الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الموت المفاجئ.. أسبابه وآخر الأبحاث فيه


الموت المفاجئ موت غير متوقع ودون أي مقدمات أو أسباب واضحة، ولا تدخل ضمنه الحالات المفاجئة معروفة السبب كالانتحار والقتل والغرق وحوادث الطرق وغيرها. 
يمثل الموت المفاجئ نسبة 10% من مجمل حالات الموت الطبيعي، ويحدث للرجال أكثر من النساء.. 68% منه يحدث في البيوت، 21% في الأماكن العامة، و11% في دور المسنين. 
  
يحدث الموت المفاجئ في أي وضع، أثناء مباراة رياضية أو إلقاء محاضرة أو في الشارع أو أثناء الصلاة أو حتى على السرير في غرفة النوم.. في كل مرة نسمع بالخبر نتعجب ونتساءل كيف ولماذا: ونسأل الله حسن الخاتمة. 
  
ما يضاعف الحزن في حالات الموت المفاجئ أنه لا يترك فرصة لوصية أو توبة أو وداع محبين، ويحدث في أماكن قد يكون المحيطون فيها غرباء، والأسوأ إن كان لا يحمل بطاقة تعريف أو هوية، كما يمثل صدمة لذويه سترغم الكثير منهم على إعادة النظر في توقعاتهم ومسار حياتهم.

لكن ما الجديد في الموضوع وما الفائدة من الكتابة عن شىء غامض؟ الجديد أن العلم لا يعرف المستحيل، ولا يقر بحدوث شىء بلا سبب، وأن الموت المفاجىء حتمًا له أسباب، ومع تقدم الفحوصات ودقتها، سيأتي يوم لن يكون فيه شىء اسمه الموت المفاجىء !.

في الماضي وقبل تقدم الطب لم تكن أسباب الموت المفاجىء واضحة كما هي اليوم، وكان يتم لملمة الموضوع باتهام القلب وكفى، لكن مع تطور التقنيات الطبية ودقتها ظهرت تفاصيل كثيرة لم تكن معروفة من قبل وتم تحديد أكثر من 40 سببًا لهذا النوع من الموت، في القلب وخارج القلب، وإن كان للقلب النصيب الأكبر منها. 

لن نتطرق هنا إلى أسباب الموت المفاجئ الأربعين فليس هذا موضوع المقال، بل سنكتفي بسطور قليلة عنها كمعلومات مبسطة ومفيدة للقارئ.. الحالة الأبرز التي يصاب بها القلب وهي السبب الرئيسي للموت المفاجئ قبل سن الثلاثين وسقوط الرياضيين في الملاعب هي اعتلال عضلة القلب التوسعي، حيث تتضخم عضلة القلب إلى درجة تفقد قدرتها على ضخ الدم وترتجف وهو ما يعرف بـ "الرجفان البطيني" القاتل، وثبت أن في هذه الحالة عنصر وراثي، ولها علامات دالة في صورة دوخان لحظي وخلل في التنفس وضربات القلب وألم بالصدر قد يلاحظها الشخص أو المقربون منه خلال الشهر السابق للوفاة، كما يمكن رصدها.

وفي القلب أيضا مشاكل متعلقة بالشرايين التاجية التي تغذي جداره، فقد يكون فيها عيب خلقي لا يظهر إلا عند الضغط عليها جراء جهد عنيف، أو قد تنسد من تصلب أو جلطة، أو من زخم عصبي مفاجئ يقبض جدرانها ويعوق سريان الدم فلا يتلقى جدار القلب الدم الكافي والأوكسجين فيتوقف عن العمل.. سبب آخر هو شذوذ في الدائرة الكهربائية للقلب، إذ إن في القلب عقد ناظمة وضفائر كهربية قد يتعطل فرع رئيسي أو عقدة منها وبالتالي يتوقف البطين (ما يعرف بالصمت البطيني).

أغلب علل القلب المسببة للموت المفاجئ يمكن اكتشافها بسهولة بالفحص الجموعي الدوري، والمحظوظ من تكتشف عنده بالصدفة لآن علاجاتها متوفرة إما بالأدوية او جراحيا أو بزرع جهاز تنظيم ضربات القلب.

سبب آخر للموت المفاجئ قريب من القلب هو انفجار وعاء دموي كبير كالأورطي نتيجة تسلخ تشريحي تمددي يشق جداره، وفي داخل الصدر أيضا قد يحدث انسداد للشريان الرئوي بجلطة متحركة من مكان آخر في الجسم توقف الدورة الرئوية وبالتالي توقف عمل القلب في الحال. 

وشرايين المخ أحد أسباب الموت المفاجئ أيضا، فقد ينفجر شريان متصلب أو منتفخ متأثرًا بارتفاع ضغط الدم، وهذا الخلل يمكن اكتشافه كذلك.. الأوعية المنتفخة في المخ يمكن رؤيتها بالأشعة الملونة ثم استئصالها جراحيًا، وعلاج ضغط الدم وتصلب الشرايين متوفر. 
  
في الموت المفاجئ احتمالان: إما أن الشخص لم ينتبه إلى العلامات الدالة على نوع الخلل المسبب للموت عنده، أو كان عليه إجراء فحوص دورية ضرورية دقيقة ولم يفعل.

خلاصة القول أن الموت المفاجئ له أسباب محددة ويمكن منعه بالفعل باكتشاف العلة مسبقا، أو من خلال علاماتها الدالة وهي بمثابة تحذير لصاحبها، ثم تكثيف المراقبة على الأشخاص "المهددين".

أساس المشكلة أن أي شخص يشعر أنه "طبيعي" لا يفكر في إجراء فحوص، مع أنه في الحقيقة "غير طبيعي" ولا يدري، كما أن العلامات الدالة تحتاج إلى توعية وثقافة عالية، ومن جهة أخرى، لا يمكن دفع كل الناس لإجراء فحوص، لذا يفكر العلماء في تطوير أجهزة فحص ومسح تشبه بوابات الأمن يعبرها الناس، ليس لغرض اكتشاف متفجرات أو أسلحة بالطبع، بل لقراءة أجسامهم طبيًا والتقاط أي خلل في أي مكان منها في الحال.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط