الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بلد الكفر ليتنا كنا فيها مواطنين


جلست بجوارهما أب وابنه فى صالة الركاب فى انتظار طائرتى وأعتقد أن الابن أيضا كان ينتظر نفس الطائرة ، الأب تجاوز الخمسين والابن شاب فى منتصف العشرينات، الابن وجهه كله سعادة بينما أبيه حزين الملامح والكلمات التى سمعته يبدأها بمحاولة أثناء ابنه عن السفر والاغتراب ويقول وهو تخنقه العبرات يا ابنى انت هنا وسط أهلك وناسك وأهل دينك.

وهنا وجدت بركان غضب ينفجر من الابن حيث قال..ابى إن من هم هناك هم أصحاب الدين فهم لايغشون ويعملون بكد ودأب، وأيضا ماذا تريد منى أن اضيفه لبلد فيها الدين مجرد خانة فى شهادة الميلاد والنوع ايضا وأضف إليه مخزون متوارث من الجهل وضيق الأفق والتعود على العيش بنفس الطريقة الاتكالية التى لا تسمن ولا تغنى من جوع ..يا أبى من تسموهم بلاد الكفار والكفار هم من أرسلوا لى لكى أدرس فى بلادهم وهم من التمسوا موهبتى وهم من اعانونى وفتحوا لى ابوابا أغلقها فى وجهى أهل بلدى وبنو دينى لأنهم يقيسون الأمور بميزان المحسوبية والرشوة ، الكفار وأهلهم وبلدهم هم ندرس بلغتهم ونمتثل لحكمهم وهم ايضا من يحركون هذه المنطقة كيفما يريدون.

أهل الكفر يا أبى يمتثل بأمرهم أهل السلطة فى هذا الزمن وفى هذه البقعة من الكرة الأرضية، هم يا أبى من تلجأ اليهم الدول المسماة بالعربية والتى تدين بالإسلام تلجأ الى اهل الكفر لكى يأخذوا حقها من بنى جنسها وهم أيضا من تصدر لهم دول الإسلام كل ماهو نفيس وثمين بأبخس الأسعار مقابل اتفاقات معلنة وغير معلنة، يا أبى أهل الكفر ليسوا مسؤلين عن أعمال حكامهم ولا أداء حكومتهم السياسى الخارجى ولكنهم يسألون من كان مسؤل عنهم عن كل ما يخصهم وفى امكانهم ان يبعدوه عن مكانه إذا ماثبت لهم تقصيره ، هؤلاء الكفار يعملون باتقان امتثالا لرب السماء ورسوله الذى لا يدينون بدينه ولكنهم ينفذون مطلبه باتقان العمل لأنهم يعملون أن بالعمل يرتقوا وينهضوا.

أهل الكفر وبلادهم تتعامل مع الناس بمبدا السواسية كل من أخطأ يعاقب وكانهم يعلمون ماقاله الرسول بان لو ابنته سرقت لقطع يدها.

 أهل الكفر ياوالدى قطعوا طريق طويل فى تعمير الدنيا والرقى بها أما نحن فكل ماصنعناه الانجاب لأننا نؤمن بأن العيال عزوة ونسينا أن من أقوال الرسول الكريم أن نترك ابناءنا أغنياء خير من أن نتركهم عالة، أهل الكفر هم أهل من استشف روح الدين الصحيح وهى العمل والإيمان هم يعملون يا أبى وعلى يقين بأن الدي مكانه دور العبادة بعكسنا فنحن لانعمل ولاننتهج النهج الدينى كما ينبغى أن يكون.

 يا أبى الشوارع والمصانع ودور العلم وحتى دور العبادة كلها مفتقرة لدين يلتزم به شعب وليس ما نحن فيه.. هناك يا أبى سوف أحدثك واشرح لك أن الدين بحاجة إلى سلوكيات من يدينون به لكى نترك مفهوما صحيحا عنه وليس شعبا كل مايربطه بدينه خانة فى شهادة الميلاد ومناسك يؤديها متثاقلا وعمرا يفنيه ولم يترك فيه علما ولا نفعا وكل ما جاد به مزيد من الشقاء فى صورة ابناء يزيدون المنطقة هما وغما.. والتقط أنفاسه وربت على كتف والده واحتضنه ووعده بأنه سيرسل له فور استقراره هناك وطمأنه أنه قد قام بعمل كل ماهو يكفيه فى حياته القادمة حتى يرسل له ليلحق به.

وقبل ان يودع ابيه نظرت اليه وسألته إلى أين انت متوجه وعندما أجاب أنه على نفس طائرتى طلبت منه مساعدتى فى حمل حقيبة لى وكنت من داخلى ارتب لكى أتابعه وهو هناك وربما لكى يكون لى سندا من بنى وطنى ودينى فى بلد الكفر والكفار.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط