الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حينما تتحدث تركيا عن السلام..«اللي اختشوا ماتوا»


كلما نتابع التصريحات الصادرة عن الحكومة التركية من مسؤولين وراس الهرم في النظام الرئاسي التركي تقشعر أبداننا كثيرًا لحالة النفاق الذي يتم معايشته في المنطقة بشكل عام، ويذكرنا بالمثل الشعبي "حينما تتحدث العاهرة عن الشرف" أو كما يقول المثل المصري "اللي اختشوا ماتوا". 

إنه لأمر مضحك ومبكٍ في نفس الوقت أننا نعيش هذه اللحظة التي لا نعرف فيها هل نضحك أم نبكي على حالنا الذي وصلنا إليه أم على الوجع العضال الذي ألمَّ بنا ويجعلنا نصدق ما نره من حولنا من أكاذيب طالت علينا وكأننا نحيا فترة كوبلز بكل حذافيرها. 

"الحياة الخاطئة لا يمكن العيش فيها بشكل سليم"، هذا ما قاله السيد عبد الله أوجلان في إحدى مرافعاته حينما حلل أسباب الانهيار السياسي والانحطاط الثقافي والتقوقع الفرداني وحالات الكذب والرياء التي نعيشها أوصلتنا لمرحلة نتوه فيها وحتى أننا لا نعرف لماذا نعيش ولمن نعيش وكيف نعيش؟. أسئلة بديهية جدًا ولكنها من الصعوبة بمكان أننا نتردد كثيرًا حينما نسعى للرد عليها. لأننا بالفعل لا نعلم الجواب الذي يقنعنا والهدف الذي نبتغيه في حياتنا بعيدًا عن الحياة الرتيبة والوضعية والنمطية التي اعتدنا أو تعودنا أو عودونا أن نعيشها وكأنها الحقيقة.

لا يمكن بلوغ الحقيقة إن كنا لا ندرك معنى الحرية، لأنهما توأمان لا يمكن لأحدهما أن يكون من دون الآخر. إنها من ثنائيات الحياة التي لا بد من وجودهما معًا لبلوغ معنى الحياة. لكن علينا بكل تأكيد أن نعي أنه لا يمكن بلوغهما إلا بالديمقراطية التي تعني في أفضل تعريفاتها أنها الاعتراف بالغير مهما ومن يكون. كما قال فولتير: "ربما اختلف معك بالرأي، ولكن أضحي بنفسي من أجل أن تقول رأيك". ولنا في هذا المجال حول الحقيقة والحرية والديمقراطية ومعنى الحياة مقال آخر.

لذا، حينما نرى وضع تركيا أنها بعيدة كل البعد عن الحقيقة والحرية إن كان في الشأن الداخلي منه أو الخارجي ندرك حينها أن تركيا تعيش حالة الكوبلوزاوية "نسبة لـ كوبلز" التي كانت نهجًا لصعود النازية الهتلرية وسببًا رئيسيًا لفشلها واندحارها بالرغم من أن الحزب الذي كان منتسب له يدّعي "حزب العمال الوطني الاشتراكي". نفس المرحلة تعيشها تركيا في الوقت الراهن بالرغم من أن حزب العدالة والتنمية ورئيسه أردوغان الذي يتغنى على شاشات التلفزة يوميا وعدة مرات وكأنه يؤدي فروض الصلاة، بأن تحذوه الدول المجاورة والبعيدة في ديمقراطيته وإنسانيته والسلام وهو بنفس الوقت من يعمل على رعاية ودعم الإرهابيين في العراق وسوريا ومصر وليبيا ويمثل الفاشية بكل معنى الكلمة. الكثير من وسائل الإعلام العالمية وحتى التركية منها نشرت وثائق حول دعم ورعاية الحكومة التركية للإرهابيين وكيفية دخولهم إلى سوريا والعراق واستقبال جرحاهم ومعالجتهم في المشافي التركية تحت أعين أجهزتها الاستخبارية، وكيف أن تركيا ترعى الإرهابيين من الإخوان المسلمين أيضًا وافتتاح مكاتب لهم وكذلك قنوات فضائية وتبييض أموالهم لنشر الفكر الإرهابي الدعوى إلى مصر خاصة.

كيف أن مشروع هتلر وكوبلز الفاشي سقط على حدود موسكو كذلك سيسقط أردوغان وجوقة كوبلوزاته ومشروعه الإرهابي الفاشي على يد الكرد أن كان في سوريا أو في تركيا. جوقة كوبلوزات أردوغان الذين يطلون على شاشات التلفزة الخليجية والناطقة بالعربية المتعددة وكذلك شاشات التلفزة التركية والذين يكذبون ويكذبون حتى أنهم وبكل معنى الكلمة باتوا يصدقون كذبهم أكثر من المشاهدين أنفسهم، هم أول من سيكونون ضحايا ريائهم وأكاذيبهم التي روجوا لها من دون وجه حق. وسيكون النصر في النهاية للحقيقة المجتمعية التي لا تقبل البتة أن تتمسك بحبل الكذب القصير كي تخلص نفسها من كم المشاكل التي تعيشها. والحقيقة تهمس في آذاننا في أن طريق الحرية والديمقراطية يمر عبر الوعي والمعرفة المجتمعية وليس عبر النفاق السياسي والأخلاقي السلطوي المتمثل في أردوغان وكل من يدور في فلكه.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط