الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

موقعة" الشباشب"


من يتابع ويحلل الجرائم التي تحدث في بعض مدارس مصر مثل جرائم العنف المتبادل بين التلميذ والمعلم، وجرائم التحرش الجنسي واغتصاب مدرسين تجردوا من كل القيم الأخلاقية والإنسانية والدينية لبعض التلميذات في الفصول وحمامات المدارس يدرك للوهلة أننا أمام كارثة حقيقية تنبئء بخطر إذ لم يتم مواجهتها بحسم وبقوة، قبل أن تتحول المدارس التي من المفترض أن تكون محرابًا مقدسا ً للتربية قبل العلم. 

فالاعتراف بالمشكلة هو جزء من الحل، ولم ولن تُحل مشاكلنا بل ستستفحل وتتغول إذا إتبعنا سياسة الإنكار ودفن الرؤوس في الوحل والطين، فما نسمعة ونشاهده كل يوم عن حوادث التحرش والاغتصاب للتلميذات داخل حمامات المدارس أو الفصول المغلقة أو الحجرات التي يتخيل فيها المتحرش سواء كان مدرسا او عاملا أو مديرا أنه بعيدًا عن المراقبة وعيون الناس مرعب وكارثي ويؤكد أن وزارة التربية والتعليم التي هي وزارة للتربية ومحراب للأخلاق ومنارة للقيم نائمة في العسل ومشاركة بالصمت في هذه الجرائم المروعة، بعد وقوع جرائم عدة للتحرش والإغتصاب في مدارسنا دون تحرك فعلي لمواجهة الفجيعة من الجذور ، وهو ما ينبئ باستفحال هذه الكارثة.

هل تعلمون أن أحد المعلمين بإحدى المدارس اغتصب تلميذة بمدرسة إعدادية وحملت منه سِفاحًا ؟! كما سمعنا مؤخرًا عن اغتصاب مدير مدرسة ابتدائية لتلميذة في محافظة الفيوم؛ عارفين يعني إيه مدير مدرسة ؟!! 

والأخطر أن هذه الجرائم لم تقف عند حد تحرش وإغتصاب المدرسين للطالبات أو التلميذات أو تحرش بعض المدرسين والمديرين الذين انعدمت أخلاقهم ببعض المعلمات ؛ بل وصل الأمر إلى قيام طلبة بالتحرش بالتلميذات ومحاولة اغتصابهن في حمامات المدارس. 

والكارثة الكبرى أننا رأينا مؤخرًا جريمة تحرش جنسي ضد 7 تلميذات ارتكبها عامل في مدرسة بمحافظة الشرقية، حيث كان يمسك أثدائهن ويتحسس مناطق حساسة في أجسادهن وبعد شكاوى من أهالي لإدارة المدرسة وعدم تجاوب الإدارة بشكل جدي مع هذه الشكاوى قامت أمهات الطالبات بالذهاب للمدرسة وضرب العامل المتحرش بالشباشب على رأسه وهرب مدير المدرسة إلى الحمامات خوفًا من أن يطوله الضرب وهو مدير فاشل لا نخوة له ولا ضمير ويجب فصله. 

ناهيك عن جرائم جنسية أخرى ربما الإعلام ينشر بعضا منها تؤكد على أن منظومة القيم والأخلاق في وزارة التربية والتعليم في تدهور مستمر، مثل جرائم " الرشاوي الجنسية" والابتزاز الجنسي و.. و.. وفي رأيي أن مثل هذه الجرائم تؤكد أن المجتمع كله في خطر وأن مستقبل الأجيال القادمة مهدد بالفعل، فإذا كان المدرس أو المعلمة او مدير المدرسة يفتقرون للقدوة والقيم والأخلاق فماذا تنتظر في المستقبل من الأجيال التي تتربى على أيدى هؤلاء وتتخرج من تحت أيديهم ؟ وماذا لو تقلد هؤلاء مناصب في الدولة بعد عشرين او ثلاثين عاما ؟ 

وكيف يربون أولاودهم على اللا قيم التي تشربوها .. إنه مخطط طويل الأجل لإسقاط مصر باستهداف اطفالها وشبابها ومعلميها .. ويجب التصدي له بحزم .. فكيف يؤتمن الأهل والأسرة على اطفالها بعد هذا الكم من الجرائم الجنسية ، والحق أقول أن هذه الجرائم لا يمكن تجاهل أن كثير من مؤسساتنا الدينية والإعلامية والتشريعية والقانونية ضبطت متلبسة بالمشاركة فيها.

فهذه الجرائم تحتاج إلى منظومة متكاملة للتصدي لها تبدأ من الأسرة بتوعية الأسرة للطفل بضرورة الإبلاغ ودون خوف عن أي مدرس أو مدرسة او مدير مدرسة يتحرش بهن في سواء لفظيا أو فعليا في المدرسة وإعطاء الطفل الإحساس بالأمان عندما يتكلم عن هذه الجريمة، لكي تتخذ الأسرة اللازم. 

وكذلك يجب وضع منظومة رقابية صارمة في المدارس للتصدي لجرائم التحرش الجنسي والإغتصاب تبدء باتقاء الشبهات وعلاج المشكلة من جذورها وليس علاج أعراضها، حيث يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على حمامات المدارس وخاصة مدارس البنات وأن يكون مفتاح حمامات المدارس في يد مدرسات وليس في يد مدرسين وأن يكون هناك اشراف كامل على هذه الحمامات من قبل المدرسات وقت الحصص ،وفي الفسح وايضا ً إلى ان تخرج آخر طالبة أو تلميذة في المدرسة، وكذلك يجب أن يكون مفتاح حمامات المعلمات مع معلمة وليس مع مدرس وأنا مش عارف إزاي بيوصل مفتاح حمام المعلمات ليد مدرس في مدرسة ؟ .. فهذا لو حصل وتم تعميمه فسيكون قمة الإنحطاط والتسيب وفتح باب الشبهات.

وماذا يفعل به خاصة أنه في نفس الوقت مع بعض المعلمات ؟ وأيضا يجب أن توضع رقابة صارمة على المسارح في المدارس وخاصة غرف تغيير الملابس وأن يكون مفتاح المسرح في يد معلمة أو ناظرة المدرسة وكذلك يجب أن توضع رقابة على الاماكن المغلقة كأماكن العهدة والمخازن وكل مكان لا يتخيل الناس الوصول إليه لإنه ربما يتم استدراج تلميذات أو معلمات لهذه الأماكن ويجب على المعلمات والتلميذات والتلاميذ أن يشاركوا أيضا في هذه المنظومة الرقابية كنوع من المسئولية الإنسانية لدرء الخطر قبل وقوعه وحفاظا على بناتنا ومعلماتنا.

 والأهم أنه يجب على مجلس النواب فورًا سرعة إعداد تشريع يجرم التحرش الجنسي او الرشاوي الجنسية في المدارس على ان تكون عقوبة المتحرش الفصل من العمل نهائيا لأن هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف والحاطة بالسمعة وأن تكون الاحكام في هذه الجريمة مغلظة تصل إلى المؤبد وأن يتم إلزام المتحرش أو المغتصب بدفع تعويض لا يقل عن قيمة مليون جنيه. 

فغياب القانون الرادع لجرائم التحرش الجنسي والإغتصاب يؤدي إلى غياب الردع وتكرار هذه الجرائم ، كما يجب أن نؤكد على عدم تحرج المدرسة أو الطالبة من الإبلاغ عن هذه الجرائم خوفا على سمعتهن وشرفهن، لان عدم الإبلاغ سيجعل المجرم المتحرش والمغتصب يتمادى في جرائمه ضد كثيرين ، ويجب على المعلمة او الطالبة ان تدرك أن الإبلاغ لا يقلل من قيمتها وسمعتها وشرفها بل يزيدها احتراما لأنها كشفت عن جريمة أخلاقية ستستفحل لو تركت دون إبلاغ وستحصن الجاني من المحاسبة والمعاقبة لو تركت دون ملاحقة قانونية. 

إن جرائم التحرش الجنسي في دول العالم تعتبر من الجرائم البشعة وتعتبر بمثابة سبة وعار على جبين من ارتكبوها تلاحقهم في حياتهم إلى الموت وتلاحق سمعة عائلاتهم .. حيث تجبر هذه الجرائم مسئولين كبار ومشاهير على الإستقالة ودفع تعويضات هائلة للمتحرش بهن لفظيا أو فعليا ولا يستطيع أي مسئول التوسط في هذه الجرائم مهما بلغ منصبه حتى لو كان رئيس جمهورية ، هل يعلم أحدكم أن مذيع قناة " فوكس نيوز " الامريكية أقالت فورا مذيعها اللامع " بيل أوريللي " بعد تحرشه لفظيا بسيدة وتمت إقالته على الهواء ، ولم تشفع له الحوارات التي قام بها مع ابرز واشهر الرؤساء مثل بابا الفاتيكان وترامب والسيسي وغيرها خاصة أن ترامب قد حاول التوسط ولكن القناة رفضت وقالت في بيان لها " لن يعود بيل اوريلي للعمل " ، كما أن جريمة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وتحرشه بمونيكا كانت مسمار وشوكة ما زالت تطارده للآن.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط