الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المنسي.. شهيد برتبة إنسان


يا بلادى يا بلادى أنا بحبك يا بلادى
قولوا لأمى متزعليش وحياتى عندك متعيطيش
قولولها معلش يا أمى .. أموت أموت وبلدنا تعيش
أمانة تبوسولى إيديها وتسلمولى على بلادى
فى جسمى نار ورصاص وحديد
علمك فى إيدى واسمى شهيد

هذه أول أبيات ترن فى أذننا مع كل خبر لاستشهاد أبطال مصر وعزتها وشرفها رجال القوات المسلحة ، هؤلاء الأبطال الذين يعانون الكثير من أول تسليمهم لملابسهم المدنية فى الكلية واستلامهم الملابس العسكرية ، معها تتحول حريتهم لتكون باسم آخر التزام أمانة رجولة شرف فداء للبلد .

هذه هى الكلمات التى تسرى فى عروق كل ضابط من ضباط الكلية الحربية ، رجال سلموا الرخاء والعنترية وعدم الرضا والقناعة وكل صفات المدنية التى نتمتع نحن بها .

ننظر لمرتباتهم وننظر للنوادى ولقاعات الاحتفالات ، حتى بعد أن شاركناهم نواديهم وقاعاتهم ظلت نفس النبرة بداخلنا .

ولم ننظر أبدا ليوم شديد الحرارة وهؤلاء كل فى وحدته يعمل بجد وشقاء يحلل كل قرش يستلمه ، لم يشتكِ من الحرارة والرطوبة وهو يلبس من الملابس الثقيلة ما يكفى لأن يكره حياته فى هذه اللحظة، ولم ولن يشتكى .

لم يشعر بالضجر ولم يطلب مياه ساقعة ولا عصير فريش بالثلج ، بل انهمك فى العمل ، لم نرَ ضابط جيش يمضى فى الدفتر ويزوغ ، ولم نرَ ضابط الجيش يفتح درجه ويقولنا يا تدفعوا تمن حمايتكم يا هنوقف كل مصالحكم وأنتم فاهمين أنا أقصد مين وهم نفسهم المتمردون ، فى المقابل سيادتك قاعد فى تكييف فى مكتب أو فى المنزل أمام الكمبيوتر وبتكتب الجو حر مش قادر أستحمل نزلت مشوار ثلاث ساعات كنت هموت ، هى مصر دخلت النار .

وبالنهاية تدخل بكل وقاحة تتريق على أبطال جيشك أو تهيف من عملهم أو تكتب حكم العسكر .
أنت مين ؟!

لماذا لم تدخل الكلية الحربية لأن المواصفات لم تنطبق عليك أو على أهلك ، أم لأنك لن تتحمل شقا صناعة الرجال الأبطال .

الشهيد أحمد المنسى ...
شهيد بدرجة إنسان.. قرأت من صفحات زملائه ما يكفى لأنتحب عليه وأدعو لأمه تلك السيدة التى احتسبت وسلمت أمرها لله وقلبها مجروح ذبحت وهى التى تنتظر فلذة كبدها تشتاقه ، ولمَ لا وهو الابن البار المصلى المُسَلم امره لله ...

عرفت منسى من حروف نشرها زميل له الضابط محمد طارق على صفحته بالفيس بوك محادثات سابقة بينه وبين البطل الشهيد من ضمنها محادثة على الواتساب منسى يرسل صورة لطفل سيناوى ويقول لطارق شوفت الطفل ده اللى واقف جنب سلاحى ده عنده سرطان ، ويبعث بصورة أخرى منسى يتوسط مجموعة من الأطفال ويقول هؤلاء أطفال المدرسه الإبتدائية لفيت عليهم مدرسة مدرسة عرفتهم إننا هنا علشان نحميهم وإننا بنحبهم ، وكانت الصورة تحمل ملامح الاحتضان والحب ، صوره أخرى منسى مع جنوده وزملائه يفترشون الارض ويأكلون الطعام وكأنهم برمضان ...

أما فى صفحة منسى وجدت بوست قال فيه : انا عايز أحكيلكم عن تجربتى الشخصية يمكن تعجبكم ، أنا معملتش شير لحاجة من غير ما أتأكد منها ، ماهريتش فى موضوع فكة وجنازة ، وحادثة ...الخ
... الغريب ، إنى فعلا مش حاسس إنى ناقصنى حاجة .

وهنا انتهت رسالته وأعتقد إنها رسالة موجهة إلينا جميعا كتب وأنجز ، بين لنا أن ليس كل شىء ينشر يصدق ويجب التأكد من المصدر ، بين لنا أنه راض ومقدر كل النعم ، واحد فاهم إن الرزق بتاع ربنا ..

ربنا لم يقل إن الأسعار لو رخيصة هرزقكم ولو كانت غالية لن أرزقكم .. الرزق بيد الله لا بيد رئيس ولا وزير، فقط اسعَ وتوكل عليه وسينزل رزقك مهما كانت الأسعار .

كل من يعرف منسى قال إنه كان يريد الشهادة، ولمَ لا وهو القانع الراضى المحتسب المتوكل على الله .

يا من تحسدونهم ؟ على ماذا تحسدونهم ؟

فأرواحهم وضعت فى كفة وآلاف الجنيهات الذى تنظرون لها فى الكفة الأخرى .. ودائما وأبدا تطُب كفة ارواحهم.
ومع أن كثيرا منا مرتباتهم تكون مثلهم بل هناك بعض الوظائف أكثر ، وأقصد هنا نفس المستوى الوظيفى .

وبعد كل ما يقدمونه للبلد ولنا ، تشككون فى طريقة موتهم أو فى قصص موتهم أو ترمون بالتهم والتقصير.. من عيوبنا المميتة أننا أصبحنا جميعا دار الإفتاء المصرية كلنا عارفين ، كلنا فاهمين ، كلنا شايفين .. إرحموا البلد وكفانا خرابا .

عندما كان عدونا معروفا ومباشرا كان الضرب مباشرا لكن عندما تخفى العدو فى هيئة ابن أو صديق أو عدو داخلى لا نراه باتت الضربات غير متوقعة، ومع ذلك يكافح أبناء جيشنا البواسل الأبطال لآخر نفس فيهم .

أبحث فى قاموسى كى أجد كلمة ثقيلة تعطيهم حقهم ومجهودهم فلم أجد غير كلمة أبطال شهداء أحياء عند ربهم يرزقون .

هؤلاء فى وادٍ ومعظم شبابنا وشُيابنا الجاهلين فى واد أخر يلقون بالكلمات السخيفة.. أى موقف يحولونه لسوط غليظ يابس ليضربوا به البلد .

وعلى النقيض يقابل كل أب جريح أو كل أم مكلومة، جثة ابنهم الشهيد بالزغاريد ويقولون فداؤك يا مصر.. فأهالى الأبطال ، بنفس القلب الجريح يتحولون إلى القلب الذى يحتوى مصر فى عز أزمتها ...

أبعد كل هذا أصدقك أيها الرجل الفيسبوكى وأكذب أولاد جيشى العظماء أصحاب المواقف.. لعنة الله عليك أنت وكل سهم مسموم يخرج من كيبوردك ليدخل فى قلب وطنى الذى ينزف .

مع السلامة أيها الشهيد الإنسان
مع السلامة يا منسى سلم على كل الأبطال
سنبكيكم وسنبكى غيركم ودعاؤنا سابق دموعنا
أنتم السابقون ونحن إن شاء الله بكم لاحقون
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط