الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

من المسئول عن تزييف التاريخ ؟!


ما أسعدنى وبشدة أن كثيرا من شباب مصر لديه رؤية حقيقية يريد أن يعمل من خلالها لوضع أسس جديدة للتأريخ, دون تزييف أو احتيال أو دجل أو شعوذة.. ولقد استوقفنى هذا الأسبوع مجموعة من الشباب المثقف الذى يريد أن يسعى الى تصليح المعلومات المغلوطة فى التاريخ القديم والحديث يناشدنى بأن أتدخل لوضع حد لظاهرة تزييف التاريخ مستشهدين بأمثلة قديمة تؤكد أن كتبنا بها الكثير من الموروثات المغلوطة التى تربينا وترعرعنا عليها, ذلك لأن كُتاب التاريخ فى العهود القديمة كانوا يكتبون التاريخ على أهوائهم لدرجة أنه وصل إلينا مليئا بالنصب والاحتيال مما أدى الى ظهور حركات فكرية منحرفة في عصرنا الحاضر وأدى الى ظهور آراء مترتبة تسعى الى دمار الأمة بل دمار العالم .

ويجب أن نؤكد ان كتابة التاريخ بحلوه ومره , بإيجابياته وسلبياته , بقليله وكثيره , بالظاهر والباطن أمر يسعى اليه الجميع من المثقفين والعامة وما أكثر المثقفين فى بلادنا , فكل فرد فى بلادنا يمتلك مقومات تجعله مؤرخا وإن لم يمسك بيده القلم فى يوم من الأيام بل إن كل فرد فى بلادنا يستطيع أن يخط التاريخ بيده ويضع مفاهيم وثوابت ولكن الضمير الإنسانى هو من يحكم ومن يوجه , فالذين يمتلكون ضميرا يكتبون دون تزييف ومن لا يمتلك الضمير الإنسانى تجده أول المزيفين والمخربين الذين يسعون الى تحقيق الخيال لا الواقع ,لذا يجب أن نجمع المفكرين والباحثين والمحققين أصحاب الضمير لإعادة كتابة التاريخ وتصحيح انحرافه عن جادة الصواب وتصحيح مساره بعيدا عن التعصب السياسى والفكرى والدينى .

وما أسعدنى أكثر ان الشباب الذى فتح هذا الموضوع لإثارته مطلع بشكل جيد على نقاط الضعف والوهن والخديعة بين سطور التاريخ المكتوبة بالزيف والبطلان والخيال أكثر من الواقعية , ليس داخل مصر فقط ولا فى منطقة الشرق الأوسط , ولكن هذا الشباب مطلع على كل تزييف التاريخ فى كل دول العالم , فتزييف التاريخ ليس حكرا على العرب وحدهم وليست تهمة مفصلة للعرب فقط ولكن الغرب أنفسهم أكثر قدرة على تزييف التاريخ , ويجب أن أعترف والجميع معى أنه لم تخلُ دولة ولا حقبة زمنية من التزييف المتعمد لإثارة الشك وإيقاع الناس بالباطل وإحداث حالة من الهياج للرأى العام وتحسين الصورة لأشخاص على حساب آخرين وحكومات على حساب أخرى.

يجب أن نعترف أن كل وسائل الإعلام المحلية والعالمية وكل المتخصصين فى التاريخ وكل من يتصدى لكتابة التاريخ الحقيقى هم مسئولون أمام أنفسهم وضميرهم وأمام الناس وأمام التاريخ نفسه بقصد إيجاد المبرر الأخلاقي لهذا التزييف غير المبرر, ومن أجل تمرير أجندات معينة كما أن عمليات تزييف التاريخ وتزويره لن تنفعنا بل إنها تجعلنا نركض وراء سراب نحسبه ماء.

كما يجب أن نعترف أن التعليم بطريقة الحشو والحفظ والتلقين تؤكد أن كل معلومة ستصل للمتلقى دون إبداء الرأى أو التدقيق أو التمحيص سيكون لها بالغ الأثر السلبى فى تكوين عقيدة وتفكير مغاير للواقع الحقيقى الذى يجب دراسته بشكل جيد باعتبار أن دراسة الواقع عبارة عن معطيات للمتلقى فلو كانت المعطيات مغلوطة لأصبحت النتيجة مغلوطة وترتب عليها مصائب كارثية قد لا يتم تداركها فى وقتها أو فى المستقبل.

يا سادة .. إن خطورة تزييف التاريخ أشد ضررا على الأمة من أكبر ضرر , فحينما يُكتب التاريخ طبقًا للأهواء الشخصية تُمحى ذاكرة الأمة وسيكون الماضى ليس له علاقة بالكيانات الدولية أو الشخصية وبالتالى سيعيش العالم فى كدبة ليس لها آخر ولذلك حينما يجرد المؤرخون التاريخ من ثيابه المزيفة ويضعونه ضمن سياقاته الحقيقية يكونون قد انتزعوا من أصحاب المصالح ورقة رابحة لطالما لعبوا بها من أجل المصالح الشخصية أو العقائدية أو السياسية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط