الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. نورهان أحمد تكتب: انتخابات الكونجرس ومستقبل الاتفاق النووي

صدى البلد

كثير من المباني الأمريكية كمبنى " الكابيتول" "الكونجرس الأمريكي" والقبة البيضاء" البيت الأبيض" من يحدد مصير إيران عبر التصديق على قرارات من شأنها مواجهة التدخل الإيراني في الشئون الإقليمية والعقوبات الأمريكية على إيران خير مثال علي هذا. وهذا متوارد في ذهن أغلب الإيرانيين بأن من يحدد مصيرها هي وزارة الخارجية الأمريكية والرئيس الأمريكي فهم صانعي القرارات النهائية المتعلقة بإيران. وبالفعل دخلت العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ وشهر نوفمبر سيشهد عقوبات " المرحلة الثانية"على العصب الاقتصادي الإيراني ألا وهو " النفط" .

يأتي شهر نوفمبر ويحمل في طياته الكثير من الأحداث, كما يحمل الكثير من الاسئلة ولم يقدم كثير من الاجابات أو حتي التوقعات. فيتزامن دخول المرحلة الثانية من العقوبات الامريكية علي إيران في نوفمبر, أعلان مولر نتائج التحقيق الخاص بتدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية, فضلًا عن الانتخابات النصفية في الكونجرس الأمريكي.

سبق وقد تحدثتنا عن آمال الإيرانيون فيما يتعلق بفوز الديمقراطيين في الانتخابات النصفية بالكونجرس, وأن احتمالات استجواب ترامب في البرلمان ستكون أقرب من أي وقت مضى في حال فوز الديمقراطيين.

لكننا حتى الآن لم نعرف لحسن الحظ أم لسوء الحظ, أن يتزامن دخول المرحلة الثانية من العقوبات الموقعة علي ايران مع الانتخابات النصفية بالكونجرس. فالساسه الإيرانيون, ومع اقتراب الانتخابات النصفية ـــ والتي هي بمثابة سلطة تشريعية في الهيكل الأمريكي السياسي ــــ يزداد لديهم أمل بفوز الديمقراطيين بإعتبارها فرصة لإنقاذ الاتفاقية النووية ولاستجواب ترامب كما سبق القول.

ولكن بعيدًا عن أي تحيز سياسي, دعونا نتأمل ونحلل هل بالفعل توجد امكانية لسلطة الكونجرس الأمريكي في الانتخابات القادمة وللديمقراطيين ــــ في حالة الفوز ـــ لتأييد عودة واشنطن مرة أخرى للاتفاقية النووية, هل يتعين ذلك؟.

والأجابة علي هذا السؤال يأتي في جملة " الديمقراطيين وفيتو ترامب".

بمعني, في الواقع ووفقًا للشروط القانونية, فأن في حالة الرغبة بالعمل مرة أخري بالاتفاقية النووية, فينبغي طرح هذه الرغبة من قبل أحد نواب أحد فرعي الكونجرس الامريكي" مجلس النواب ومجلس الشيوخ الامريكي " المجلس الاعلي" شريطة عدم العبء المالي لمشروع القانون المُطرح.وإذا وافق الأغلبية يصدق مجلس الشيوخ علي هذا.

لكن في هذه الحالة, علينا ألا نغفل قدرة الرئيس الأمريكي" ترامب" علي استخدام حق " الفيتو" تجاه تصديقات الكونجرس الأمريكي, فعندما يستخدم الرئيس الامريكي حق الفيتو تجاه أى مشروع قانون, بإمكان الكونجرس بدوره تجاوز مثل هذا الأعتراض وهذا يتطلب تصويت ثلثي أعضاء كلًا من مجلس النواب ومجلس الشيوخ, وإذا فشل أى منهما " مجلس النواب أوالشيوخ" في تحقيق الاغلبية لصالح مشروع القانون المُطرح, يموت هذا المشروع.

ولنا في معاهدة " فرساي" خير دليل.حيث رفض مجلس الشيوخ التصديق علي معاهدة فرساي بعد الحرب العالمية الأولي, وهي التي أبقت الولايات المتحدة خارج عصبة الأمم.

ومن الشواهد أيضا علي هذا, " جاستا" أى قانون العدالة ضد رعاة الأرهاب", حيث عطل أوباما هذا القانون باستخدامه لحق " الفيتو".

أما فيما يتعلق بفرصة الديمقراطيين في تغيير هذه المعادلة ليست بقليلة, لكن في نفس الوقت ليس بإمكانها كبح جماح ترامب. فهذه الانتخابات " النصفية" هي استفتاء علي رئاسة ترامب, ومحاولتهم للفوز ماهي إلا محاولة لإقالته,علي الرغم من المذكرة الصادرة عن المكتب الاستشاري لوزارة العدل الأمريكية 1973 والتي تنص علي عدم امكانية أن يكون رئيس الجمهورية الامريكي ــــ خلال فترة ولايته ــــ عرضه للاتهام والمحاكم الجنائية, وتم نشر هذه المذكرة أيضا في عام 2000.

وبالفعل بعض التكهنات تشير إلي فوز الديمقراطيين وهو ما يثير صداعًا لترامب وصولاُ إلي آقالته. فالديمقراطيون يحتاجون إلي اكثر من الاغلبية كنسبة " 50 % +1" لإقالته, حيث أنهم يسيطرون علي 49 مقعدًا واجراءات عزله تستكمل ب 67 مقعدًا, وفي حالة عدم اكتمال المطلوب من الأصوات في مجلس الشيوخ لا يجوز عزل الرئيس وهو ما استفاد منه " بيل كلينتون وجونسون".

حتي في حالة عزل ترامب, فربما تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن الإيرانية, فوفقًا لنص الدستور ففي حال عزل الرئيس من منصبه، أو وفاته، أو استقالته، أو عجزه عن القيام بسلطات ومهام المنصب المذكور، يؤول المنصب إلى نائبه وهو " مايك بينس" وهو أشد علي ايران من ترامب. وبهذا تصبح إيران قاب قوسين أو أدني من العقوبات. 

لكن هذا ليس آخر المطاف, فتوجد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الامريكية 2020, وهي التي تحدد هل سيكمل ترامب في البيت الأبيض ام لا؟.

ومن منظور آخر, يتضح لنا علاقة نجاح إيران في البقاء في سوريا بما يدورفي الانتخابات النصفية وما سيترتب علي هذه الانتخابات من فوز الديمقراطيين أو الجمهوريين وهو بالطبع سيترتب عليه معرفة مدى احتمالية فوز أو حتى خسارة ترامب في الانتخابات, بمعني إذا تمكنت ايران علي الحفاظ علي دورها في سوريا والبقاء فيها فهذا يعزز موقفها خاصة في حالة انحصار الدور الامريكي في سوريا والذي بات واضحًا بعد سيطرة الدب الروسي علي القرار في سوريا وينقص من احتمالية فوز ترامب, لكن في حالة عدم امكانية ايران الحفاظ علي وجودها وهزيمتها في سوريا يعزز من الدور الأمريكي " وفق تقسيم النفوذ الروسي الامريكي في سوريا" ويعمل علي فوز ترامب وفي هذه الحالة لم يتبقي لإيران سوي أن تتجرع كأس السم مثلما قالها "دينيس روس".

فالأيام القادمة حبلى بالمفاجآت والأحداث والتوقعات أيضًا, وتزداد هذه التكهنات مع وجود ترامب, فقواعد السياسة العالمية لا تنطبق علي مثل هذا الرئيس .