الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يدرج الكونجرس الإخوان علي قوائم الإرهاب ..!!


قد يبدوا عنوان المقال عبارة عن استفسار في انتظار رد عليه، لكن الحقيقة أنني تعمدت طرح هذا السؤال علي المتابعين والمهتمين حول علاقة تنظيم الإخوان المسلمين بالعديد من المؤسسات السيادية وصناع القرار في أكثر من 88 دولة حول العالم منهم بالطبع إنجلترا التي تعتبر الملجأ الأول والملاذ الآمن لعناصر الجماعة الهاربة من بطش الحكام في دول عديدة كما تدعي الإدارة البريطانية التي كان لها الفضل الأول في التفاعل الجاد مع تنظيم الإخوان عن طريق مؤسس التنظيم حسن البناء في عام 1928م وكان أول تمويل تلقته الجماعة من الاحتلال البريطاني وكان مبلغ 14 ألف جنيه وهو مبلغ ضخم في ذلك الوقت،

كما نجحت الإخوان في التوغل داخل المؤسسات الأمريكية مع بداية العقد الأخير من القرن الماضي بعد تفكك الأمبروطورية السوفيتية مباشرة وكان هذا الأمر موضع اهتمام المراقبين في هذا التوقيت، حيث شهدت هذه الحقبة الزمنية غزو الكويت ثم تحريرها في 14من فبراير 1991م ثم نشاط ملحوظ وتحالفات مريبة بين الإخوان وأحزاب سياسية وكان أبرزها حزب العمل ثم الأحرار الاشتراكي ونجحت الجماعة أو الحزب في ذلك الوقت في الحصول علي عدد كبير من المقاعد وتم حل مجلس الشعب، ثم انتخابات المحليات التي لعبت الجماعة دورا بارزا فيها ولو كان هناك انتخابات حرة لشهدت اكتساح كبير من عناصر الإخوان او المرشحين عنهم وتم إعلان نتائج انتخابات المحليات بالتزكية لصالح الحزب الوطني، وخرجت كولدا ليزا رايس مع بداية الألفية الحالية لتعلن عن أن بلادها تسعي لتأسيس شرق أوسط جديد او شرق أو شرق أوسط واسع ومسميات عديدة ظهرت نتائجها مع بداية ثورات الربيع العربي والتي تحولت سريعا الي صفقة القرن التي ترفضها الآن المنطقة العربية خاصة مصر وفلسطين .

المقدمة السابقة كانت تمهيد لابد منه خاصة وأن الكونجرس الأمريكي فتح تحقيقات موسعة وناقشت لجنة الأمن القومي بالكونجرس خطر تنظيم الإخوان علي الأمن القومي في أمريكا مع توصيه بضرورة إدراج التنظيم على قوائم الإرهاب ويجب حظر نشاطه وتواجده داخل الولايات الأمريكية علي غرار ماحدث في مصر والسعودية والإمارات كما قال أعضاء بالكونجرس عن الحزب الجمهوري.
واستشهدت اللجنة بمشاهد من العنف الذي حدث في مصر وتفجير كنيسة طنطا والإسكندرية والعمليات الإرهابية التي حدثت في مصر خلال الفترة الماضية .

وقد شهد ملف الإخوان في الولايات المتحدة الأمريكية ومحاولات تصنيفها كجماعة إرهابية منذ دخول ترامب البيت الأبيض وتصنيفها على قوائم الإرهاب حالة من الجدل والصراع الداخلي في الإدارة الأمريكية بين الجمهوريين والديمقراطيين وسعي دائم من الرئيس الأمريكي لإدراج الجماعة على قوائم الإرهاب لأسباب تتعلق بالأمن القومي تارة وزيادة ابتزاز المنطقة العربية تارة آخري عن طريق استخدام مصطلح أطلقه ترامب نفسه مطالبا بضرورة حلب البقرة حتي يجف لبنها كما قال في تصريحات عديدة عن المنطقة العربية .

لكن الحقيقة أنني أري من خلال متابعتي الدقيقة لسير الأحداث بالمنطقة العربية وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية مع دول العالم ومنها منطقة الشرق الأوسط والمنطقة العربية التي تعتبر قلب الأحداث الملتهبة بالعالم كله، خاصة وأن التجارب كلها أثبتت ان السياسة الأمريكية تسير في اتجاه واحد وتنفذ مصطلح سياسي متعارف عليه " المصالح تتصالح " وبالتالي فأن مسألة إدراج الإخوان علي قائمة الإرهاب في أمريكا متوقف علي مدي احتياج السياسة الأمريكية للإخوان وان الولايات المتحدة الأمريكية كانت تعول علي الإخوان في لعب دور في المنطقة العربية منذ أوائل التسعينيات تقريبا عندما مدت لهم يد العون وساعدتهم وطرحتهم كبديل في المنطقة وتفاوضت معهم وجهزتهم وسمحت لمؤسستهم بان تعمل بحرية كاملة في أوربا وأمريكا وهو الأمر الذي أكده لي الدكتور كمال الهلباوي المتحدث الرسمي لتنظيم الإخوان في أوربا وأمريكا

في حوار كنت أجريته معه منذ عدة سنوات، وأن الغرب كان ينظر للتيارات الدينية والإخوان بصفة خاصة بان لهم رصيد جماهيري في الشارع لا يمكن إغفاله وأن الأنظمة التي تحكم في المنطقة العربية أنظمة استبدادية تحكم بقوة السلاح وأنه إذا حدثت انتخابات نزيهة أو ثورات فإن المرشح لتولي السلطة هو مرشح جماعة الإخوان ومن ثم وضعت الولايات المتحدة الأمريكية يدها في أيديهم عملا بمبدأ الدائم في السياسة الخارجية وهو ترك الأبواب مفتوحة مع الطرف القوي في المعارضة خاصة وان الولايات المتحدة الأمريكية تتعاون مع القوي الحاكمة في المنطقة حتي ولو كانت ظالمة ولكن ستبقي عينها علي الطرف القوي في المعارضة البديلة المرشحة وتتفاوض معها كما حدث بعد ثورة يناير مباشرة عندما فتحت المخابرات الأمريكية خطا أمام الجميع وساندت الإخوان بقوة بل دعمت تيارات أخري كي تكون ظهيرا للإخوان وقت الأزمات

مثل حزب النور السلفي الذي خرج عن الخط المألوف وارتدي عناصره جلباب قصير ولحية طويلة مرددين أن الدين هو السياسة والسياسة هي الدين رغم أنهم كانوا ينكرون هذا الأمر قبل ثورة يناير كانوا يرفضون العمل السياسي وينظرون علي ان الخروج علي الحكم كفر ورجز من عمل الشيطان، ولكن سبحان مغير الأحوال ويبدوا أن الأموال التي ضخت في خزائنهم كفيلة بان يتخلي هذه العناصر عن مبادئها وتبيع الدين بحفنة من الدولارات الملوثة برائحة المؤامرات كما كشفتها الحقائق فيما بعد .

في النهاية .. مخطئ من يعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية ستتخلي عن الإخوان بهذه السهولة وأنها ستقوم بإدراج التنظيم علي قوائم الإرهاب وان الحقيقة المجردة هي أن أمريكا إذا كانت تري أن الإخوان مازالوا يشكلون بديلا يمكن الاعتماد عليه أو يمكن توظيفهم في أعمال أخري تخدم سياستهم في المنطقة فان الكونجرس لن يوافق بإدراج الإخوان كجماعة إرهابية ولكن إذا أردك الأمريكان أن دور الإخوان قد انتهي وأنهم تحولوا من ميزة الي عبء علي السياسة الأمريكية وأن رصيدهم في الشارع انتهي وعودتهم إلي السلطة اصحب مستحيلا أو أنهم صاروا جماعة مندرجة في مشاريع عنف

تضر بالمصالح الأمريكية فإن الكونجرس لن يتواني لحظة واحدة عن أدارج هذه الجماعة علي قائمة الإرهاب، لأن السياسة الأمريكية تتلون وتتواجد أينما وجدت المصالح، وبالتالي فإن التشكيك في نوايا الولايات المتحدة الأمريكية في الموافقة علي مشروع إدراج جماعة الإخوان كتنظيم إرهابي أمر يجب وضعه في الحسبان وأن النوايا لن تكون خالصة ولكن كما قلت المصالح تتصالح، خاصة و أن وجهة نظر الإدارة الأمريكية الحالية للعرب غير مريحة علي الإطلاق وأن كل سعيها الآن للحصول علي استنزاف المنطقة العربية بكل الأشكال وإشعال الفتن وتهيئة الأجواء للكيان الصهيوني، وبالتالي فغنني أري أنه حتي ولو صدر قرار بوضع الإخوان علي قوائم الإرهاب في أمريكا فإن هذا القرار لن يكون ذات قيمة بل أنني أشك أن طرح مناقشة هذا الملف في هذا التوقيت ربما يكون خيط لجرجرة العرب علي الموافقة علي تنفيذ مخطط القدس وتهميش دور القضية الفلسطينية التي أصبحت تعيش أسوأ فتراتها منذ عام 1948م وأصبحت قضية علي هامش اهتمامات حكام المنطقة الذين انشغلوا بمشاكلهم الداخلية .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط