السيدة فاطمة الزهراء.. الطفولة

ليست هناك سيدة أثَّرت فى التاريخ مثل السيدة فاطمة الزهراء، فهناك دولة سميت باسمها هى الدولة «الفاطمية»، عندما أرسل «المعز لدين الله الفاطمى» «جوهر الصقلى» ليفتح مصر، فأحسن معاملة المصريين، وكَفَّ جنوده عنهم، فسلَّم له أهلها،
وهكذا سُلخت مصر عن الخلافة العباسية، وأصبحت ولاية فاطمية عام «٣٥٩-٩٦٩».
وهو من بَنَى مدينة القاهرة، فقد كانت «الفسطاط» هى العاصمة بعد دخول عمرو بن العاص، وبعدها «العسكر» فى عهد العباسيين، ثم «القطائع» فى عهد الطولونيين، ثم أصبحت «قاهرة المعز» هى العاصمة حتى الآن، و«فاطمة» هى والدة الحسن والحسين، زوجة على بن أبى طالب، الذى تسببت الحرب بينه وبين معاوية بن أبى سفيان فى انقسام المسلمين بين سنة وشيعة، لذلك فعندما نتحدث عن «فاطمة» لا يجب أن نغفل أن هناك الكثير من القصص والروايات عنها، والشيعة يحبونها لدرجة التقديس، والسنة يحبونها لأنها من آل بيت نبى الإسلام.
هى ابنة سيد الخلق وآخر الأنبياء سيدنا محمد، عليه الصلاة والسلام، ومعنى اسم «فاطمة»: أن الله - سبحانه وتعالى - قد فطمها من النار، أى حجبها، ويقال إن الاسم جاء بإلهام من الله، نسبة إلى الديلمى عن أبى هريرة، الذى قال هذا نقلا عن على بن أبى طالب، رضى الله عنه، وسميت «الزهراء»، لأنها كانت بيضاء اللون مشربة بحمرة زهرية، إذ كان العرب يسمون الأبيض المشرب بالحمرة بـ«الأزهر»، ومؤنثه «الزهراء»، هى الرابعة بين بنات الرسول، صلى الله عليه وسلم، بعد «زينب ورقية وأم كلثوم».
ولدت يوم الجمعة الموافق العشرين من جمادى الآخرة فى دار والدتها السيدة «خديجة» بزقاق العطارين فى مكة المكرمة، وكانت «فاطمة»، حسبما قالت أم المؤمنين السيدة «عائشة»، الأشبه بوالدها من بين خلق الله، وهناك روايات تقول بأن السيدة «خديجة» والدة السيدة «فاطمة» عندما حملت بها كان حملها خفيفاً، وكانت تحدثها فى بطنها، فلما قرب موعد الولادة قاطعت نساء قريش «خديجة»، لأنها تزوجت اليتيم الفقير، فدخلت عليها أربع سيدات هن السيدة «حواء وآسية بنت مزاحم وكلثم أخت موسى ومريم ابنة عمران، أم سيدنا عيسى، عليه السلام»، ولدت السيدة «فاطمة» فى السنة الخامسة قبل البعثة، وارتبطت ولادتها بالحادث العظيم الذى ارتضت فيه قريش محمداً حكماً، عندما اشتد الخلاف بينهم حول وضع «الحجر الأسود» بعد تجديد بناء الكعبة، وكيف استطاع برجاحة عقله أن يحل المشكلة، وفى سن الخامسة كانت بعثة الرسول الكريم التى اهتزت بسببها أرجاء شبه الجزيرة العربية، وفى غياب أخواتها فى بيوت أزواجهن كانت وهى طفلة تجد فى ابن العم على بن أبى طالب، الذى كان والدها قد اختاره ولداً، وأول طفل أسلم فى الإسلام أخاً وزميلاً، إذ كان يكبرها بأربع سنوات فقط، وكان وجوده يخفف عنها غياب أخواتها، لم تعش طفولة بالمعنى الحقيقى للكلمة، فقد شهدت بدايات الإسلام وانتشاره بين أهلها، وكانت ترى ما يتعرض له من أذى، وشهدت مع أهلها الحصار الذى فرضته عليهم قريش فى شعب أبى طالب، عندما كانوا لا يجدون فيه قوت يومهم، بل كانوا يأكلون الأوراق والجلود، مما أثر على صحتها بعد ذلك بقية حياتها، وكانت تستاء عندما يرمون والدها بالقاذورات وتنظف وراءه، كانت تحيط والدها بحنان بالغ، وكان يجد فيها قرة عين، فأصبحت تلقب بـ«أم أبيها»، عاشت سنين الحصار وشهدت وفاة أمها وهى طفلة صغيرة، وهو أمر جعلها تميل إلى الحزن بقية حياتها، إلى أن كانت الهجرة إلى يثرب التى لم تمر مرور الكرام.. وللحديث بقية.
نقلا عن المصري اليوم