الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التطبيع خيانة


شعرت بألم في قلبي وأنا أشاهد فيديو لعدد من الطلاب الفلسطينيين وهم يهاجمون الدكتور سعد الدين إبراهيم الحقوقي المصري الشهير، ويهتفون ضده قائلين "التطبيع خيانة"، ويخرجون من المحاضرة التي ألقاها في جامعة تل أبيب في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بعد أن كال له الشباب الاتهامات بالخيانة والعمالة والتخلي عن القضية الفلسطينية، حتى إن أحدهم قال له إن مصر بريئة منك.

وأتوقف عند هذه الجملة كثيرا.. فهل كل المصريين يرفضون ما فعله سعد الدين إبراهيم، أم أن الموازين انقلبت وهناك من يرى ما فعله إبراهيم أمرا عابرا ولا يستحق كل هذه الضجة وكل هذا الهجوم.. ثم إن هناك تساؤلا آخر هو كيف رأى ذلك الشاب رؤية المصريين فيما فعله ذلك الحقوقي حتى من قبل أن يعلم المصريون بما حدث؟.. من أين جاءت له كل هذه الثقة فينا نحن المصريين؟.. تساؤل آخر لماذا رفض هؤلاء الشباب ما فعله إبراهيم رغم إنهم (هو ومن معه من الشباب الفلسطيني) يدرسون في تلك الجامعة؟.

دعونا إذًا نجيب عن تلك الأسئلة التي تجول في خاطر كل من يعرف تفاصيل ما جرى مساء الثاني من يناير الجاري في إحدى قاعات جامعة تل أبيب، فهذا المقال للإجابة عن تلك الأسئلة لا لطرحها..

ونبدأ من حيث انتهينا، فالطلبة الفلسطينيون الذين يدرسون في تلك الجامعات ليس لهم بديل عنها، وهو يقبعون تحت إدارة الاحتلال، بالرغم من رفضهم لوجوده من الأساس، وهذا ما يظهر دوما بمناسبة وبغير مناسبة، فهم صوت الحق في تلك الكيانات الباطلة القائمة على الأرض المحتلة، فلا يمكن أن يلومهم أحد على وجودهم في ذلك المكان بل يلام غيرهم، إذا توفر له البديل لكنه اختار وقرر بكامل إرادته أن يكون في ذلك المكان.

أما عن الشاب الذي هتف بأن مصر تتبرأ من ذلك الحقوقي وما فعله فهو على صواب كامل بل إنه أصاب عين الحقيقة، فمصر التي دفعت آلاف الشهداء دفاعا عن أرضها التي اغتصبها الكيان الصهيوني المحتل، لا يمكن أن تقبل ذهاب أحد أبنائها مطبعا بكامل إرادته رافعا راية الصداقة مع أعداء شعبه، الذين لم يتورعوا في حمل السلاح في وجهنا وهو مقيمون في أرضنا التي اغتصبوها، دون حياء.. دون كرامة.. دون أي ملمح من ملامح الإنسانية.. فكان عداؤنا لهم أقل رد ودليل على رفض كل مصري حر للتطبيع مع الاحتلال.

أما عن ثقة الشاب الفلسطيني في المصريين وأنهم يتبرؤون مما فعله سعد الدين إبراهيم – الحاصل على الجنسية الأمريكية – فهو محق تماما، فمصر لا يشرفها أن ينتمي إليها مثل ذلك الشخص، والذي سبق اتهامه في قضايا من بينها تلقي أموال من جهات ومنظمات خارجية وتشويه سمعة مصر، وأدين فيها وحكمت المحكمة بحبسه 7 سنوات، فهو ليس بالشخص القدوة في مصر، ولا يُخشى على المصريين منه، فالشعب المصري واعٍ ويعرف من يعمل لصالحه ومن يعمل ضده وضد الشعوب العربية الشقيقة.

التطبيع خيانة.. نعم هو خيانة بدون لف أو دوران.. بدون تلاعب بالمصطلحات، وهذا ليس له علاقة بالسلام القائم بين مصر وإسرائيل (دولة الاحتلال) فقد أقمنا معهم سلاما لحقن دماء العرب والمصريين، ولتحقيق الاستقرار واستكمال تحرير الأرض بالتفاوض حيث كنا وقتها قوة تستطيع التفاوض وإجبار العدو على الاستجابة، لكننا الآن لا نستطيع فعل ذلك لأن العدو يأمن قوتنا ويعرف أننا لن ندخل في حرب معه، في ظل الدفاع الأمريكي المستميت عن ذلك الكيان الاحتلالي الغاصب.

لهذا تعتبر الشعوب أنه لا فائدة من إمكانية الدخول في صراع مسلح نظامي مع الاحتلال، ومن هنا كان لابد أن يكون لها أشياء أخرى تعبر بها عن رفضها للاحتلال وللإجراءات التي يقوم بها في الأرض العربية المحتلة، لذا كان سلاح المقاطعة الشعبية أحد الحلول، ومن هذا المنطلق يغضب العرب من أي محاولة شعبية للتقارب مع ذلك الكيان الصهيوني، ومن هنا نرفض ويرفض كل العرب ما فعله سعد الدين إبراهيم، ونتبرأ كمصريين من زيارته لتل أبيب ومن تطبيعه معهم.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط