الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زوجوها لثرى عربى وفوجئت فى ليلة العمر أنه مصاب بـ"التوحد"

صدى البلد

بخطى متسارعة صعدت"صفا" الزوجة العشرينية درجات سلم محكمة أسرة مدينة نصر، متخطية بجسدها المنهك موجات الزحام المتلاطمة، وبعد عناء استقرت الشابة الريفية بعباءتها السوداء الناجية الوحيدة من مذبحة طردها على يد أهل زوجها المريض فى رواق ضيق، بدا وجهها شاحب وعينها زائغة، وكأنها تحاول الهرب من شىء ما ، ربما من مشاهد الغرفة المتواضعة التي شهدت اتمام صفقة بيع جسدها لثرى سعودى مريض بداء التوحد، ولعاب أبيها السائل على حفنة من الاوراق البالية غازل بها "السمسار" فقره، فاغفل بصره عيوب العريس، و زغاريد أمها التي رجت اركان بيتهم الآيل للسقوط معلنة تشييعها فى الفستان الأبيض إلى أحضان رجل لم تر ملامحه إلا في صورة فوتوغرافية باهتة، وربما من تفاصيل 7 سنوات عاشتها ذليلة فى الغربة ، أو من صدى صراخ أطفالها الثلاثة وهم ينزعونهم من بين أحضانها.

تبدأ الزوجة العشرينية رواية حكايتها لـ"صدى البلد":"ما أقسى أن تشعرين بأنك سلعة تباع لمن يدفع الثمن، لكن عندما يتحالف الفقر مع الجهل، يصبح كل شىء مباح حتى المتاجرة باللحم والعرض، فلم يجد أبي سبيلا للخلاص من جحيم الغرفة ذات الأركان المتهالكة والحوائط متساقطة الدهان والنوافذ المنزوعة التي تأوينا، سوى بتقديمي لأحد سماسرة تزويج الفقيرات كي يوفر لى فرصة زواج من ثري عربي، ويأخذ حصته نقدا بعد اتمام الصفقة المشبوهة، والحقيقة أن سمسار الاعراض لم يكذب خبرا وعرضني على رجل سعودي ثرى، عدد له مزاياي وأهمها فقري وحاجتي، وصغر سنى الذى لم يكن يتجاوز وقتها الـ16 عاما ، مناه بجسدي المفعم بالانوثة".

تواصل الزوجة العشرينية روايتها بنبرة منكسرة:"تمت الزيجة بعقد عرفي بعدما قبل وكيل العريس الذى لم أرى وجهه إلا في صورة فوتوغرافية أن يدفع 10 ألاف جنيه طلبها والدي ثمن السكوت على عيبه، لأسافر بعدها بأيام قليلة مشيعة فى ثوب أبيض بلد زوجى، وما أن وطأت قدمي بيته حتى صدمت بأنه مصاب بالتوحد، افقدتني الصدمة توازني، وشلت تفكيري،علمت لماذا لم يحدثني ولو لمرة واحدة، ولماذا كان والده هو من يتولى كل شيء، وهو من ارسل توكيل للمحامى ليزوجنى بابنه، اتصلت بوالدي وسردت له ما حدث لي، لم ينبس بنبت شفه، وكأنه كان على علم بحالة زوجي، توسلت له أن يعيدني الى القاهرة، ذكرته بأننى لحمه ودمه، لكنه رفض وصرخ فى وجهى قائلا:"انتي أصلك وش فقر استحملي ولا عايزة تضيعي من أيدينا واحد غني زي ده".

ترتكن الزوجة العشرينية برأسها إلى جدار يقاوم السقوط مثلها وهى تقول:"صمت ورضيت بقدرى، وتحملت الأيام الثقيلة والغربة التى كانت تعتصر قلبى، ونظرة المحيطين بي وتعاملهم معي على أنني فتاة رخيصة اشتروها كأى سلعة بالمال، وصبرت على تحكم والد زوجي في حياتى وإهانته المستمرة لي، وضرب زوجي وطبيعة مرضه المزمن، من أجل البقاء إلى جوار أطفالى الثلاث ، حتى جاء اليوم التى قرر فيه أهل زوجى أن نقضى بالقاهرة عدة أيام، كان ذلك فى رمضان الماضى اتذكر ليلتها لم يغمض لى جفن من الفرحة، فأخيرا سأعود، وارتاح ولو لأيام من قسوة الغربة ".

تكمل الزوج الشابة روايتها وهى تعبث بصور لأطفالها:"ولم أكن أعرف أن يوم رجوعى لوطنى،هو يوم حرمانى من أولادى، لازالت تفاصيل هذا اليوم المشئوم عالقة فى ذهنى، وكأنها حدثت بالامس، يومها فوجئت بأهل زوجى يفتعلان معى مشكلة ويطردانى من البيت، ويرفضان أن أصطحب الصغارمعى، أو ألملم حتى متعلقاتى، يبدو أنهما أدركا أن مهمتى قد انتهت بعد 7 سنوات، أهذا هو جزائى بعد أن منحتهما ثلاثة أحفاد من ابنهما الذى لم تقبل أن تتزوجه أى امرأة فى بلده بسبب مرضه؟!، وكمحاولة منى لاستعادة صغارى من بين أيدهم التى لم ترحمنى رابطت 7أيام كاملة أمام باب البيت لكن دون جدوى، فلجأت إلى محكمة الأسرة، قبل أن يسافروا بهم إلى الخارج، وتقدمت بطلب تسليم صغار، وها أنا أنتظر".

تنهى الزوجة حديثها بعين دامعة:"لا أعرف لمتى سنظل نباع للأثرياء العرب؟!، ولمتى سنظل نرمى لعواجيزهم ومرضاهم ؟!، لماذا لايتم وضع قانون ينص على إعدام كل من ييبع ابنته فى ميدان عام؟!، لكن يبدو ان امثالنا قد خلقوا ليداس عليهم بالاقدام وليذوقوا المرار والعذاب بتهمة الفقر والجهل، فنحن أناس بلا ثمن، كل مااتمناه ان أدس أطفالى فى حضنى من جديد واتلمس بأناملى ملامحهم البريئة".