الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السنوات العجاف


فجوة كبيرة بين فكر المواطن البسيط الذي يسعي لكسب قوت يومه وبين نظرة الدولة للتنمية والنمو الاقتصادي المنشود ، وهذا ما نعاني منه جميعًا ، فجوة عدم الفهم وعدم الإطلاع ، ربما يختلف علماء الاقتصاد في اُسلوب الإصلاح والنهوض بالدولة المصرية وسداد الدين الخارجي وتحسين دخل المواطن البسيط ... خطط تراجع عنها الكثيرون علي مر العصور فهل يتم تحميل جيل واحد من الشعب المصري المعاناة حتي يتم الإصلاح أم أن علي علماء الاقتصاد وضع خطة طويلة المدي تُحَمِل كل جيل جزء من العبء حتي يحدث النهوض ؟ تساؤلات كثيرة يطرحها الشعب المصري خوفًا من عدم القدرة علي الصمود أمام إعصار الغلاء.

عندما تسوء الحالة الصحية للإنسان قد يذهب لطبيب ينصحه بإجراء عملية جراحية سريعة قد يعاني بسببها المريض لفترة زمنية ثم تستقر حياته ويعيش في صحة وعافية ... وقد يذهب لطبيب آخر ينصحه بالعلاج البطئ وتَحَمُل بعض المعاناة طوال فترة العلاج والتعايش مع المرض حتي يتم الشفاء تدريجيًا ... قد يكون كلاهما صحيح ولكن لكل منا طريقته في تناول الأمور.

نختلف أو نتفق مع الوضع يجب ألا نتناسى ما تم تحقيقه خلال الفترة السابقة من إعمار وتشييد وشبكة طرق وغيرها من إنجازات متعددة تحدت الزمن وغيرت من طبيعة الأمور ... بالإضافة إلي محاولات القضاء علي أماكن عشوائية غير آمنة تتحدث عن نفسها وتفتح أبواب من الأمل أمام كل من يريد أن يتخلص من واقع أليم عاش عليه عمر بأكمله... مع محاولات للقضاء علي أمراض تهدد حياة شعب عريق مثل الشعب المصري ...وغيرها ...... ولكن نقف جميعًا في صمت وترقب أمام الخطة التي لا نري منها سوي الجانب المخيف لعدم علمنا ببواطن الأمور واستعدادات الدولة لها.

ما يشغل الجميع هو كيفية التعايش مع موجة الغلاء التي ازدادت كثيرا ولمرات متعددة خلال الفترات السابقة...
شعب قد تخطي المئة مليون مواطن تقريبًا مقسم علي طبقات متعددة ، طبقة صغيرة من أغنياء العالم تكاد تسعد بتلك القرارات التي تصب في النهاية في مصالحها المستقبلية من قدرة علي الاستثمار والازدياد في الغني وتطلع نحو المستقبل ، يعقبها طبقة من الأغنياء الذين انقسموا علي أنفسهم بين مؤيد ومعارض لقرارات تسعي نحو النهوض الاقتصادي ولكن تُحَمِل المواطن اكثر مما يحتمل .. تليها طبقة متوسطة تكاد تنتهي وتتلاشي وتنضم إلي الطبقة الفقيرة نظرًا لعدم قدرتها علي الصمود أمام التغيرات اللازمة للتنمية الاقتصادية .. ثم تأتي الطبقة الفقيرة والشديدة الفقر الذي فقد منهم الكثيرون القدرة علي التفكير واتجهوا الي الدعاء لطلب الرحمة ... من يتحمل العناء وهل تم تقسيم العبء علي الجميع أم أن الغني أمامه مستقبل مشرق بسبب التغير الاقتصادي المنشود والفقير ينتظره اليأس واللا أمل؟

اعتقد أن الرئيس السيسي الذي تعلم القيادة العسكرية والذي حاول الصمود ضد الإرهاب الفكري والمادي والمعنوي بالاضافة إلي الحفاظ علي أمن وسلامة الوطن لن يخسر رصيده في قلوب المصريين نظير قيامه بعملية بتر سريع للأورام التي تسبب إرتفاع معدلات التضخم والدين الخارجي.. ربما قرر رجل الحرب الذي قاد أصعب معركة فكرية علي مر التاريخ أن يسير بالوطن دون أن يحتاج للآخرين من مساعدات تكسر العين وتُحِد القدرة علي إتخاذ القرارات بِحُرِيَة .. فالدين مذلة والاحتياج للمساعدة المشروطة يفتح أبواب العبودية ويهلك القدرة علي التقدم والازدهار... ونحن علي أعتاب فترة انتخابية جديدة لرئيس يسعي للنهوض بالدولة هل من الممكن أن يخاطر أي رئيس بشعبيته؟ أم أنه يحاول أن يسابق الزمن ليصلح قدر الإمكان ؟ الشعب المصري شعب حمول يستطيع أن يتفهم الأمور لطالما مرت عليه أزمات متعددة وكثيرة عاني منها أجدادنا وبقيت مصر وما زالت مطمع لكل الدول الكبيرة والتي تسعي للسيطرة علي العالم وتقسيمه وفقًا لأهوائها ...

كل ما يحتاجه المواطن أن يفهم هل حقًا نحن علي الطريق السليم وهل الإصلاح المنشود سوف يشعر به الفقير قبل الغني في السنوات القليلة القادمة؟ هل سيرتفع المستوي المعيشي للشعب المصري بصورة متكافئة ومرضية للجميع أم أن السنوات المقبلة تحمل لنا مفاجآت قد تصدم البعض فيزداد الغني غني ويزداد الفقير فقرًا وتتلاشي الطبقة المتوسطة فيحدث خلل في التوازن بين طبقات الشعب المختلفة؟.

من المؤكد أن أي تخطيط يرتبط بزمن يجني المرء بعده ثمار تَحَمُله وصبره ، إذا تفهم الشعب أن الأمر ليس ظلامًا دامسًا إلي الأبد بل هي فترة محدودة بزمان يفيق بعدها الوطن من كبوته ، ويصلح حال الجميع غني وفقير ... اعتقد أن حينها سوف يتفهم الجميع ضرورة التحمل المؤقت علي أمل الحلم المنشود ... ويأتي هنا دور التكافل الاجتماعي الذي ربما أصبح أهم سبل الإحساس بالأمان في هذا الزمان ... دور الغني في إحتضان الفقراء حتي تمر الأزمة بسلام ... القلوب يجب أن تتغير ، يجب أن تمتلئ بالرحمة والإحسان حتي نعبر جميعا بأمان من مُر المرحلة ....

وتأتي القدرة علي السيطرة لتلعب دورها الذي بات من أهم الأدوار ، كيف يتم السيطرة علي الجشع واستغلال الفرص الذي يعاني منه المصريين من حيتان الأسواق في جميع المجالات من مواد بناء وطعام وملبس ومسكن و تعليم و اتصالات ومواصلات؟ ... لكل فرع منهم حيتانه والبعض منهم يستغل الفرص لِمَص دم المواطن واستغلال صدور قرارات ازدياد أسعار الوقود والكهرباء والغاز حتي يقضي علي ما تبقي من أمل لدي الفقير لحياة كريمة دون إذلال .

نحتاج جميعًا للتكاتف والصبر والتحمل والرحمة حتي نعبر هذه المرحلة كما يحتاج الجميع إلي الاطمئنان إلي نسب نجاح تلك الخطط التي يتم اتباعها للإصلاح ، نتفق جميعًا في الرغبة في حياة أفضل ومستقبل آمن ومشرق فقط نحتاج إلي المعرفة وهي حق مكفول لكل مواطن يحيا علي هذه الأرض المباركة. اعتقد أنه حان الآن موعد الشفافية المطلقة والتي تشرح كيف يتم الإصلاح ليس فقط بحملة إعلامية مفادها أنه في مصلحة المواطن بل يجب تناول القرارات بمزيد من الشرح والتفصيل للعائد علي المواطن المصري من التحمل حتي يطمئن أنه يتحمل اليوم لكي يعيش غد مشرق ملئ بالأمل والتفاؤل.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط