يعتبر نهر الأردن الذي يجري عبر أرض الديانات واحدًا من أقدس أنهار العالم لثرائه بالتاريخ والأساطير، لكن في وادي هذا النهر هناك حكاية أخرى لا يعرفها الكثيرون.
إنها حكاية الحيوانات البرية التي تعيش فيه ومن ضمنها الذئب والوعل والثعلب والخنزير البري والوشق والنسر الذهبي، ويتميز نهر الأردن الذي لا يتجاوز طوله 321 كيلومترًا بغرائب كثيرة، فهو يبدأ في منطقة خصبة وتغذيه الثلوج الذائبة عن قمة جبل ارتفاعه 336 مترًا.
في هذه الأرض، يغذي نهر الأردن بحيرة الحولة، وهى واحة خصبة للحيوانات، هنا يتمرغ الجاموس في البرك المفتوحة، فيما تلتقط جماعات الخنازير البرية الثمار المتساقطة تحت الأشجار وتبحث حيوانات ابن آوى عن صغار الخنازير البرية، فيما تجوب حيوانات الوشق بين حزم القصب بحثًا عن فريسة، لكن مشهد الحولة الخلاب يبدأ عند الوصول المفاجئ لعشرات بل مئات آلاف الطيور التي تتوقف هنا سنويًا في رحلتيها بين أفريقيا وأوروبا، عندما تهبط أسراب طيور البجع والغاق والكركي وغيرها من أنواع الطيور بحثًا عن الراحة والمأوى، تتغير المستنقعات الهادئة.
ووراء بحيرة الحولة، يجري نهر الأردن جنوبًا 23 كيلومترًا ثم يهدأ مجددًا عند وصوله إلى بحيرة طبريا، تلك الأرض الزراعية الخصبة هى الأراضي المقدسة، هنا، تصطاد طيور الغاق السمك جنبًا إلى جنب مع الإنسان كما فعلت طوال آلاف السنين، وفي جنوب طبريا، يبدأ النهر تحوله الكبير، فعلى مدى صدع في قشرة الأرض، وهو الطرف الشمالي لحفرة الانهدام، يدب القحل في الأراضي المحيطة بالنهر ويصبح نهر الأردن شريان حياة ضيقًا تحيط به الصحراء من جميع الجهات.
وعلى عمق أكثر من 403 أمتار تحت مستوى سطح البحر، ينتهي نهر الأردن عندما تصب مياهه في بحيرة كبيرة مالحة هى أدنى بقعة على سطح الأرض، البحر الميت، لقد أدت قرون من التبخر إلى جعل البحر الميت مزيجًا من الأملاح والمعادن والمياه السامة التي لا تصلح للشرب، لكن في الصحاري، عند نهاية نهر الأردن، وجدت الحيوانات طريقة للبقاء، فالثعالب الحمراء تحصل على البروتين والرطوبة التي تحتاج إليها من الطعام الذي يمكنها صيده، فيما تعتمد قوارض الصحراء، كجرذ الرمال، على نباتات الصحراء ويعيش الوعل النوبي، وهو نوع من الماعز البري، على الصخور الشاهقة، وتتنافس أرانب الصخور على المناطق القريبة من أشجار الأقاقيا المتناثرة التي تعتبر أوراقها طعامها المفضل، ويشكل النسر الذهبي بعشه العالي فوق الصخور تهديدًا لجميع الحيوانات التي تعيش في الصحراء.
من الجبال المغطاة بالثلوج التي تغذي نهر الأردن إلى البحيرة المالحة التي ينتهي فيها هذا النهر، هناك عالم خفي من الحياة البرية.