الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أسرى «الجرعة»


لا تندهش عندما تُطاردك الأخبار يوميًا علي صفحات الجرائد.. أو تشاهد على إحدى وسائل الإعلام كواليس وفاة حفنة أشخاص إثر حادث أليم أو أثناء سيرهم في حافلة علي الطريق السريع.. ولا تستغرب عندما تسمع عن ضحايا كُثر إثر سقوطهم داخل مصعد بأحد مباني مستشفى أو مؤسسة حكومية أو حتى فندق شهير.. ولا تسأل عن السبب عندما تسمع عن وفاة حالة مرضية بسبب خطأ طبي، أو وجود خطأ لغوي بإحدى الأوراق الرسمية، أو تفاجئ بسؤال يبحث عن إجابة جمع «الأقصر» في إحدى أوراق إجابات الامتحانات.. فهنا الخطر واحد، والمجني عليهم من كل الفئات.. فهم ضحايا الكيف، وأسرى لـ«جرعة قاتلة» وأصبحوا من مدمني المخدرات بحجج واهية تسمي «ظروف الحياة» وضغوطها..

فتش عن الأسباب.. عن وقائع القتل التي أغرقت المجتمع بدمائها.. هنا أب يذبح زوجته وأبنائه في ظروف غامضة.. وهنا شاب يعتدي جنسيًا على والدته.. وهذا عاطل يشرع في قتل والده بهدف سرقة أمواله.. فتش عن السبب حول ارتفاع حالة الطلاق لـ عام 2018 التي وصلت مليون حالة بواقع حالة واحدة كل دقيقتَين ونصف، ووصلت نسبة العنوسة بين الشبان والشابات إلى 15 مليون حالة بحسب إحصاءات مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء.. فتش عن تراجع نسب التعليم وتفشي الأمية، عن أسباب التفكك الأسري .. الخطر واحد ..

شبح المخدرات أصبح يُطاردنا كل لحظة وفي كل مكان.. أشخاص متعاطون مغيبون غير مُدركين لعواقب ما تقترفه أيديهم من كوارث وخيمة، تصل نتائجها المُفجعة في بعض الأحيان إلى حصد أرواح أبرياء من البشر لا حول لهم ولا قوة، ناهيك عن أخطاء أخرى كثيرة لا تغتفر أيضًا.. شبح المخدرات يزاملنا في العمل، يطل علينا برأس الشيطان في مؤسساتنا الحكومية والخاصة، يزاحمنا في حافلات النقل وسيارات الأجرة، ويطاردنا في الأحياء الشعبية وفي المنتزهات وفي مواقف السيرفيس.. يقتحم خصوصياتنا داخل كل منزل وعبر شاشات التلفاز بمصطلحات خارجة وبمشاهد خليعة لا ترتقي ولا تليق بتقاليدنا وعاداتنا.. بل تهدد مستقبل أبنائنا وأجيالنا..

ما الحل؟.. وهل أسرى الجرعة ضحايا أم مُجرمون؟.. أسئلة كثيرة تراود الناس عما إذا كان متعاطي المواد المخدرة هو ضحية لظروف اجتماعية ونفسية ومادية صعبة جعلته يتمادى ويسلك هذا الطريق ويحترف تعاطي هذا الأذى القاتل؟.. أم مجرم هرب بمشكلات إلى عالم المخدرات، وترك نفسه أسيرًا تحت مستنقع الصنف؟.. ورغم أن العقل والقانون لا يعطيان لهؤلاء ثمة ذرة من التعاطف أو المُبرر لأن يكونوا تحت حصار المخدرات، إلا أنه لا بديل عن إيجاد حلولًا سريعة وإجراءات استثنائية لإنهاء هذا الوضع المتفشي والمتغّول في مجتمعاتنا، بل وأصبح حائط قوى وصد أمام العمل والجهد وإحضار الضمير الحي في كل تصرفاتنا الحياتية.

هل نعمّم هذه المبادرة؟.. الإدارة العامة للمرور بوزارة الداخلية بدأت مؤخرًا بخطوات جادة في تطبيق قانون المرور الجديد الذي يحّرم السائق من الحصول على رخصة القيادة إذا كان متعاطيًا للمواد المخدرة خاصة سائقي حافلات المدارس وأصحاب الرخص المهنية حفاظًا على أرواح الناس.. والجميل في هذه الخطوة أن العديد من هؤلاء السائقين أقلعوا فورًا عن التعاطي للحصول على الرخصة، بل ذهب البعض منهم إلى مصحّات ومراكز طبية للعلاج من الإدمان.. وقد حققوا نتائج إيجابية ونجحوا في التغلب علي هذا الإدمان والوصول بنتيجة التحاليل إلى عدم وجود آثار لهذه الآفة داخل أجسامهم.

حان وقت تطهير المؤسسات بإعادة الكشف علي جميع العاملين بها وتفعيل قوانين ولوائح العمل التي تجّرم هذه الآفة.. وحان وقت إجراء الجزاءات والعقوبات القانونية لمتعاطي الصنف، حفاظًا على وحدة وسلامة سير العمل داخل مؤسسات الدولة، وضمان تحقيق الإنجازات المحددة لكل مؤسسة، فعمل بدون عقل حاضر كالحرث في الماء لا يُجدي بنتيجة علي الإطلاق.. إضافة إلى تكثيف الضربات الأمنية الاستباقية علي مروجي الصنف ومحاصرة أوكارها مصادرها داخليًا وخارجيًا لأن تصلح منظومة العمل فعليا.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط