الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حينما يصبح الإعلام في مصر دون فائدة


إن مفهوم الإعلام البسيط عند العامة, أنه الوسيلة التى تنقل الخبر وتُعلم الجميع بما يدور فى الحياة , وتكون أخباره بمثابة المعطيات التى يستخدمها المواطن العادى للخروج بنتيجة, فإن كانت المعطيات غير دقيقة وغير صحيحة فلا يمكن بأى حال من الأحوال الخروج بنتائج سليمة وتصبح حلقة المعرفة مُفتقدة لدرجة أن الشعب لا يعرف للوعى طريقا، وبالتالى يصبح الإعلام دون فائدة , ويخيم الجهل على أوطاننا وتتلاشى تقاليدنا التى تربينا وترعرعنا عليها , شيئا فشيئا , ولا يبقى غير الجهل فى زمن من المفترض أنه يتسم بالعلم والمعرفة والاطلاع.

وحينما لا يقوم الإعلام بدوره الحقيقى ستجد دائما المتناقضات والقيم السلبية فى مقدمة الأفعال التى تتلاشى إنسانيتها شيئا فشيئا لنصل الى فقد صفة الإنسانية بشكل كامل فى كثير من جوانب حياتنا, فتجد مثلا النزوة البهيمية عند كثير من الشباب لأنهم لم يجدوا التوجيه السليم فى مجتمع متصالح مع نفسه ومع الأخرين , بل يصبح المجتمع الذى نعيش فيه أكثر افتراسا بعضه للبعض الآخر , لمجرد أن الذى يصلح ويبث فينا القيم , هو نفسه صاحب الكلمة الذى يتسم بالجهل والإنفلات, فتنمو فى المجتمع قيمة عدم التصالح , لأن الجميع يرى خطأه صوابا, وجهله علما, وباطله حقا.

إن الكلمة التى تخرج من أفواه الإعلاميين ويخطها قلم الصحفيين مسئولية.. فهى قدس الأقداس فى الحياة, لأنها لو وضعت بضمير أخلاقى ومهنية شديدة ستحقق المصلحة العامة الحقيقية للفرد والدولة , كما ان الحياة العامة ليست ملكا لفرد , فلا يمكن أن يتحكم إعلامى جاهل بدون ضمير وثقافة وقيم , فى مصير أمة , لأن الإعلامى الحقيقى لابد أن يشارك فى متعة الخلق وأن يكون محايدا بل يجب قبل أى شىء أن يكون إنسانا فى توجيهه للرأى العام .

ولا بد أن أعترف عن يقين أن مؤسسة الإعلام فى أى دولة تعتبر أهم المؤسسات على الإطلاق ودون مبالغة , فهى المؤسسة التى لو طبقت ضوابطها ستكون الأقدر على تحمل المسئولية الحقيقية فى الاتصال والمواجهة لتنمية الدول وتحقيق التنمية التى تتمناها أى دولة , بسبب ما يستطيع أن يفعله الإعلام فى عقول الكبار قبل الصغار.

كما يجب عمل دراسات ميدانية لدراسة الواقع وتأثير الإعلام لشد انتباه الناس وإثارة وعيهم النقدى فيما يتصل بأخص خصائص حياتهم الشخصية , وخاصة أن الإعلام بوسائله المختلفة هو الزائر الوحيد المصرح له بالإقامة الدائمة فى منازلنا , والدخول الى غرف نومنا دون أن نبدى مع ذلك قلقا أو حذرا , وبالتالى فالزائر يجب أن يكون على قدر المسئولية وعلى قدر الأمانة الملقاه أمامه , فإن لم يأخذ منا فيجب أن يعطينا الثمين والقيم , لا أن يعطينا الرخيص والعطب , فإن لم يستطع أن يعطينا الإيجابى فلا يجب أن يعطينا أى شىء .

يا سادة ... ان اللغة الإعلامية التى نأمل أن تُصدر إلينا , يجب أن تختلط بأنساق الثقافة وعلاقات الإجتماع وسياقات التاريخ ويدخل فيها المنطق والعقل والبرهان والقياس والإستدلال والتحليل والإستنتاج والجمال والتعددية فى الآراء والتحليق فى فضاء المعلومة , والبعد عن التلفيق والمتناقضات والدمج والصهر والتركيب .. باختصار شديد نحن نحتاج الى إعادة صياغة رؤية تربوية جديدة للإعلام فى مصر تضمن تخريج إعلاميين ونظام إعلامى يحترم المتلقى حتى لا يصبح الإعلام فى مصر دون فائدة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط