بعد 44 عاما من وفاته لم ينسه شعبه ولا العالم، فبعد كل تلك السنوات اجتمع زعماء القارة السمراء تحت سقف واحد، ليحققوا الحلم الذي طالما سعى الإمبراطور الإثيوبي الراحل هيلا سلاسي من أجله طوال فترة حكمه، هو تحقيق الاستقلال في أفريقيا والدفاع عن حقوق الأفارقة.
ويحتفل الرئيس عبد الفتاح السيسي وقادة أفريقيا بإزاحة الستار عن تمثال الامبراطور الإثيوبي الراحل هيلا سيلاسي، بمقر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا كرمز من الشخصيات المؤثرة في القرن العشرين الذي أحب القارة الأفريقية وعمل على نشر السلم ومحاربة التمييز العنصري في خطابه الأسطوري في عصبة الأمم عام 1936.


ومع الاحتلال الإنجليزي والفرنسي لدول أفريقيا، ساهم هيلاسلاسي في استقلال بلاده بشكل كبير، بل وسعى إلى ضم إريتريا إلى إثيوبيا، ولكنه فشل أمام الاحتلال الإيطالي فهرب إلى بريطانيا، التي أعادته مرة أخرى إلى عرشه بعد تحرير إثيوبيا، ليعلن بعدها ضم إريتريا إلى بلاده.

وألقى خطاب الافتتاح الإمبراطور الإثيوبي وجاء فيه: «لا يمكن أن ينفض هذا المؤتمر دون تبني ميثاق أفريقي موحد، ولا يمكن أن نغادر القاعة من دون إنشاء منظمة أفريقية واحدة، فإذا ما أخفقنا فسوف نكون قد تخلينا عن مسئولياتنا تجاه أفريقيا وشعوبها، أما إذا نجحنا فهنا وهنا فقط سوف نكون قد بررنا وجودنا».
وفي عام 1960، أثناء زيارته أمريكا الجنوبية، اندلعت ثورة ضده واستولى الثوار على مقاليد الحكم، ولكنه عاد للعرش بعد 4 أيام فقط.
حاز الإمبراطور الإثيوبي احترام الرؤساء وتقدير العالم له، وأحبه زعماء أفريقيا عامة ومصر خاصة، ويذكر أنه حضر افتتاح كاتدرائية مارمرقس الجديدة بدير الأنبا رويس، في عهد الزعيم جمال عبد الناصر، وظهر جالسا بجواره حينها، كما أنه زار مصر في عهد الرئيس أنور السادات عام 1973، واستقبله السادات بنفسه في مراسم احتفال ضخمة.
46 عاما قضاها الإمبراطور هيلا سلاسي في مقاليد حكم إثيوبيا، حتى ثار عليه شعبه عام 1974، وأقصوه من منصبه، وتم احتجازه في قصره، وأعلن وفاته بعدها بعام، فرحل عن عمر ناهز الـ83 عاما، وأعلن التليفزيون الرسمي وقتها عن وفاته إثر فشل في الجهاز التنفسي، واعتقد بعض الموالين للنظام الملكي أن الإمبراطور تم اغتياله.
وفي عام 1992، عُثر على رفات الإمبراطور الراحل أسفل أحد مراحيض القصر، وحفظت بكنيسة بآتا مريم منذ ذلك الحين، حتى دُفنت بجوار بقية أفراد عائلته في كاتدرائية الثالوث، ويعتقد أنه حدثت مذبحة للعائلة المالكة لأن العثور على رفات إمبراطور سابق في هذا المكان يدل على أن هناك جريمة ما لم يتم التحقيق فيها.
وفي عام 2000، بعد مرور 25 عاما من وفاته، أُقيمت جنازة له على الطراز الإمبراطوري في أديس أبابا، وتمت مراسم الدفن في كاتدرائية الثالوث المقدس، وارتدى القساوسة ثيابهم الفارهة، بينما اصطف قدامى المحاربين داخل الكاتدرائية وقد ارتدوا قبعات تزينها شعور الأسود، وحضر المراسم آلاف أقل من المتوقع.