الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هل يتساوى المعزون!!


التقيت بها فى عزاء قريب زميل لنا من أيام كليتنا الحبيبة وجلست بجوارى ومالت على أذني وقالت: هل حضرتى عزاء لصاحب منصب وعزاء لمن زال منصبه ؟ فتخيلتها تحاول أن تحول موقفنا الحزين على ألم صديقنا إلى موقف فيه شىء من البهجة تبعدنا عن النواح والعويل الذى نسمعه من أقارب المتوفى، فنظرت إليها مندهشة فإذا بها تستكمل الحوار، وهي تبكي وقالت كل من جاء هذا العزاء قليل منهم من جاء لشخص صاحب العزاء والأكثرية جاءت لمنصبه فلو زال عنه منصبه لن يأتى كل هذا الكم.

فالكل جاء لكي يجامل ويحظى بكلمة أو تصريح يطلقه فى وسائل الإعلام يشيد به ويهلل ويمجد فى صاحب السلطان حتى ينال من الحب والمال والسلطة قدرا ونصيبا.

وقبل أن أتحدث إليها وارد عليها قالت لى بحكم عملى فى الميديا وبحكم قربى من شخصيات مرموقة في مرحلة ما منسية وفى مراحل أخرى مذكورة أستطيع أن أؤكد لكى ومن خلال تجربتى أنني، كلما سمعت عن عزاء أجرى إليه لكى أشاهد وأقارن المكان مع اختلاف الزمن والمنصب وتأكد لى شىء جوهرى وهو أن المعزين كثر إذا كان صاحب العزاء ذو منصب أو جاه أو سلطان، ويقل المعزون إذا نزعت صفة من صاحب العزاء ؛ بل إن الغريب والمحير أنه إذا مات له أحد وهو فى منصبه يتوافد الآلاف إليه وعليه، معزون مجاملون طالبين له الثبات والعزم، وعلى خلاف ذلك إذا زال عنه منصبه وسلطانه تجدى ان المعزين يتضاءلون إن لم يختفوا من الأساس.

وصمتت وهلة وقالت نحن نعيش عالم النفاق والمنافقين، فأنا كانوا يعتبرونني ابنة الإعلامية الراحلة السيدة آمال فهمى لأنها صاحبة فضل على وادين لها بانها كانت السبب الأعظم فى دخولى مبنى ماسبيرو وعملى به حتى هذه اللحظة، عشت عمرا أشاهد عن قرب هذه العملاقة وكم من يتباركون بمجرد سلامها عليهم إن لم يكن تلويحها لهم من بعد ، وعندما توفاها الله لم يشارك فى عزائها أكثر من عدد أصابع اليدين فهل لو كانت ذات سلطان كما كانت كان سيصبح المعزون كما كان عددهم ؟ واستكملت وهى تبكى وليست هى فقط من لمست فى عزاءها ذلك التضاؤل فى حال غياب المنصب والسلطان بل شاهدته بعين رأسى فى وزراء ومحافظين وإعلاميين بل وحتى الفنانين ، نحن ياصديقتى نودع على حسب قدر الراحل ومن من نسله غير ذلك لن تجديه إلا فى المجتمعات الفقيرة والأرياف فهم يعزون لانهم يعرفون الأصول دون أي اعتبارات اخرى كما انهم يعزون لطمعهم فى نيل ثواب الآخرة ورضا الخالق.. 

وصمتت وتركتنى التفت يمينا ويسارا لأراقب الأشخاص المعزون واتساءل بينى وبين نفسى ماذا سيفعل الناس حين موتى ؟ وازدادت حيرة واقول لنفسى هل ينبغى أن اكون ذات سلطان أو أموال ليتوافد المعزون إلى شادر موتى ويعزون ابنى فى ؟ وازداد خوفا وهلعا فأطلب من ربى أن يسخر لى من يشيعنى الى مثوايا الاخير محبا لى فى الله ولله لأفيق من حيرتى على صوت أحد الأشخاص وهو يقول لصاحب العزاء ياريس وزير الأوقاف يترجل من سيارته تعالى بسرعة لنستقبله !!!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط