الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لحظة القرار


بعد أى انتخابات رئاسية ينتظر الشعب المحصول ولحظة حصاد اختياره للرئيس الجديد أو تجديد الثقة فى "السيد القديم"، ومرّ العالم بعدة سباقات رئاسية تنوعت نتائجها وتحليلاتها، وصار على القارئ أو المواطن العزيز فى كل دولة أن يفسر أول قرارات "سيادة الرئيس" ليتوقع بناء علي هذه اللحظة إما الأفضل .. أو الأسوأ.

وكان الرئيس المكسيكى المنتخب أندريس مانويل لوبيز أوبرادور، فى مقدمة اللاعبين المثيرين للفضول والرغبة فى استشراف أجواء هذه الدولة اللاتينية الغارقة فى العنف والفقر وموجات الهجرة على الحدود مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى ضوء هذا الواقع قرر الرئيس "اليسارى" إنهاء واردات بلاده الضخمة من الوقود، والتى تأتى كلها تقريبا من واشنطن خلال أول ٣ سنوات من رئاسته، معلنا الاعتماد الكامل مستقبلا على عمليات تكرير النفط فى الداخل، وتكثيف البحث والتنقيب عن آبار جديدة لتوفير نفط خام‪.‬

واتجهت بوصلة أوبرادور نحو قطاع المستثمرين فوقّع مع رجال الأعمال الأثرياء أول اتفاق لتوظيف الشباب واستيعاب الأيدى العاملة من خلال فرص عمل سريعة ومجزية تمتص طاقاتهم وتصرفهم عن التفكير فى الهجرة والرحيل عن وطنهم، وصولا إلى تبنيه أسلوبا مغايرا فى مكافحة الجرائم بتقليص فترة سجن المذنبين وفتح صفحة جديدة مع التائبين والنادمين منهم لإعادة إدماجهم فى المجتمع، ثم فرض قيود أشد على الأسلحة، ومنح تعويضات لبعض الضحايا.

وعاشت ألمانيا هذا العام تجديد ولاية المرأة الفولاذية أنجيلا ميركل للمرة الرابعة علي التوالى، ولم تقنع المستشارة المتخصصة فى الكيمياء الفيزيائية برصيدها الشعبى الضخم، وبادرت بقرار رئاسي يعزز من قوة دولة العلم، فعيّنت زميلة الدراسة وصديقة التفكير المشترك أنيت شافان وزيرة للتعليم والبحث العلمي، لتضع الأخيرة خطة "مبادرة التميز" القائمة على سلسلة من الجولات غَيَّرت شكل الجامعات الألمانية بصورة جوهرية، وتُوجت المبادرة بقوانين أتاحت للحكومة الفيدرالية تمويل الأبحاث العلمية في الجامعات بشكل مباشر، وتوفير أجور عالية لجذب أفضل العلماء، فضلا عن رفع ميزانية البحث العلمي سنويا وبشكل منتظم، وكلها معطيات كافية لتصعيد الجامعات الألمانية فى قوائم الترتيبات العالمية.

وأطلَّ علينا الرئيس الروسى فلاديمير بوتين فور احتفاظه بالسلطة بتقليل الإنفاق العسكرى والتركيز بالدرجة الأولى على حل القضايا الاجتماعية، مثل المعاشات التقاعدية، والطب، والتعليم، بينما ألغى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان في نظامه العثمانى الجديد منصب رئيس الوزراء، ليصبح من حقه فقط اختيار وزرائه، وإدارة شئونهم، وإقالة موظفي الدولة ذوي المناصب العليا، بدون العودة إلى البرلمان، انتهاء بتعيين صهره براءة البراق وزيرا للمالية بعد تبرئته - بالأمر - من الاتهامات الموجهة إليه بالفساد واستغلال النفوذ والتربح.

- في كل صورة جانب مضيء، وآخر مظلم .. والعاقل هو من ينظر إلي الأول ويقتدي به، ويتجاهل الثانى جزئيا وكليا .. وتبقي أمامنا حقيقة مؤكدة، وهى أن ما تم عرضه يعنى بالضرورة أن ثمة ملفات وقضايا وتحديات أكبر وزنا وأكثر إلحاحا من توسيع صلاحيات الحكم .. وشراء الولاءات بـ "حزمة" الامتيازات والحصانات منعا للتمرد والعصيان .. وتسخير البرلمان لـ "تفصيل" القوانين والدساتير على هوي السلطة مثلما كان يفعل من تُعلَق لهم المشانق ويُجلَدون الآن بالسياط.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط