أم النور

للسيدة العذراء مريم مكانة خاصة فى قلوب المصريين عامة، حيث كرمها القرآن وخصص لها سورة كاملة باسمها وهى سورة مريم، لا يمكنك التفريق بين الحضور فى موالدها وأعيادها داخل الكنائس فهى شفيعة المستحيلات، يأتيها الوجهاء والوزراء قبل البسطاء والفقراء يتشفعون بها ويشعلون شمعة أمام صورتها ..السائلين يقصدونها فى طلبات مختلفة منهم من يبغى الشفاء من مرض ومنهم من تطلب وظيفة لنجلها ومنهم عاقر تريد الحبل ومنهم محتاج أو محتاجة يبغون العون .

وكلمة مريم مأخوذة من اللغة العبرية وتعنى مرارة وهو اسم كان موجودا بين اليهود فى الماضى بينما أن السيدة العذراء لها عدة ألقاب وتشبيهات مختلفة معروفة بها مثل (السحابة وأم النور وسلم يعقوب وتابوت العهد وعصا هارون ولوحا الشريعة وقسط المن وباب المشرق والقبة الثانية وزينة النفوس وجبل الله الدسم وغيرها من الألقاب البديعة والتى توصف كل منها لطبيعتها.

وقد احتفلت الكنيسة الكاثوليكية على مدار الشهر الماضى بذكراها فيما يسمى (بالشهر المريمى) وهو شهر تتلى فيه الصلوات يوميا وتردد فيه الابتهالات ويبخر القساوسة أمام صور وأيقونات العذراء لنوال البركات ورفع الطلبات للسماء وبالتزامن مع هذا تحتفل الكنيسة الأرثوذكسية اليوم الخميس بالذكرى الخمسين أو اليوبيل الذهبى لظهور السيدة العذراء على قبة كنيستها بحى الزيتون وهى كنيسة أثرية عتيقة ,ظهرت بها للمرة الأولى العذراء عام 68 فى صورة نورانية مبهرة ووسط ذهول شديد من كافة الحاضرين باختلاف طوائفهم ومرجعياتهم وأديانهم كما تكرر ظهورها عام 86 فى كنيسة القديسة دميانة بشبرا مصر وفى 2009,2013,2015 بكنيسة الوراق .

العديد من الكنائس تحمل أسمها ولكن تبقى بعضها الأكثر جذبا للناس من غيرها مثل العذراء الأثرية بحى المطرية التى لازالت محتفظة بطبيعتها العتيقة وبها ما يشعرنا ويعيد الى اذهاننا روح العائلة المقدسة فى مصر عند هروبها مع السيد المسيح ويوسف النجار وتظل شجرة الجميز التى أستظلوا بها شاهدة على العصر وعروقها الشامخة ضاربة فى الأرض وأيضا كنيسة العذراء بمسطرد والتى تشاهدون بها البئر الذى شربت منه القديسة مريم والأوانى الفخارية التى كانت تستخدمها مع العائلة المقدسة ومتعلقات أخرى وهى الكنيسة التى تعج بالحاضرين والراغبين فى التبرك فى كل مولد أو مناسبة تخص العذراء ويوزعون بها قوارير مياه من البئر وأيقونات وصور تجسد تواجدها ورحلتها التى طالتها فيها ألوان من العناء كما نذكر أيضا دير العذراء بدرنكة فى محافظة أسيوط والذى يلقى سنويا آلاف الراغبين فى الزيارة وأخذ جولة به من المصريين عامة بخلاف السياح الأجانب من مختلف الدول .. كل تلك النماذج وأكثر تظل خالدة شاهدة على عظمة سيدة وصلت الى مرتبة القداسة حتى تكتمل رسالتها لتذكرها جميع الأجيال وتتخذ منها قدوة فى فضائلها من بساطة وطهارة ومحبة للجميع.