دلعو".. وعبد الباسط حمودة يزورها كثيرًا
- - وقفة تاريخية للحارة مع ابنها حسن الأسمر حتى هيمن على الساحة بالكامل
- - "البامبو" أشهر عائلات الحارة التي امتهن الفن الشعبي
قبل 15 عاما قامت حكومة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بالإعلان عن مشروع تراثي تشرف عليه وزارة الثقافة التي ترأسها الوزير الفنان فاروق حسني وقتها لإبراز وتطوير سور مصر القديمة في منطقة الفجالة وباب الشعرية امتدادًا، وحتى بوابة حي الجمالية العريق، وهو الأمر الذي دفع الحكومة وقتها الى إزالة العديد من العقارات في حي باب الشعرية والفجالة الا أن المشروع لم يكتمل دون أن يكون هناك سبب واضح لإيقاف المشروع.
لم يشمل المشروع فقط العقارات العادية التي امتدت في المنطقة بل وصلت الى إزالة كاملة لـ"حارة العوالم"، واحدة من اشهر الحواري المصرية العريقة التي عرفت الفن بكل أشكاله سواء مطربون أو راقصات، عازفين ، ومونلوجيست حيث أزيلت كل معالم الحارة والتي تمثلت في محلات لتأجير الآلأت الموسيقية، ومعارض لبدل الرقص الشرقي والاستعراضي التي كانت الفرق الشعبية تقوم بإرتدائه، وغيرها من العدد الموسيقية.
وتقع حارة العوالم بالقرب من ميدان باب الشعرية والتي تطل على شارعي بورسعيد والجيش حيث تحولت الحارة الى جراج للسيارات النقل يحكمه مجموعة من "البلطجية" والمسجلين بدلًا من المذاق التاريخي الذي كان طاغيًا عليها.
رصد "صدى البلد" تاريخ الحارة وجذورها التي قد لا يعرفها عنها المصريون سوى أنها رمزًا لتجمع الراقصات بها، حيث أكد الفنان الشعبي سليمان البرنس أن تسمية الحارة باسم حارة العوالم لأنها امتازت بأسطوات المهنة والمزيكا من النساء، وليس الراقصات مؤكدًا أن حارة العوالم أخرجت الكثيرين من الفنانيين الشعبيين التاريخيين لمصر، فلا أحد ينكر أن شعبية الفنان "حسن الأسمر" ملأت الوطن العربي بالكامل، وهو الفنان الذي بدأ حياته في الحارة وتعلم فيها أصول المهنة، حيث عانى الأسمر كثيرًا من الهجوم عليه الا أن الحارة احتضنته ووقفت بجواره حتى بات المطرب رقم واحد بالسوق، بالإضافة الى الفنان "كتكوت الأمير" والذي ظل في مقبل حياته يظهر ببدلة واحدة بيضاء أمام جماهيره وكرافت حمراء حتى انهالت ألبوماته وبات من ألمع نجوم الفن الشعبي.
واستطرد البرنس حديثه لصدى البلد قائلًا: "هناك فنانون على الساحة هم نجوم الفن الشعبي على رأسهم عبد الباسط حمودة وطارق الشيخ وهما من ابناء حارة العوالم كفنانين"، بالاضافة الى مجدي طلعت وغيرهم.
وكشف البرنس عن الاسم الحقيقي الذي اشتهر به الفنان طارق الشيخ وقتها وهو "طارق دلعو" مشددًا على أن طارق الشيخ لقب بالاسم الحالي مع الألبوم الأول له، وطالما غني بحارة العوالم والمنطقة، مشيرًا الى أن هناك نجومًا آخرين ارتبطوا بحارة العوالم أمثال الموسيقار الكبير الراحل حسين أبوالسعود، والفنان الراحل عبد المنعم مدبولي والفنان عبد المنعم ابراهيم.
وقال البرنس إن انتماء الموسيقار محمد عبد الوهاب الى المنطقة وحي باب الشعرية كأحد أبنائه وهو أعظم الفنانين المصريين في تاريخها دفع الجميع للتجمع في هذه المنطقة والاقتراب لحارة العوالم كثيرًا، مؤكدًا أن هناك فنانات آخريات صعدن من حارة العوالم مثل المطربة زيزي الأمير وغيرها، وتمنى أن توافق الدولة على إقامة مهرجان شعبي كبير باسم حارة العوالم وفي مكانها، حتى تستيقظ المهنة ويتم اكتشاف مواهب جديد وحقيقية.
وعن الحارة أكد البرنس أن حارة العوالم كان يسكن بها عائلة "بامبو" الشهيرة وهي عائلة كانت بها سيدات كثيرات من الدارجين تحت مسمى الأسطى أو العالمات، لكن لم يكن أحداهن راقصة يوما، وجميعهن ترك الحارة عقب إزالتها وتركن المهنة وباتو في مصير لا يعلمه الا الله.
وأوضح البرنس أن الحارة طالما كانت قبلة للباحثين عن المطربين من كافة البلدان العربية والمحافظات، حيث كان يرتكز الكثير من المتعهدين الشعبيين، وأصحاب الفرق في الحارة، وانتقد البرنس ما حدث للحارة قائلًا: "أين المشروعات التنوية والثقافية التي هدمت من أجلها الحارة؟".
وأكد البرنس أن المطربين يدفعون ثمن الأفراح "الجمعيات" التي كانوا يقومون بها في الماضي، مؤكدا أن موضة الفرح "الجمعية" والذي يهدف الى جمع أموال لمساعدة فرد كانت تقام بين المطربين لمساعدة بعضهم، وكان الجدد من المطربين الذين يدخلون الجمعية يطلق عليهم "التخشينة"، وتحولت بعدها الأفراح الى جمعيات، حتى انني والحديث على لسان البرنس ظللت لعام كامل يوميا أقوم بإحياء أعياد ميلاد يوميا في منطقة المنشية وهي جمعيها جمعيات لا يقوم المطرب فيها سوى بافتتاح الليلة وبعدها يمتلك النبطشي العملية بالكامل.
وكشف الفنان الشعبي في ختام حديثه عن أنه نجح في الغناء بعدما كان يقوم بمجاملة الكثيرين من أبناء المنطقة والأحياء المجاورة مشددًا على أن الحارة لها الفضل الكبير في ظهور ألبوماته الغنائية الواحد تلو الآخر.
ووسط الحديث انضم الى زوار المقهي المجاور لحارة العوالم والذي يضم عناصر من أهل الحارة، الفنان الشعبي المعروف حمدي الغريب، الذي أكد أنه يدين بالفضل في تاريخه الى شارع محمد علي حيث أنه كان يذهب اليه مترجلا على قدميه يغني ويقول المووايل ليتحايل على طول الطريق بين العتبة وبولاق أبو العلا حيث نشأ.
وأكد الغريب انه خلال 30 عامًا من العمل في مجال الطرب الشعبي تعلم الكثير في شارع محمد علي، وحارة العوالم التي ضمت نجوما كبارًا ايضًا، وأنه يذهب حاليًا بين الحين والآخر اليها ليزورها كما يزور قبر والده، بعدما تحول الشارع الى معارض للأثاث المنزلي، وكشف الفنان الشعبي عن أنه طاف أكثر من 20 دولة حول العالم من بينها فرنسا وهولندا وعدد من المدن الأوروبية والعربية خاصة تونس التي زارها أكثر من 20 مرة للغناء بها، وأضاف حمدي الغريب أنه كان يتمنى أن يلقى النجاح الذي يلقاه بالخارج مشيرا الى أن سفريات عديدة جمعته والفنان الكبير أحمد عدوية ابن شارع محمد علي، والذي عمل فيه في بدايات حياته "نبطشي".
وأردف أنه يزور حارة العوالم أيضًا كل فترة مثل فنانيين كثيرين أمثال عبد الباسط حمودة وطارق الشيخ ومجدي طلعت وغيرهم، وأنه يتمنى ان يرى تجمعات فنية مثل الماضي بدلًا من التعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي التي أفقدتنا الهوية.