الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: واهم من ظن أن التغيير هو الإصلاح !

صدى البلد

صدق "فرانتز فانو" ذلك الفيلسوف الاجتماعي والطبيب النفسي الفرنسي، الذي عرف بنضاله من أجل الحرية وضد التمييز والعنصرية، في فكره عن التغيير والإصلاح حينما قال "إنهم يدركون أخيرًا أن التغيير لا يعني الإصلاح، أن التغيير لا يعني الذهاب إلى الأحسَن"!!

فبعد مرور سنوات منذ بدء صحوة الشعوب العربية التي فاجأت العالم وأذهلت الجميع وعرفت بـ "ثورات الربيع العربي" من أجل المطالبة بالتغيير، وبالفعل قد حدث تغيير ولكنه تمثل قي تغيير رؤساء وحكام فسقطت أنظمة وتعالت أخري ومؤامرات وخطط وتخريب وعملاء وكل تلك أدوات وأساليب التوصيف، اكتشفنا مؤخرا أن التغيير الذي بسببه انقلبت الدول فيها الأمور رأسا علي عقب لم تخرج علينا بكامل الإصلاحات، وإن كان الإصلاح نسبيا من بلد لآخر علي حسب ظروف وطبيعة ونظم حكم كل دولة وأيضا طبيعة شعوبها الذي مما لاشك فيه انهم يشاركون وبقوة في إحداث الإصلاح، ومعنى الإصلاح هو أن تتم عملية بناء وتغيير كاملة في كافة المجتمعات، فنري جميع الثورات التي قامت في كل الدول لن ينتج عنها إصلاح حقيقي بل علي العكس رأينا الوضع يزداد سوءا، وعليه يجب ان يعلم المعذبون في الأرض العربية أن التغيير قد لا يعني الإصلاح كما كانوا يسعون ويحلمون، أو بالقطع ذهاب الأمور إلى الأفضل، وكما يقول نابليون بونابرت في فكره عن الثورات، " أن للثورة نوعين من الناس، من يقومون بالثورة و من يستفيدون منها".

فحصيلة ما تمخضت عنه أحداث السنوات الماضية خلق العديد من غير المتفائلين بالحراك العربي الذي مضى عليه سنوات وبسببه ساءت الأمور أكثر مما كان يتوقعون وخير دليل ما وصل إليه بعد الدول كسوريا وليبيا ولم يسلم الآخرون من المؤامرات والتخريب، مما جعل الكثيرين يبكون ندما علي أنظمة الحكام السابقين وإن كان الواقع وقتها ليس بالنعيم ولكن ليس أسوأ مما وصلنا إليه، ذلك غير الخطط التدميرية الممنهجة والمعداة سلفا منذ قديم الزمان للقضاء علي مستقبل الشرق الأوسط ومن ثم السيطرة عليه، فقد اعجبني ما قيل عن الثورات العربية: "أي ثورة عربية بدون حركة علمية وتنويرية مرافقة لن تكون سوى انفجار عصبي تتنفس به الأمة عن كبتها الطويل بدون تغيير الواقع" لعبد الواحد مفتاح!!

وفكرة الإصلاح هو "شيء يشبه ترتيب غرفة الجلوس قبل إقامتك لحفلة ما، وأنت تعلم أن الغرفة سوف تبدو في غضون ساعتين مثل الكارثة، لكنك تفعل ذلك، علي الرغم من ذلك..!!

فالحصيلة ليست مرضية، والأمور معقدة الي حد كبير التي تشبه فيه الكرة التي سددت في عرض الحائط ولم تحرز أهدافا بل وردت إلي صدر اللاعب ليختل اتزانه ومستوي ثباته وربما تدفعه ليسقط ارضا!!

ومن أبرز التحديات التي يمكن أن تحد من حركة الإصلاح العوامل السياسية التي تشكل عقبة في طريق الإصلاح والمتمثلة سواء في قوة أو ضعف الإرادة السياسية في إحداث بعض التغييرات السياسية الهامة، وغياب المؤسسات الدستورية أو ضعفها وفقدانها سلطات التشريع والمراقبة أو اتخاذ القرار دورا هاما مع ضعف وغياب مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ونقابات واتحادات وجمعيات ومجلس أمة يعبر عن أفراد الشعب، وتدني نسبة المشاركة السياسية لدى الجماهير، كما يلعب عدم الإستقرار السياسي والتطرف والفوضى والإرهاب والحروب الأهلية العامل الأكبر نحو إعاقة الإصلاح، وللعوامل الثقافية دورًا بارزًا ومؤثرًا على الإصلاح السياسي اما بدفع مسيرته إلى الأمام أو بوقف وإعاقة عملية الإصلاح، ذلك غير أن تركيبة المجتمع ومؤسساته وقيمه وأنماط سلوكه، لها دور مباشر في التأثير على الإصلاح سلبًا أو إيجابًا.

كما يعتبر الدين من العوامل التي قد تقف عقبة في طريق الإصلاح، والأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها معظم الشعوب العربية وبالتالي هذه الأسباب تحول دون تحقيق الإصلاح المطلوب.

فالإصلاح يحتاج الى شعب يمتلك الوعي السياسي والاجتماعي الصحيح ولكن الكثير من المجتمعات تفتقد للوعي نهائيا، والاصلاح السياسي يحتاج الى إرادة وعمل يرافق هذه الإرادة أس إصلاح وبشكل علمي جدي وليس بشكل عاطفي وإلا تكون العملية مبتورة!! كما يحتاج الي أفكار واضحة التنفيذ تنفذها القيادات في مختلف المجالات وعلي رأسهم إصلاح الإقتصاد، فاقتصاد اي دولة هو القادر علي قيادة الدولة الي التقدم والنهوض بها أو العكس.

وفي النهاية ... المواطن يحتاج إلى تغيير بالمعني الصحيح للإصلاح أو قريب بعض الشيء بمعني ان يسير بمبدأ "خير الأمور الوسط"، يريد رؤية أموره وهي تذهب إلى الأحسن ويري مردود اليوم مقابل ما عاني فيه بالبارحة ! والسلطة تختلف أمورها من بلد لآخر باختلاف الأمكنة والاشتراطات الظرفية والإمكانيات،
وأيضا طبيعة شعوبها كما ذكرنا، والتي منها من تري أن الإصلاح يحتاج أيضا الي بضعة سنوات أخرى حتي يكتمل نصابه وان الشعب عليه أن يتحمل فعلته وكأنها عقاب من السماء، وما بين هذا وذاك مازال هناك العديد من الأحلام التي لم تتحقق ويحلم ان تخطو أولى خطواتها في الواقع، ولكن الحقيقة المؤسفة "واهم من ظن أن التغيير يعني الإصلاح" إذا لم تتواجد شروط الإصلاح، وفي نفس الوقت نقول: " ان الصبر مفتاح الفرج" فجميعنا يطمع في ذلك الفرج الذي يغير مجري الأمور الي الأفضل ومن تجربة الإصلاح السياسي في العالم الأوربي نتعلم أن التغيير لابد أن يشمل المسؤولين عن آثار التردي والفساد واستبدالهم بآخرين وخبرات جديدة حديثة حتي يتولوا عملية رسم آفاق جديدة لإصلاح ما فسد أو ما أفسده غيرهم، ولعل بإرادة الشعوب وإدارة القيادات وتوحد الصفوف تتحسن الأوضاع أو ينقذ ما تبقي من أشياء، ويتابع المجتمع مسيرته نحو الأفضل، لعل وعسى أن يكون .