الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

زين شحاتة يكتب: أين وفاء الشعب من وفاء النيل ؟

صدى البلد

فى النصف الثانى من شهر أغسطس كل عام تحتفل مصر بعيد وفاء النيل ، تخليدًا لوفاء وفيض و إحسان النهر الخالد الذى أنعم الله به على مصر وشعبها و جعله أحد أسباب عظمتها وقوتها ، ويرجع اهتمام المصريين بالنيل منذ القدم فقد رأى المصرى القديم فى معتقداته أن المواطن بعد البعث من الموت يُسأل عن النهر وماذا فعل من أجله ، فالنيل صاحب البصمة الوراثية المصرية وهو الأب الذى يمنح أولاده الخير دون أن ينظر إلى سلوكهم وأخلاقهم وإنتمائتهم ، ولمن أراد أن يذكر الشعب المصرى بهويته الحقيقية فليذكره بالنيل الذى يروى الوحدة الوطنية فلم يعرف قط مسلم أو مسيحيى وصاحب تيار فكرى وآخر بل يهب للناس الخير دون تفرقة وحتى الغريب يستقبله ويضايفه .

وفى يوم وفاء النيل لا يمكننا العبور دون التوقف عند نظرة الأخرين للنيل ، ولعل رؤية العدو للنيل على أنه مصدر قوة مصر كقول "هيتون" لقومه لقومه ( تربصوا لمصر وقت إمتناع النيل عن الفيضان حين تغيب قوتها ، وتستحيل ضعفها ، فيكون مقتلها ) دليل على مكانته وقدره ، بالأضافة إلى قول "هيردوت" الذى إرتبطت شهرته بمقولته الخالدة ( مصر هبة النيل) ، وقول "الكندى" عنه (أشرف أنهار العالم) ، ووصف "أبن خلدون" لمصر بأنها ( بستان الدنيا ) ، وقول عبد الله بن عمرو (من أراد أن ينظر إلى شبة الجنة فلينظر إلى مصر إذا أزهرت و أطردت أنهارها وتهذبت ثمارها وفاض بحرها) ، وغيرهم ممن زاروا وعشقوا مصر ونيلها الخالد دليل على عظمة مصر المستمدة من عظمة نيلها .

وبالنظر إلى سد النهضة الذى إعتاد البعض اللعب على مشاعر المصريين بدعوى خطر سد النهضة ، فأننى أنظر إلى سد النهضة بنظرة تفاؤلية ليس مجاملة بل يقين بأن الله يكتب الخير دائمًا و أن ظهر لنا على أنه شر ، فمن مزايا سد النهضة أنه أعاد تذكرة المصريين بالنيل و أهميته وأنه شريان الحياة الأوحد للشعب المصرى ، و أعاد إصطفاف المصريين خلف مؤسساتهم التى تتفاوض على سد النهضة و آثاره على المدى البعيد والقريب ، وكذلك أحث المصريين على ضرورة الترشيد فى إستخدام الماء أسوة بسنة نبينا الخاتم صلى الله عليه وسلم بقوله ( لا تسرفوا فى الماء ولو كنتم على نهر جارى) ، تأكيدًا على حق الأجيال القادمة فى الماء فحصة مصر من مياه النيل دون سد النهضة هى كمية ضعيفة مقارنة بالسكان و الإستهلاك تصل بنا إلى ما دون حد الفقر المائى .

كم تمنيت أن يحظى الإحتفال بيوم وفاء النيل إهتمام أكبر من الدوائر الرسمية ذات الصلة للتأكيد على أهمية النيل فى حياة الشعب المصرى ، ليدرك الشعب قيمة وعظمة النهر ، فالإحتفالات بيوم النيل تظل محدودة ، فالنيل الذى يصل إلى مصر بعد سباق حواجز وعقبات يتخطاها بمهارة وإصرار ليهب لنا الحياة يستحق منا الكثير ، ولعل الإحتفال المناسب للنيل سيزيد من ثقافة الترشيد بالأضافة إلى ثقافة المحافظة على النهر و المعاملة الحسنة له ستكون سبب فى توقف البعض عن إهانته وتلويثه و الإعتداء عليه بفاعلية أكثر من القوانيين التى تعاقب الجانى و لا تعيد إلى المجنى عليه كرامته التى أنتهكت.

فالنيل علينا حقوق كثيرة ينتظرنا أنا نردها إليه فى يوم الإحتفال بوفائه فمن حقه وفاء الشعب الذى منحه الحياة ، فلاحياة لمصر بدون النيل وبالنيل ستحيا مصر .