الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د. إيناس الهياتمي تكتب: أنا والحنين

صدى البلد

من أصعب المشاعر التي تسبب الألم والحزن لقلوبنا هي اشتياقنا لأشخاص أو أماكن لها مكانة مميزة في نفوسنا مهما حاولنا نسيانهم إلا أن حبهم بداخلنا يمنعنا فالحنين إليهم لا يمكن أن يختفي لانهم رسموا بداخلنا المعني الحقيقي للحب والصداقة ورسموا معني الوفاء والصدق فقد يغيب البعض عنا ولكنهم حاضرون دوما فى أذهاننا. 

فهل تساءلنا يوما عن سر الحنين ذلك الشعور الذي يطاردنا عندما نزور بيتا قديما شهد أيام طفولتنا أو شبابنا.. تلك الحالة التي نشعر بها بالاطمئنان والدفء عندما نقلب الصور العائلية أو المتعلقات الشخصية.. فالحنين حالة عاطفية نصنعها نحن فى إطار معين وأوقات معينة وأماكن معينة أو يمكن وصفها عملية يتم فيها استرجاع مشاعر عابرة ولحظات سعيدة من الذاكرة وطرد جميع اللحظات السلبية وتقول الاحصائيات أن نسبة 80% من الناس يشعرون بالحنين مرة علي الأقل أسبوعيا. 

ويقول الخبراء والمحللون النفسيون إن الحنين آلية دفاع يستخدمها العقل وذلك لرفع المزاج وتحسين الحالة النفسية لذا فإنها تكثر في حالات الملل أو الشعور بالوحدة أو الإحساس بأن حياته فقدت قيمتها وأصبحت تتغير للأسوأ فيقوم العقل باستدعاء ذكريات الماضي الطيبة بدفئها وعواطفها .. ببساطة فنحن نحب الحنين لأنه يجعلنا نشعر أننا أفضل فمعظمنا يتمني العودة الى الماضي وقد مررنا ونمر دائما بذلك الشعور الذي يكون مختلطا بين الحزن والفرح فكلما زاد رضانا عن واقعنا وحياتنا يقل الشعور ولكنه لا يختفي .

الحنين هو جهاز في أجسامنا يمدنا بالسعادة ولحظات الراحة والطمأنينة ومهما أخذنا منه لا نكتفي ولا يشبعنا فهو شعور يجمعنا ويربطنا بأشخاص لهم مكانة في قلوبنا يعطينا دفعة نحو المستقبل ويحسن من حالاتنا النفسية ويزيد رغبتنا في التواصل الاجتماعي فيجعلنا أكثر أمنا ودفئا إذا لابد أن نثق أن الذكريات الجميلة التي مرت بنا والماضي مبهج فأنسب طريقة للتعامل مع الحنين أن نتذكر الماضي مع حفظ الحاضر فلابد من تذكر ماضينا لنصنع حاضرنا ومستقبلنا فالإنسان لا يمكن ان يمحو الماضي ويعيش حاضره فالماضى جزء من حياتنا تتداخل المشاعر والمواقف فيه لنعيش الحاضر. 

مهما حاولنا النسيان إلا أن الذكريات تبقي محفورة داخلنا تذهبنا لعالم جميل نتذكر فيه أجمل اللحظات حتي وان كانت مؤلمة تبقي لها رونق في القلب فقد تجمعنا الدنيا بأشخاص أو قد نمر بأماكن لا نعتبرها في بداية الأمر مهمة ولكن عند البعد نشعر بقيمتها ومدي تأثيرها فنعيش بذكرياتها التي حفرت داخل أعماقنا فلا يستطيع أي منا أن يمحيها لأنها فرضت نفسها علينا .. وعلى الرغم ما يثيره الحنين من شجون إلا أنه يعيد ذكرياتنا الجميلة وأحيانا الحزينة مع الذين استوطنوا قلوبنا.