ليس بزيادة البدل يحيا الصحفيون

انشغل الوسط الصحفى كثيرا ، وتحديدا فى الآونة الأخيرة ، بقصة زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا ، أو ما يطلق عليه البعض مجازا "البدل" وهى القصة التى ثارت حولها أحاديث مطولة ، وصنع منها البعض أشعارا فى مدح الزميل عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين ، باعتباره صاحب الضربة الأقوى فى قيمة الزيادة ، التى يراها البعض إنجازا تاريخيا لم تشهد نقابة الصحفيين له مثيلا.
وبحسب تلك الرؤية ، انصلح حال الصحفيين بعد اعوجاج ، وعادت لهم كرامتهم بعد امتهان ، وأصبح لهم درع ، يحميهم من شظف العيش ، وضيق ذات اليد ، وسيف يواجهون به صعاب الحياة ، ويقضون به على مشاكلهم.
أشعار المدح فى زيادة البدل، قابلتها أبيات ذم فيه ، وصلت إلى حد المعلقات، واعتبر البعض البدل برمته، أحد أسباب فساد المهنة ، وتحويلها إلى عملية تجارية بحتة ، فقدت على أثرها قوتها فى المجتمع وسموها بين المهن.
وما بين المدح والذم ، تبقى قضية البدل محل تباين فى الآراء والتفسيرات حول ماهيته وأهدافه الحقيقية ، والآثار المترتبة عليه.
وبحسب رؤيتنا، لا يمكن إنكار جهد الزميل عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين ، فى سبيل الزيادة التى قال عنها أنها بلغت 300 جنيه، أو إنكار محاولاته الارتقاء بأوضاع الصحفيين المادية، معتمدا على تلك الزيادة التى تحدث عنها ، مرشحا لمنصب النقيب فى انتخابات التجديد النصفى التى جرت فى مارس الماضى ، وواصل حديثه بعد أن أصبح نقيبا.
غير أنه لابد من التأكيد ، على أن زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا ، لا تمثل – عندى – إنجازا نقابيا بالمعنى الذى نعرفه ، كمنشغلين بالعمل النقابى، ومهمومين بمشاكل المهنة ، لأنه لا يمثل أى انتزاع من جانب السلطة التنفيذية، أو تم فيه بذل أى جهد نقابى ، بل هو وعد وعدت به الحكومة ونفذته فى حدود إمكانياتها المادية ، التى لا دخل للنقيب فيها أو فى تحديد قيمتها ، بدليل عدم الإفصاح عن تلك القيمة إلا بعد ما تردد من أنباء حول اعتمادها رسميا من جانب مجلس الوزراء.
ونؤكد أيضا أنه ليس بزيادة البدل يحيا الصحفيون ، فهناك ما هو الأهم من زيادة البدل، فقضايا التعطل عن العمل ، والفصل التعسفى ، ووقف تأمينات الكثير من الصحفيين ، وتشريدهم ، وعدم تقنين أوضاعهم مهنيا ، يجب أن تكون فى مقدمة أولويات مجلس النقابة، وعلى أساسها يتم قياس مؤشرات الأداء النقابى ،سلبا وإيجابا، وهى القضايا التى يمثل حلها جهدا نقابيا حقيقيا ، ونجاحا غير قابل للشك ، خاصة أن تلك القضايا تمثل أزمات عالقة ، وذات أبعاد متداخلة ، مابين المؤسسات الصحفية الحزبية والخاصة من ناحية ، وأجهزة الدولة من ناحية أخرى.
فالنقابة لها سلطة على الصحف وفقا لقانونها ، رغم قدمه وعدم صلاحيته لكثير من المتغيرات المهنية ، وتستطيع أن تضبط الأداء المهنى ، وتحافظ على حقوق الصحفيين فى تلك المؤسسات.
كما أن النقيب ، وبحكم قانون النقابة أيضا ، هو الممثل القانونى للصحفيين أعضاء النقابة ، ويستطيع بقوة القانون أن يخوض معارك من أجل مصالح الأعضاء ، وأن ينتزع حلها.
وما نخشاة أن تتحول زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا ،بقدرة قادر، إلى إنجاز نقابى عظيم ، تتوقف بعده محاولات، أو جهود لحل الأزمات الأخطر التى تواجه الصحفيين.