الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا تعمد زيارة الإمارات في 25 سبتمبر؟


ثلاث قضايا رئيسية دفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي لاختيار 25 سبتمبر بالتحديد للقيام بزيارة الإمارات العربية المتحدة ، أولها يتعلق بحماية الأمن القومي العربي ، وثانيها يختص بتأمين سلامة الخليج العربي والبحر الأحمر وثالثها يتعلق بجذب مزيد من الاستثمارات الإماراتية لمصر خاصة لصالح المنطقة الاقتصادية لقناة السويس .

فلم يكن وقوع اختيار الرئيس السيسي على يوم 25 من شهر سبتمبر وليد الصدفة، لكنه كان اختيارا مدروسا بعناية ، لأنه يتزامن مع استفتاء الأكراد للإنفصال عن العراق ، بكل ما يحمله هذا الاستفتاء من خطورة على وحدة الدولة الوطنية في العالم العربي . فالرئيس السيسي استغل مباحثاته مع المسئولين الإماراتيين ، وعلى رأسهم الشيخ محمد بن زايد ، ولي عهد الإمارات ، للتحذير من أن مخطط تقسيم الدول العربية يسير وفقا لإستراتيجية مدروسة بعناية ويتم تنفيذها بدقة شديدة .

ويظهر ذلك بوضوح من خلال تشديد الرئيس على عدم التهاون مع الدول التي تدعم الإرهاب و تشيع عدم الإستقرار في المنطقة ، من منطلق أن التفتيت والتقسيم يأتيان دائما كنتيجة مباشرة لعدم الاستقرار و إشاعة الفوضى في الدولة الوطنية كما حدث في العراق. فالأكراد لم يحصلوا على الحكم الذاتي داخل العراق عام 1991، إلا بعد أن تزعزع استقرار العراق بسبب ارتكاب الرئيس العراقي الأسبق ،صدام حسين لجريمة احتلال الكويت .
 
كما أن رئيس كردستان العراق ، مسعود برزاني ، برر سعي كردستان العراق للإستقلال بما يعانيه الأكراد بسبب عدم الاستقرار كنتيجة مباشرة للحكم المذهبي و الطائفي في العراق . و لهذا كان تشديد الرئيس السيسي خلال زيارته للإمارات على ضرورة أهمية تدعيم مؤسسات الدولة الوطنية والتصدي بحزم للإرهاب ، ووقف تمويله، أو توفير الغطاء السياسي و الإعلامي له ، في إشارة واضحة لقطر الداعم الأول للإرهاب.

وقد كان رد الشيخ محمد بن زايد ، ولي عهد أبو ظبي، حاسما في هذا الصدد بتأكيده على أن مصر ركيزة الأمن والإستقرار في الوطن العربي . كما أكد ذلك أيضا حاكم إمارة دبي ، الشيح محمد بن راشد آل مكتوم ، من خلال تشديده على أهمية تعزيز التكاتف بين الدول الأربع المكافحة للإرهاب والمقاطعة لقطر ( مصر ، الإمارات ، السعودية ، البحرين ) من أجل ترسيخ قيم السلام و التسامح و الاستقرار في المنطقة بعيدا عن التعصب والكراهية بين شعوب المنطقة .

أما القضية الثانية التي دفعت الرئيس السيسي لزيارة الإمارات في هذا التوقيت، فهي حرصه على أمن وسلامة الخليج في أعقاب تهديدات زعيم الحوثيين في اليمن ضد الإمارات و السعودية . وشدد السيسي بالفعل على ذلك فور وصوله أبوظبي ، فقد اكد الرئيس السيسي من جديد على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمن مصر.

وتأتي هذه الزيارة بعد أيام قليلة من إعلان زعيم الحوثيين في اليمن، عبد الملك الحوثي، بقيام الحوثيين بتطوير صواريخ جديدة تستطيع ضرب قلب العاصمة الإماراتية أبو ظبي، فضلا عن أنها قادرة أيضا على استهداف ناقلات النفط السعودية في البحر الأحمر . وتعيد زيارة الرئيس السيسي للإمارات للأذهان جملته الشهيرة " مسافة السكة ".

وتعد حماية أمن الخليج العربي و تأمين الملاحة في الخليج على وجه الخصوص بمثابة حماية لأمن مصر وإقتصادها . فتأمين الملاحة في الخليج و البحر الأحمر يعني حماية الملاحة في قناة السويس بالنظر إلى أن جميع السفن التي تخرج من الخليج العربي تمر عبر قناة السويس . وقد أعربت الإمارات عن مدى امتنانها لمصر لاهتمامها بأمن واستقرار الخليج ، من خلال تصريحات الشيخ محمد بن راشد، الذي أشاد بدور مصر في حماية الأمن القومي العربي، وصون المصالح العربية ، والعمل على تعزيز الأمن و السلام و الاستقرار في المنطقة العربية .

أما القضية الثالثة والأخيرة التي كانت وراء إختيار الرئيس لزيارة الإمارات في هذا التوقيت فهي جذب مزيد من الإستثمارات الإماراتية إلى مصر . فالإمارات تتميز بأنها أكبر مستثمر في مصر حيث تخطت استثماراتها في عام 2016 حاجز الـ 6 مليارات دولار ، كما إرتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال نفس العام إلى 5ر3 مليار دولار منها 3ر2 مليار في صورة صادرات مصرية للإمارات .

كما تأتي زيارة السيسي للإمارات بعد 4 أيام فقط ، على الإتفاق الذي وقع بالأحرف الأولى ، بين المنطقة الإقتصادية لقناة السويس، وموانئ دبي العالمية . وتستهدف زيارة السيسي للإمارات بكل تأكيد العمل على سرعة تفعيل هذه الاتفاقية وإدخالها حيز التنفيذ بعدما وقع عليها من الجانب المصري مهاب مميش، رئيس المنطقة الإقتصادية لقناة السويس ، و من الجانب الإماراتي ،سلطان أحمد بن سليم ، رئيس مجلس إدارة موانئ دبي العالمية .

ولمن ينتقدون هذا الإتفاق، بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، و بين موانئ دبي العالمية ، بزعم أن الإمارات لن تعمل على إنجاح أي شراكة في هذا المجال حتى لا تسحب موانئ قناة السويس السجادة من تحت أقدام ميناء جبل علي الإماراتي نظرا لتفوق الموقع الإستراتيجي لقناة السويس التي تربط بين القارات الثلاث إفريقيا ،وآسيا، وأوربا . فإن قدرات موانئ دبي كفيلة بالرد على من ينتقدون هذا الإتفاق. فموانئ دبي العالمية شركة تسعى لتحقيق المكاسب المادية ، فهي تدير أكثر من 50 ميناء في 31 دولة حول العالم وجميعها منافس لميناء جبل علي .

كما أن المنطقة المزمع إقامتها بمقتضى هذه الشراكة المصرية الإماراتية في محور قناة السويس، ستشمل أنشطة معظمها لا يتوافر في ميناء جبل علي مثل الصناعات المتوسطة والصغيرة و متناهية الصغر، وصناعة مواد البناء، و صناعة الإلكترونيات، و الأقمشة، و المنسوجات ،وقطع غيار السيارات ،و الصناعات الغذائية والدوائية، والبتروكيماويات .وقد جاء الرد من جانب حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد بإلإشادة بالنمو الإقتصادي الملحوظ الذي حققته مصر .

وبكل تأكيد لم تقتصر المباحثات التي اختتمها الرئيس السيسي اليوم مع المسئولين الإماراتيين على هذه الموضوعات الثلاثة الرئيسية فقط، لكنها اتسعت أيضا لتشمل القضية الفلسطينية ، على ضوء اتفاق المصالحة الفلسطينية برعاية مصر فضلا عن ملفات النزاعات العربية في ليبيا وسوريا واليمن والعراق .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط