لا عزاء للشهداء

كلما مرت الأيام زادت أحداث ثورة 25 يناير غموضا، لقد فاجأت محكمة الجنايات الشارع المصري للمرة الثانية ببراءة جميع المتهمين في قتل الشهداء في موقعة الجمل، وقبل ذلك برأت المحكمة كبار المسئولين في أجهزة الأمن من نفس التهمة.
وما بين براءات الأمس وبراءات اليوم يبقى هناك سؤال حائر: "من قتل شهداء ثورة يناير؟".
إن السؤال الأخطر هو أين الأدلة والاتهامات وصور الأحداث والوقائع، هناك صور على النت رصدتها أجهزة الإعلام يطلق فيها الضباط والجنود النار علي المتظاهرين فأين ذهبت هذه الأدلة؟ وأين شهود الإثبات الذين عاشوا كل هذه الأحداث؟ يبدو أنه لا يوجد شهود وإن ظهر شاهد فهو لم ير شيئا، لقد اختفت تماما الأدلة والشواهد في كل قضايا الثورة وأصبح واضحا للجميع أن هناك أجهزة مسئولة لم تقم بدورها في تقديم الأدلة وإثبات الإدانة ولهذا كان من السهل على القضاة الحكم ببراءة المتهمين.
لقد حصل جميع المتهمين في قضايا الثورة على حكم بالبراءة وسوف تنتقل عدوى هذه البراءات من محكمة إلى أخرى لأن الجميع ينتظر أدلة لا تجيء وشهودا لا يعرفهم أحد، ويبدو أن دماء الشهداء وزعت على بقية فئات الشعب وأصبح من الصعب إدانة أحد أو توجيه اتهام حاسم وقاطع للمسئولين ورغم هذا علينا أن ننتظر ما ستقوم به النيابة، ربما قدمت أدلة جديدة أو قررت إعادة المحاكمة أمام دوائر قضائية أخرى، ولا أتصور أن يتحرك ضمير الجهات المسئولة في الدولة لتقدم ما لديها من وقائع وشواهد وأدلة.
لا يستطيع أحد أن يعترض أو يناقش أحكام القضاء ولكن من حقنا بل من واجبنا أن نعترض على موقف مؤسسات وأجهزة الدولة التي لم تجمع الأدلة ولم تكن على مستوي المسئولية والأمانة وهى تقدم القضايا أمام المحاكم.
هناك حلقات كثيرة مفقودة في أحداث الثورة ابتداء بالشهداء وانتهاء بالمسئولين، ويبدو أن اللهو الخفي الذي ظهر يوما في شوارعنا وقتل الثوار لم ينس أن يقتحم المحاكم ويحصل على أحكام بالبراءة.
نقلا عن "الأهرام"