الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحرب الاستباقية التركية في قطر وشمال سوريا


لا يخفى على أحد دور الدولة التركية في تصنيع الأزمات في المنطقة والتدخل السافر في شؤون بعض الدول تحت مسميات شتى، لا لشيء سوى لتنفيذ أجنداتها الخاصة في فرض نفسها كقوة لها تأثيرها ويمكنها اللعب مع الكبار.
 
وبالرغم من أننا ندرك جيدًا أنه ومنذ نشأة تركيا وحتى راهننا أنَّ لها حالة وظيفية وعليها تنفيذ ما هو منوط بها، وأنها أي تركيا ينبغي عليها ألا تتجاوز الحدود المرسومة لها من قِبل القوى الدولية والتي تمثلت في الفترة الأخيرة في أن تكون الحاضنة والممر الرئيس للمجموعات الإرهابية للوصول لوجهتهم لتنفيذ ما هو مطلوب منهم إن كان في مصر وليبيا وسوريا والعراق، وأخيرًا في قطر.

لعبت تركيا متمثلة برئيسها أردوغان دورها على أكمل وجه في الجزء الأول من مسلسل نشر الفوضى والخراب والتهجير في عديد الأماكن والجغرافيا، وأنه الآن تم البدء بالجزء الثاني من المشروع الغربي وأن دور تركيا قد انتهى وعليها الخروج والنزول من على خشبة المسرح ولم يبقَ لها سوى بعض الأدوار الثانوية في بعض المشاهد المتبقية من مسلسل المشروع الشرق أوسطي الجديد. 

أدركت تركيا ذلك جيدًا خاصة بعد زيارة ترامب إلى المنطقة واجتماعه بالممثلين الجدد للجزء الثاني من المسلسل، وأنَّ الدور جاء على تركيا في تحجيم دورها وتقليم أظافرها وإرجاعها إلى الحظيرة الشرعية الدولية حتى يحين وقت تفتيتها كما حصل على أرض الواقع في باقي الدول من العراق وسوريا واليمن وليبيا. 

وعليه قامت تركيا وبنفسها بعدما فشلت المجموعات الإرهابية في تنفيذ ما هو مطلوب منها، بالتدخل المباشر لاحتلال مناطق من شمالي سوريا تحت حجة محاربة داعش، الممول أساسًا من تركيا. 

وتعمل تركيا حاليًا وعبر وسائل مؤسسات الحرب الخاصة بالترويج لإمكانية احتلالها لمناطق في الشهباء وعفرين في شمالي غرب سوريا.

الفشل التركي في حل القضية الكردية في داخلها سيؤدي بها إلى حالة من الفوضى الكبيرة التي ستكون كزلزال يقوض عرش أردوغان العثمانوي الذي طالما حلم على تحقيقه وانعاشه من جديد، حيث التهرب من حل هذه القضية الداخلية ونقلها للخارج لن يُخرج تركيا من عنق الزجاجة التي هي فيها منذ عشرات السنين. فتارة تقوم بحملات عسكرية في جنوبي كردستان لمحاربة العمال الكردستاني، إلا أن كافة تلك المحاولات لم تعطِ تركيا الاستقرار والأمان ولم تحل المشكلة أبدًا بل زادتها تعقيدًا.

وعملت تركيا قبل فترة على إرسال قوات لها إلى بعشيقة لنفس الحجة وها هي الآن وجهًا لوجه أمام مشكلة أكبر وخاصة بعد تحرير الموصل، وما محاولاتها الآن في احتلال مناطق أخرى من الشمال السوري إلا زيادة في الغرق في المستنقع الشوفيني القوموي الذي لا ترغب تركيا الخروج منه لتستنشق بعضًا من الحرية والديمقراطية.

وينطبق نفس الأمر على إرسالها قوات إلى قطر، مع العلم أننا ندرك جميعًا دور قطر وتركيا في تمويل ودعم الإرهاب في المنطقة، إلا أن تركيا تدرك جيدًا أن المشكلة ليست في قطر بقدر ما ستكون الضربة لتركيا بحد ذاتها.

العملية الاستباقية التي تقوم بها تركيا في قطر أو جنوبي كردستان أو في روج آفا لن تخلص تركيا الاردوغانية من مستنقع تمويلها للارهاب أبدًا. وأن السحر الذي كانت تجريه على جيرانها سينقلب عليها هذه المرة وأن كافة الحفر التي حفرتها للآخرين ستقع هي فيها وحينها لن يقوم أحد على الإمساك بيدها، بل على العكس سيشمت الكل بها وستكون عبرة لكل من تجبَّر على الشعوب واستخف بقدراتها وإرادتها وتوقها لنيل الحرية والكرامة.

نهاية تركيا ستكون على يد الكرد كما كانت نشأتها على يد الكرد، وأن التاريخ ربما يمهل ولكنه لا يهمل البتة، وكأن التاريخ يقول للكرد "سيروا يا أبنائي فأنني فتحت لكم أبوابي فادخلوا من أوسعها".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط