الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في الذكرى السادسة لاغتصاب ودمار سوريا: ألا لعنة عشتار عليكم


تشهد الساحة السورية تطورات متسارعة خلال هذه الايام من تطورات سياسة وميدانية وتغييرا في الخارطة على الارض لجهة المسيطر على الجغرافيا، حيث جاءت هذه التطورات نتيجة حتمية لما كان من نتائج خلال السنوات الست من عمر الأزمة في سوريا.

تشير كل الدلائل أن القوة الوحيدة المسيطرة على الأرض هي قوات سوريا الديمقراطية المكونة من العرب والكرد والسريان والاشور والتركمان، بالرغم من كل الهجمات وحملات التشويه التي تعرضت وتتعرض لها من قبل القوى الداعمة للاسلام السياسي بشقيه المعتدل والمتطرف من تركيا والسعودية وقطر، التي كانت تحمل مشروع نشر وتكريس الاسلام المعتدل عن طريق الفصائل والمجموعات الارهابية المعتدلة منها والمتطرفة الارهابية والمجيء بوجوه مدنية اخوانية وتعويمها على أنها تشكل المستقبل في المنطقة بديلًا عن النظم الديكتاتورية. باءت كافة محاولاتهم بالفشل الذريع أمام تطلعات المجتمع والشعب الذي رفض استبداد ما يسمى الإسلام السياسي بديلًا عن الديكتاتورية العلمانوية، وكذلك فشلت في تنفيذ اجندات القوى الغربية في ان تكون البديل لمشروع الشرق الأوسط الجديد.

أعلنها بكل صراحة ترامب اثناء وبعد حملته الانتخابية أنه سيعمل على القضاء على داعش والقوى التي تقف خلفها، وكلنا شهدنا التطورات الدراماتيكية التي حصلت في فترة قصيرة لجهة تركيا واستداراتها وتقلباتها في مواقفها من جهة ودولة في الناتو ووظيفتها ان تكون المخفر المتقدم له في التمدد الشيوعي إبان الحرب الباردة وما قامت به بعد إسقاط الطائرة الروسية والارتماء في أحضان روسيا، هذه الاستدارات بدلًا من أن تنجي تركيا اوقعتها في الفخ السوري والمستنقع الذي سيبتلع كل من يدخل فيه ولا يجيد العوم والتخلص منه. بدأت تركيا بدعم وتسليح كافة الارهابيين والمرتزقة بهدف القضاء على النظام في سوريا، ولكن بعد ذلك تخلت عن هذا الهدف وبات هدفها الوحيد او القضاء على الطموح الكردي في شمالي سوريا.

تحولت تركيا عن هدفها وتحول معها كافة الفصائل العسكرية المرتزقة المدعومة من تركيا وتخلت عن كافة المكتسبات في المدن السورية وقامت بتجميعهم في ادلب، وفي هذه النقطة تم القضاء على الثورة السورية بتخطيط خارجي ولكن بأيدي سورية.

أمريكا تبحث عن مصالحها في المنطقة وكذلك الكرد يبحثون عن مصالحهم في بناء نظامهم في الجغرافيا التي يعيشون عليها، تقاطع المصالح هو الذي يجمع قوات سوريا الديمقراطية مع ارسال امريكا لقواتها وعتادها الى شمالي سوريا وخاصة في الفترة الاخيرة. حيث ارسلت امريكا حوالي 500 عنصر من المارينز وسيتبعها الآلاف أيضًا مع العتاد المختلف لضرب عاصمة داعش والقضاء على هذا التنظيم الإرهابي.

واجتماعات بوتين مع أردوغان لن يغير من المعادلة على الأرض من جهة استحقاقات كل طرف. نعلم جيدًا أن روسيا لعبت مع وعلى تركيا وأجبرتها على الاعتراف ولو بشكل ضمني في الإبقاء على النظام السوري وسحب معظم المرتزقة من المدن السورية وآخرها ما يحدث الآن في حمص في الوعر.

أي أن روسيا لم ولن تكون حليفا لتركيا بديلا عن أمريكا، بل على العكس ان روسيا لا ولن تنسى اسقاط الطائرة الروسية وأن السياسة الروسية المرنة التي اتبعتها في هذه الحادثة اعطت لروسيا الكثير من لجم تركيا وتحجيمها في سوريا. وسيتم استغلال تركيا من قبل روسيا حتى ينتهي دورها في سوريا خاصة أننا على ابواب اجتماع استانة والقضايا التي سيتم البحث فيها وهي الفصل بين داعش والنصرة عن الفصائل الاخرى وهنا ستكون الضربة القاضية لتركيا ومرتزقتها، لأنهم جميعا تربطهم علاقات عضوية واهداف مشتركة ولا يمكن الفصل بينهما بهذه السهولة وسيتم تضييق الخناق على تركيا أكثر حتى يتم عزلها. وما التطورات السياسية والدبلوماسية الأخيرة بين تركيا والدول الأوروبية إلا استكمالا لتغييب تركيا عن المنطقة وتحجيمها أكثر.

تم القضاء على الخلافة العثمانية في بداية القرن العشرين وتم تسميتها بالرجل المريض والنتيجة كانت تقسيم الخلاقة ولم يبقَ منها سوى تركيا الدولة وما تبعها من اتفاقيات سايكس بيكو التي قضت على ما تبقى منها، الان ونحن في بداية القرن الحادي والعشرين تركيا تعيد دور الخلافة العثمانية من الرجل المريض الى الحفيد المشلول، ولن تكون نهاية تركيا افضل من تقسيم الخلافة العثمانية، بل تركيا متجهة نحو الأسوء. تركيا من صفر مشاكل الى تصدير مشاكل، ومن الرجل المريض الى الحفيد المريض الآيل للموت.

بعد ستة سنوات من عمر "الثورة" السورية يمكننا القول أن الجميع بات يبحث عن إدارة هذه الأزمة بدلًا من وضع الحلول لها، لأن الجميع لا مصلحة له في حلها. وكلما استمرت هذه الازمة كلما كانت مصانع الاسلحة للدول الناهبة تعمل بكل طاقاتها وتخرج مجتمعها من حالة البطالة والأزمة المالية التي تحيط بها، فقط الخاسر هو من يعيش على ارض الوطن من الانسان الذي سيكون محور البناء في المستقبل. تم تدمير سوريا الحضارة التي عمرها آلاف السنين، تم تدمير هذه الحضارة بأقل من ستة سنوات.

يمكن بناء كل شيء من جديد ولكن السؤال الصعب أو الجواب الصعب لسؤال لماذا؟ حينما تسألنا عشتار أو الإله بعل وزنوبيا وغيرهم الكثير ممن بنوا حضارة المنطقة أين ولماذا وكيف جعلتم من أرض أجدادكم حلبة للصراع على السلطة ونحن من علم البشرية التعايش المشترك وأخوة الشعوب، ونحن من كنا نتكاتف في مجابهة وطرد الغريب، ماذا حصل بكم حتى استنجدتم بالآخر لطرد بني جلدتكم؟ ألا لعنة عشتار عليكم.
لتحل لعنة زنوبيا عليكم بعد أن طردت الرومانيين من سوريا، قمتم بجلبهم ثانية لتدمير ما تم بناؤه من عظمة الانسان في بناء الحضارة والمدنية. ستحاكمنا زنوبيا عن ممتلكاتها في تدمر وماذا حصل لها، حينها سنحني رؤوسنا خجلًا مما فعلت أيدينا بأعمدتها ومعابدها مسارحها التي كانت في يوم من الأيام تنشر الثقافة والعلم في المعمورة.

سيحاكما الإله بعل ويقول لنا ماذا حلَّ بكم بعد أن كانت أرضكم أرض الآلهة ومنها انتشرت العدالة والديان؟ ولماذا جعلتم من الآخر إلهً عليكم وهم من يدمرون ويسرقون ويذبحونكم. متى كانت امريكا وروسيا وتركيا وايران والسعودية وغيرها من طبقة الألهة وهم ليسوا سوى عبيد تم خلقهم ليعبدون فقط. سيقول لنا الإله بعل: بعد أن جعلت منكم أسيادًا على الجميع وأنتم مني، جعلتم من نفسكم عبيدًا في جنيف واستانا. لتحل عليكم لعنتي ليوم الدين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط