الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إنه "رجل الحرب والسلام" يا سادة


"عاهدت الله وعاهدتكم على أن نثبت للعالم أن نكسة ١٩٦٧ كانت استثناء في تاريخنا وليست قاعدة، عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامه إلى جيل سوف يجيء بعده منكسة أو ذليلة، وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها قد تكون مخضبة بالدماء، لكننا ظللنا نحتفظ برؤوسنا عالية في السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة".. من خطاب الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" والذي سُمي بـ"خطاب النصر" في افتتاح الدورة الاستثنائية لمجلس الشعب في أكتوبر عام ١٩٧٣ عندما عرض تفاصيل الحرب بيننا وبين إسرائيل. 

فلا زال عالقًا في الأذهان سيرة البطل الراحل السادات، بمجرد مجيء ذكري نصر السادس من أكتوبر، بل إنهما شيئان لن ينفصلان عن بعضهما البعض، نعم أنه "رجل الحرب والسلام" من فاجأ العالم بحرب من أعظم حروب القرن العشرين، من صنع النصر وأعاد الحياة والروح للجيش بعد نكسة 1967 فأعاد النصر والسلاح والقوة والحياة للبلاد بعد ثلاث سنوات من حكمه، خلص سيناء من أيدي الاحتلال الخسيس، وأعاد الحياة لقناة السويس من جديد، ولن يكتفي بذلك فقط فكان أول من صفع الإسرائيليين علي وجوههم في غفلة لم يصحُ منها إلا بعد فترة عندما اتخذ قرار السلام "اتفاقية كامب ديفيد" فى حدث أذهل العالم، "المعلم" الذي أنهي حالة الحرب وانسحاب إسرائيل من سيناء وفرض السيادة الكاملة عليها بعد عودتها بتلك المعاهدة، وضمان عبور السفن الإسرائيلية قناة السويس، واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية، اتفاقية أثارت جدلا ربما، لكنها أنهت الحروب التى تركها وراءه ليبدأ مرحلة من البناء والتعمير، وحتي من لام عليه وقتها من الأشقاء وأغضبتهم الاتفاقية منهم من هرول بعد عده سنوات ليمشي علي نهج السادات للحاق بالسلام.

إنه الرئيس محمد أنور السادات وُلد فى 25 ديسمبر سنة 1918 بقرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية، وقد تتلمذ وتلقي تعليمه في كتاب قريته، ثم بعدها انتقل إلي مدرسة الأقباط الإبتدائية بطوخ دلكا وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1935، ثم التحق بالمدرسة الحربية لاستكمال دراساته العليا وتخرج منها في عام 1938 ضابطًا برتبة ملازم ثاني، واعتقله البريطانيون عام 1942، إلا أنه تمكن من الفرار بعد عامين من اعتقاله، واعتقل ثانية عام 1946 ولكن هذه المرة كانت إثر اتهامه في مقتل الوزير أمين عثمان الموالي للبريطانيين، ولكن تم تبرئته من هذه التهمة، وعلي الفور انضم بعد إلى حركة الضباط الأحرار بعد إطلاق سراحه، تلك الحركة التي تزعمها جمال عبد الناصر وشارك فيها عام 1952 ضد حكم الملكية، وبعد مرور أربع سنوات على إسقاطها ساند السادات جمال عبد الناصر في التربع على كرسي رئاسة البلاد بعد تحويلها إلي جمهورية، وشغل عدة مناصب ليصبح في نهاية المطاف نائبًا لعبدالناصر، ومن ثم بعد وفاته أصبح السادات رئيسًا للبلاد الذي كانت أهم إنجازاته والتي ستخلد لآخر الزمان شن حرب اكتوبر 73 على إسرائيل، وإبرام اتفاقية السلام، وحصوله علي جائزة نوبل للسلام عام 1978.

وقد تأثر السادات فى حياته بعددًا من الشخصيات التي اثرت إيجابيًا في تكوين شخصيته ومن ثم رسم معالم اماله وطموحه فكانت سببًا في ان يتجاوز المهام والمصاعب التي واجهته وعلي رأسها توليه رئاسة البلاد في ظروف صعبة وعصيبة، خلفًا للرئيس جمال عبد الناصر بعد وفاته، وكان أول قرار اتخذه بخصوص القضاء علي مراكز القوي في مصر ما عرف "بثورة التصحيح" في مايو 1971 وبعدها علي الفور أصدر دستورًا جديدًا، وكانت دوما معركته التنمية، وكيف يعيد انتعاش الاقتصاد الذي توقف فَطَهِّر القناة وافتتحها بنفسه إلا إن شاء القدر أن يغتاله الأندال فى يوم احتفاله بنصره، وفى ذات الساعة التى عبرت قواته القناة، انهالت عليه رصاصات الغدر والخساسة، لتنتهي حياته علي يد خالد الإسلامبولي واعوانه في مشهد مأساوي سمي ب "حادث المنصة" أو عملية الجهاد الكبرى أثناء العرض العسكري الذي أقيم بمدينة نصر في 6 أكتوبر 1981 احتفالًا بانتصارات أكتوبر المجيدة، ليرحل شهيدا بعد أن عاش بطلا.

أحد عشر عامًا فاصلة ومحورية فى تاريخ مصر قضاها البطل محمد أنور السادات الذي كان يتمتع بالفكر السياسي والاستراتيجي الصحيح أثناء حرب أكتوبر ولولاه لظلت مصر فترات وفترات في أيدي الاحتلال، إلا بعمل خطة محكمة أنهت الحرب في ست ساعات فكانت خير دليل على قوة الجيش المصري برغم ضعف الأسلحة، وعلي أن قائد المعركة قد وفق في اختيار التوقيت الذي لا يخطر علي بال الصهاينة في ذلك الوقت في تمام الساعة 2 ظهرًا الموافق التاسع من شهر رمضان الكريم والجنود والنَّاس صيام، في وقتٍ صعب لم يتخيله العدو ولكن كانت مشيئة الخالق ان ينصر عبده وقد كان.

ولمن لا يعرف حرب اكتوبر، حرب العزة والكرامة، الحرب التي خلفت قبلها حروبًا لم يشاء القدر فيها التوفيق منها حرب 48 و 56 و 67 وهي الأسباب التي من اجلها خاض السادات حرب اكتوبر لاسترداد ارض الفيروز التي كانت محتلة من جانب إسرائيل، فدخلنا حربًا وكنا نمتلك أسلحة تم استخدامها في الحرب العالمية الثانية وفِي المقابل العدو يمتلك أحدث الأسلحة والاعداد، فكان الجندي المصري يستخدم مدفع صغير والعدو يستخدم دبابة وصواريخ، ومن أهم مميزات حرب اكتوبر التخطيط الجيد بعد نكسة 67 في عهد الراحل جمال عبدالناصر واتخذت القيادة السياسية قرارا بتحرير الارض وكان على القوات المسلحة دراسة العقبات التي تواجهها في عملية حرب مع العدو كمعركة قادمة وتم وضع 30 بند وهي ساعة ويوم الهجوم والتوارن في المدرعات والقوات الجوية وعبور المانع المائي، تحطيم "خط بارليف " اصعب خط دفعي موجود في العالم في ذلك الوقت وطاقة الدفعات الموجودة في الحرب العالمية الثانية، فوضعت لها لجان علمية وتم عمل بحوث ودراسات فائقة الدقة لتحقيق التغلب علي المشكلات والعوائق وتم تحقيق النصر بسبب وقوف الشعب المصري بجانب قواته المسلحة في هذا الوقت، فلا ننسي جميعنا دور الشعب المصري العظيم.

ولمن لا يعرف من هو البطل محمد أنور السادات، الذي قال عنه الرئيس الأمريكى الأسبق "جيمى كارتر" انه أعظم عالمى عرفته"، وكانت عبارة "هنرى كسنجر" وزير خارجية أمريكا الأشهر بالتاريخ والذى قال عنه "رجل أعاد شرف بلاده بحرب أكتوبر 1973 "، في عبارة تلخص كل الكلام والحديث لسنوات عنه يا سادة رجل أعاد شرف بلاده ذاك الشرف الذي مازالنا نعيش مفتخرين به حتي الآن .

وفي ذكري انتصارات حرب ٦ أكتوبر المجيدة، والتي مر عليها ٤٥ عاما حتي الآن، لا يمكن لأحد ان ينكر دور السادات القائد العظيم "بطل الحرب والسلام" وإلا كان جاحدا وناكرا للجميل، ومشوهًا للتاريخ، الانتصار الذي مازال الجميع يتحدث عنه وهو في نفس الوقت يوم "الشؤم" علي اسرائيل ووصمة العار التي تلاحقهم أينما كانوا واصبحوا حتي الآن، السادات صاحب أصعب فترة رئاسة في التاريخ وأصعب قرار دون تقصير حول مسار البلاد وحال شعبها الي انتصارات وأفراح. 

وليعلم الجميع ان لا أحدًا يجرؤ ان ينكر دور العظيم الرئيس محمد أنور السادات في حرب اكتوبر المجيدة إلا وكان جاحدًا حد الجحود او من ينسبها لغيره باطلًا ممن لم يكن وقتها موجود!!

ولنعلم يا سادة أن فى ستة أيام تم احتلال سيناء، وفِي ست سنوات ظل احتلالها، وفى ست ساعات تم تحقيق النصر وتطهرت أرض الفيروز، فهذه هى مصر وهذا هو جيش مصر، وهذا هو الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" رجل الحرب والسلام، و"النصر" الذي سيظل اسمه خالدًا به طيلة الزمان وكفي!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط