الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تعويم الجنيه والطبقة الوسطى


تتعامل حكومة المهندس شريف إسماعيل مع قرض صندوق النقد الدولى التى تسعى للحصول عليه كأنه هو الحل السحرى وطوق النجاة للأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعيشها البلاد وتتعامل مع خطتها واتجاهها لتعويم الجنيه على أنه العلاج الجذرى والوحيد اللازم الذى تأجل تناوله..

وظنى أن هذا الاتجاه لن يكون حلا بل قد يضاعف من الأزمة الطاحنة التى تتمثل فى انخفاض قيمة الجنيه بشكل رهيب وارتفاع اسعار كل شيء فى ظل غيبة رؤية شاملة وقرارات حقيقية لزيادة الدخل القومى من العملة الصعبة عن طريق زيادة التصدير وإنشاء صناعات تصديرية و عودة السياحة و جذب تحويلات المصريين بالخارج ..

وأى حل يعتمد على زيادة الضرائب وتطبيق أنواع جديدة منها ومضاعفة الجمارك وزيادة أسعار الطاقة والكهرباء والأراضى لن يجدى ولن يفيد وسيضاعف التضخم والقهر ويرفع نسبة عدم الرضا على سياسات الدولة
والمشكلة أن الحكومة تتعامل مع الأزمة كأرقام وكأن إصلاح عجز الموازنة هو هدف مقدس أو حرب تحرير أرض محتلة الذى من أجله يجب على كل مواطن أن يضحى بنفسه واسرته وأولاده وكل شيء فى سبيل تحقيق الهدف المقدس وهو إصلاح عجز الموازنة فى غيبة أى اعتبار للمواطن بكل فئاته وطبقاته كإنسان وكبشر له احتياجات وطموح.

لم يعد المواطن واستقراره ورضاه وتخفيف العبء عنه هو الهدف بل تحول إصلاح عجز الموازنة هو الهدف وفى سبيل ذلك على المواطن أن يتحمل ماكينة الفرم التى تطحن عظامه ولحمه يوميا هو وأسرته فى ظل الارتفاع الجنونى فى أسعار كل شيء بنسبة مائة فى المائة ابتداء من العقارات والأراضى والسيارات والأجهزة الكهربائية والإلكترونية والموبيليا والملابس الى اسعار كل أنواع الأغذية بلا استثناء مرورا بارتفاع مصروفات المدارس والجامعات الخاصة واسعار خدمة التليفون المحمول والانترنت وغيرها من جميع الخدمات الحكومية وغير الحكومية كالكهرباء والمياه وتذاكر القطارات وغيرها.
 
نعم الحكومة تعلن عن قرارات حمائية لمحدودى الدخل مصاحبة لتعويم الجنيه وباقى القرارات ولكن هذه القرارات يستفيد منها فقط الفقراء فى المناطق الشعبية والعشوائية ولكن المتضرر الرئيسى هى الطبقة الوسطى بشرائحها المختلفة التى تتعرض للطحن والفرم من دون أى قرارات حمائية

للأسف الدولة تتعامل مع كل شيء – عدا الطعام الأساسى من سكر وزيت وخضروات – على أنه رفاهية و"دلع " واستفزاز وعلى من يريد أن يستخدم هذه السلع والخدمات أن يتحمل أسعارها مهما كانت بلا رحمة ،،الحكومة تعتبر كل من ليس فقيرا ومعدوما فهو غنى وهذا تصور خاطئ تبنى عليه سياسات اقتصادية واجتماعية خاطئة لأنه يتجاهل الطبقة الوسطى التى هى عماد الدولة والتى تأثرت وتدهور حالها فى ظل قرارات حكومية لم تراع هذه الطبقة التى ليست طبقة غنية وليست فقيرة معدومة.

الطبقة الوسطى بشرائحها المختلفة ولاسيما شرائحها الأولى– من وجهة نظر الدولة – تستهلك سلعا استفزازية مثل المحمول والكومبيوتر والسيارات والملابس والاجهزة الكهربائية والالكترونية ويلحقون أبناءهم بالتعليم الخاص غير الحكومى ويسعون للسكن فى أى مدينة جديدة ...هذه الطبقة ترفع الدولة مسؤليتها عنها وتتعامل معها طبقة اغنياء رغم أن كل مكتسبات هذه الطبقة ابتداء من المسكن فى أى مدينة جديدة او السيارة او الأجهزة الكهربائية تحصل عليها هذه الطبقة بالتقسيط ومن لحمها الحى وبتحويشة العمر وليست من فائض مال لديها.
 
هل المطلوب اختزال الحياة فى الحد الأدنى من الأكل والشرب والتزاحم على سيارات بيع الخضار والفراخ والحاق الأبناء بمدارس الحكومة الفاشلة والبهدلة فى الشعبطة فى أتوبيسات الحكومة العامة ؟ هل المطلوب ان تتحول الشرائح الأولى من الطبقة الوسطى التى تضم المهنيين والموظفين والمثفين الى طبقة الفقراء ومحدودى الدخل ليقفوا فى طابور انتظار تموين الحكومة ومدارسها ومواصلاتها وإسكانها الاجتماعى ؟

الطبقة الوسطى - والمهنيين والمثقفين فى القلب منها - هى عماد التقدم والتطور والنهضة والنهوض وهى الطبقة المستهلكة التى بسببها تنتعش الحياة الاقتصادية وتدور عجلات المصانع وتزدهر التجارة ..هذه الطبقة لا يجب الوقوف امام طموحها وتدمير قوتها الشرائية وارجاعها الى صفوف الطبقات الفقيرة والمعدومى ومحدودة الدخل لأن ذلك البداية لاصابة عجلة الاقتصاد بعطب شديد وتوقف حركة النمو الاقتصادى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط