الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الزيبق


من الأسماء المميزة التى كانت على المائدة الرمضانية هذا العام الفنان كريم عبدالعزيز، الذى يجذب الأسرة كلها بخفة دمه وتلقائيته، فيعطيك شعورا أنه صديقك على القهوة أو صديق تواعده فى ماتش كرة أو جارك الذى تنادى عليه من بلكونة منزلك كل ليلة.

غامرت أسرة المسلسل بأن نافسوا بمسلسل عن قصة من ملفات المخابرات المصرية وسط هذا الكم الهائل من المسلسلات على المائدة الرمضانية، لذلك قررت أن أدخل وأقابل كريم فى مسلسله الجديد الزيبق.

فى البداية جذبنى التتر وموسيقاه التى ذكرتنى بالرائع عمار الشريعى وملحمته رأفت الهجان، فانتبهت أن الموسيقى للعبقرى مودى الإمام هذا الفنان الخلوق المبدع دائما، شاهدت أول حلقة فلم يجذبنى أى شىء بل على العكس انتقدت بعض الأشياء فأشعرنى رتم الحلقة بالملل وحكمت على الحلقة بأنها ضعيفة وتسرعت فى الحكم.

وقولت كريم يغرد فى السرب بمفرده، قررت أن أشاهد الحلقة الثانية لتكون الأخيرة، وشاهدتها لأشاهد حلقة أخرى وأخرى، حتى تعلقت وانجذبت حتى أصبح المسلسل من الأطباق المفضلة والأساسية على مائدة رمضان.

أبهرنى المسلسل وقررت أن أكتب عن شخصيات أعجبت بأدائها .. وعن تجمع الشباب بقهوة المصريين والألفة بينهم وبين جميع الجنسيات العربية.

أول شخصية كامل الأخ البخيل أو الحريص الذى سافر سبع سنوات للعراق وجاء بتحويشة العمر وجاء بغير ما تشتهى الأنفس غيرته عوامل الغربة والشقاء أصبح غريب بين أسرته فهذا نتاج الغربة، جاء بحرصه الشديد الذى يكاد أن يكون بخلا ليحبط الأخت والأم والأخ والذى يجسد شخصيته الفنان ياسر الزنكلونى الذى اعتبرته من شخصيات الحارة المقنعة بملابسه وبأسلوبه وقت العصبية والنقلة التى حدثت له بعد أن أصبح صاحب صالة بلياردو، أبهرنى بتلونه وبأسلوبه الدرامى.

ثانى شخصية وهو نجم مضيء فى سماء هذا العمل سالم ذاك الجاسوس القذر الذى تفوح منه رائحة الخيانة الذى يكره بلده إلى الحد الذى أشعرنى بأن جلد جسده يكرهه فتعابير وجهه وقت سماعه معلومة جديدة سيبلغها لدانى الإسرائيلى يكون شيطانا متنكرا فى جسد إنسان.

وإنسان بهذه الشخصية لا يصعب عليه أن يكون متحرشا بالنساء ولا متمردا على كل من ينطق كلمة بها حنين لمصر كتبت الشخصية بشكل إبداعى هذا الخائن يجسد شخصيته الفنان المتميز جدا محمد شاهين الذى جعلنى أكرهه وأعامله معاملة الجاسوس وأشمئز من خيانته لتراب بلده فهذا هو النجاح بحد ذاته ولا أنسى ذقنه الحمراء وتركيبة ملابسه التى ساعدتنى على ذلك الكره المركب له.

تميز فى سماء هذا العمل أيضا دانى الضابط الإسرائيلى الغاضب دوما المتحكم فى جميع من حوله وكأنهم عرائس ماريونيت المذل دوما لسالم الذى يراه كلب فلوس ولا يعامله إلا بمهانة أبدع فى هذا الدور الفنان اللبنانى فادى إبراهيم فقد قام بأداء مميز، خصوصا بعد مقابلته لعمر، وتلون الدور لنرى دانى لأول مرة يبتسم كلما قابل عمر هل لأنه صيد ثمين بالنسبة للمخابرات الإسرائيلية التى يمثلها، أم لِيُطمِئن عمر.

سبوبة اسم جذبنى بداية الشخصية كانت عادية إلى أن أصبحت شخصية محورية، وجدت أداء متميزا واحترافيا وجعلنى اتعاطف معه يوم غدر سالم به، ثم جعلنى أكرهه لدنائته ولبيعه أى شىء مقابل الفلوس ثم جاءت الحلقة الأخيرة فى الجزء الأول ليقلب الموازين أداء بدرجة امتياز عندما انتقم من الفتاة التى ساعدت سالم على تصويره مشهد رائع إضاءة رائعة حوار رائع وماكيير رائع جعلنى أصدق مشهد التعذيب من أقوى المشاهد فى الحلقة الأخيرة.

أما عن الفتاة الهادئة الناعمة الجادة مريم التى تعلقت بعمر بعدما ظهر فى حياتها فتحولت إلى أنثى رقيقة شغوفة تجرى وراء مشاعرها ثم التهمتها نار الغيرة على حبيبها عمر لعبت هذا الدور وتألقت فيه الفنانة اللبنانية كارمن بصيبص بملامحها العذبة الرزينة الرقيقة جعلتنا نصدق صدق عذوبتها لنتفاجأ ويتفاجأ عمر فى الحلقة الأخيرة بأنها تكذب عليه ولكن هل كذبت مريم لأنها فرد من أفراد اللعبة الإسرائيلية أم أنها لا تريد عمر أن يقتحم مملكة أنوثتها هذا ما سيجاوب عليه الجزء الثانى من المسلسل.

أما المتألقة جدا سارة السيدة المحبة للعرب والمساعدة لهم فى غربتهم والتى تجسد دورها الفنانة اللبنانية كارمن لبس التى تشعرنى بأنها تمثل بكل جوارحها إيماءاتها ونظراتها وانفعالها عندما مات حبيبها وبكائها واتهامها للمخابرات أنها قتلته ثم مشهد اتهامها لسالم ثم سقوطها على الأرض، ثم المفاجأة الكبرى التى فاجأتنا بها فى آخر حلقة بأنها إسرائيلية وهى التى ستأخذ مكان دانى فى الوكالة أداء أكثر من رائع لم تجعلنا نشك فيها ولو للحظه فهى الأنثى المتكاملة فى كل شىء طوال الحلقات الهادئة وصوتها الهادئ ونعومتها وجمال ملامحها إلى أن تحولت فى الحلقة الأخيرة ليلعب صوتها وانفعالها دورا مهما فى تقديمها لنفسها أمام سالم وعمر.

الحوار كان لوليد يوسف ووائل عبدالله فى الحلقات الأولى كان هناك مط غير مبرر أشعرنا بالملل ولكن مع تزايد التشويق وظهور الأبعاد للشخصيات زادت سرعة الحوار وانتقلنا من شخصية لشخصية دون رتابة أو ملل بل على العكس كان الحوار أكثر من رائع فأرجو أن ينتبهوا لذلك فى الجزء الثانى بعد ميلاد المسلسل وأبطاله بهذا النجاح.

الإنتاج لشركة أوسكار المنتج لؤى عبدالله والمخرج وائل عبدالله الذى لم يبخلا على مسلسلهم وقد صور المسلسل باليونان فكانت المشاهد بها مصداقية وجوده وتقنية عالية فى الصورة والصوت فكانت هناك نقلات ممتازة للكادرات خصوصا فى الانفعالات فأبدع المخرج وائل عبدالله وهو مايسترو العمل الذى نقل لنا سيناريو كتب بإحترافية ومصداقية عالية.

أما الفنان شريف منير جسد شخصية ضابط المخابرات الذى جند عمر ليصطاد به شبكة جاسوسية باليونان أداءه فى الحلقات الأولى لم يجذبنى ولكن بعد شدة وقوة الإثارة فى الحلقات إزداد أداءه حماسا وعلقت بذهنى كلمة العالمى التى كان يقولها لوالده بالمسلسل وجذبنى أداءه الانفعالي بعدما سافر لليونان شريف منير نجم لا يختلف عليه اثنين فى أدائه التمثيلى وفى تطويع صوته للدور الذى يقوم به، شخصيته الإنسانية الأب الذى حرم من الأبوة واحتوائه لزوجته التى هربت إلى الدين كملجأ أخير لها لتحقق حلم الأمومة فجاءت بعض المشاهد بين الزوج الحنون المحب الذى يحتوى زوجته أكثر من رائعة.

هناك أدوار لعبت باحترافية فتركت علامة مميزة مثل الفنانين هادى الجيار، سلوى عثمان، وعبدالرحيم حسن، وطلعت زكريا، ونهلة سلامة، وسهر الصايغ، ريهام عبدالغفور، وتميم عبده، رامى وحيد، إدوارد، وندا رحمى، إلهام عبدالبديع، ومحمود فارس، وأحمد قنديل، محمد العزابى، وإسراء الصابونى.

أما الطبق الرئيسى على مائدة رمضان فى هذا العمل الفنان المحبوب جدا كريم عبدالعزيز رأيته فى الحلقات الأولى كريم الذى يضحكنا بإيفهاته وتوكيده على بعض الكلمات وغمزة عينه التى إشتهر بها ولكن سرعان ما تحول الأمر مع سخونة الحلقات إلى إبداع وتعبيرات انفعالية وأداء إحترافي جعلنى أتعلق بعمر وأخاف عليه وأنتظر كل حلقة تأتى سريعا لأرى ماذا سيحدث له أحببت عمر وتعلقت بذلك الأب الحنون الذى لا يرى غير ابنه ويضحى بنفسه فى سبيل أن يفتخر ابنه فى يوم من الأيام به، ابنه الذى يعيش مع أمه وينادى زوج أمه ب بابا، علاقة عاطفية شديدة الحب بينه وبين ابنه الذى حرمه القدر من أعظم كلمه يسمعها منه بابا، وأذكر الحلقة الأخيرة وسرعان ما اندمجت مع عمر.

وتعمقت وغوصت وإزداد قلقى عليه، وازدادت دقات قلبى سرعة كلما اكتشف عمر سرا جديدا يفك شفرات المسلسل وخصوصا عندما كان مع حبيبته فى مشهد رومانسى وتركها ليتفاجأ بضابط المخابرات المصرى يخبره بأن حبيبته كاذبة وعند مقابلته لها بعد ذلك أعجبنى مجموعة الانفعالات التى تشكلت على وجهه ليُعبِر عمر بأكثر من تعبير فى نفس اللحظة المندهش ثم المحب ثم المخدوع ثم الكاشف المتحكم فى انفعاله رأيت فى أداء كريم ما لم أره له طوال هذه السنوات التمثيلية فى هذا المشهد، قصة أكثر من رائعة مشوقة الأحداث السريعة رائعة لأنها متلاحقة.

مبروك لكل فريق العمل على المجهود الذى بذل ننتظر الجزء الثانى من مسلسل الزيبق مع دراما تشويقية تروى عطش تلهفنا للحقيقة وتزيد روح الانتماء الذى يفتقده البعض هذه الأيام.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط